بارك الله بكِ أختى الاثرية.
موضوع مهم جداً,نسال الله أن ينفعنا به.
و قال أبن القيِّم رحمه الله: "جعل الله مراتب الدعوة بحسب مراتب الخلق، فالمستجيب القابل الذكي الذي لا يعاند الحق ولا يأباه يدعي بطريق الحكمة، والقابل الذي عنده غفلة وتأخر ويدعى بالموعظة الحسنة، وهي الأمر والنهي المقرون بالترغيب والترهيب، والمعاند الجاحد يجادل بالتي هي أحسن". أهـ. [مفتاح دار السعادة].
إنّ مجالات الدعوةِ إلى الله كثيرةٌ ومتنوعةٌ، وأساليبُها وطرقها متعددة: ومن ذلك مجال التعليم عموماً في المدرسة والجامعة والمسجد، وغير ذلك.
ومنها الدوائر والأعمال الوظيفية.
ولا ريب أنّ الدعوة إلى الله في وقتنا الحاضر من أهم المطالب وأعظم المقاصد ونحن بحاجة ماسّة بل فيِ ضرورةٍ ملحّه إلى إصلاح الأوضاع ودعوة الناس إلى العقيدة الصحيحة والوعي الشامل الكامل لأحكام هذا الدين.
إنّ الدعوة إلى الله عز وجل من أفضل الأعمال وأجلِّها وأحسنها وأزكاها، وكيف لا تكون كذلك وقد قال سبحانه: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ).
قال ابن جرير رحمه الله: "يقول تعالى ذكره: ومن أحسن أيها الناس ممن قال ربنا الله، ثم استقام على الإيمان به والانتهاء إلى أمره ونهيه، ودعا عباد الله إلى ما قال، وعمل به من ذلك .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "من دلَّ على خيرٍ فله مثل أجر فاعله". [رواة مسلم].
وقال صلى الله عليه وسلم: "من دعاء إلى هدى كان له من الأجر مثلُ أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثلُ آثام مَنْ تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً".
وفي حديث سهل بن سعد المنتفق عليه أنه صلى الله عليه وسلم قال لعلي: "فو الله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حُمْر النعّمَ".
فلا بدَّ لكل مسلم غيور أن يتصدى لهذا الأمر العظيم بحسب وسعه (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا) فالغني بماله يبذله للدعوة والدعاة، ولمشاريع الخير الإصلاح، والمتعلَّم بعلمه ونصحه وإرشاده، فكلٌ منا على ثغرة. فالمدرس في مدرسته، والطالب مع زملائه، والموظف مع إخوانه، وإمام المسجد مع جماعته، والشاب مع أهل حَيِّه وأسرته.
ومن أهمِّ الصفاتِ وأعظمِها، وأدلها وأكبِرها للدعوة فى سبيل الله: الإخلاص لله عز وجل، فيكون مقصودة وهدفُهُ إظهار دين الله، وإعلاءُ كلمة الله، ونفع المدعوين وهدايتهم إلى الخير، وهذا مستفاد من قوله سبحانه: (قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله عن هذه الآية: "فيها التنبيه على الإخلاص، لأنّ كثيراً لو دعا إلى الحق فهو يدعو إلى نفسه".
يعني أنه يريد الظهور والمدح من الناس وهذا ينافي الإخلاص. والله المستعان.
ثمّ أفضل الصلاة والسلام على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة؛ محمد بن عبد الله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً).