الفقه الميسر, طريق العبادة

مما قد فاتنا أيضا تطهير موضع النجاسة..

كنا قد ذكرنا أنواع النجاسات والآن مع كيفية تطهير مواضع النجاسات..

أولا:- هل يصح استعمال غير الماء في إزالة النجاسات؟

نعم يصح استعمال غير الماء في إزالة النجاسات سواء كان الصابون مثلا أو غيره من الطاهرات وإن كان جمهور العلماء علي تعين الماء في إزالة النجاسات ولكن هذا تقيد ليس عليه دليل وهناك من الأدلة ما يرده وهو حديث النعل حيث أن النبي صرح بأن التراب يطهره وإن كان الماء واجبا في إزالة النجاسة لأمر النبي به.

ثانيا: إذا تحولت النجاسة إلي شئ آخر هل تطهر أم لا مثلا كتحول الميتة والعذرة إلي تراب؟

نعم إذا تحولت النجاسة إلي شئ طاهر فقد طهرت قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (( الأظهر طهارة النجاسة بالاستحالة (التحول) وهو مذهب أبي حنيفة وأحد القولين عن أحمد ومالك))

ثالثا: كيفية تطهير أنواع النجاسات المختلفة؟

أولا:- تطهير دم الحيض:
يكون بالحك لإزالة عين النجاسة ثم الغسل لما رواه البخاري ومسلم عن أسماء بنت أبي بكر قالت: جاءت امرأت إلي النبي فقالت: إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيضة كيف تصنع؟ فقال: (( تحته ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه ثم تصلي فيه )).
وبقاء الأثر بعد التطهير لايضر.

ثانيا:- تطهير الإناء من ولوغ الكلب:
وهذا يكون بغسل الإناء سبع مرات وتكون أول مرة بالتراب لما رواه مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله قال: (( طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب))

ثالثا:- تطهير النعل:
بأن يحكه بالأرض أي بالتراب لما رواه أبوداود عن أبي هريرة أن النبي قال: (( إذا وطئ أحدكم الأذي فإن التراب له طهور ))

رابعا:- تطهير ذيل ثوب المرأة:
لأنه من المفروض علي النساء أنهن يطلن ثيابهن حتي لا يتكشفن ولكن لا حول ولا قوة إلا بالله.
وتطهير ذيل الثوب من النجاسة التي تعلق به نتيجة السير في الطريق ما عليها إلا أن تسير في مكان طاهر وبهذا يتطهر الثوب
لما رواه الترمذي عن أم سلمة أن امرأة قالت لها: إني أطيل ذيلي وأمشي في المكان القذر؟ فقالت لها: قال رسول الله: (( يطهره ما بعده )).

خامسا:- تطهير الأرض:
إذا كانت النجاسة مائعة فيراق عليها الماء أما إن كانت من غير المائعات مما يتماسك فيجب إزالة عين النجاسة ثم إراقه الماء علي الموضوع لما رواه البخاري عن أبي هريرة قال: قام أعرابي فبال فب المسجد فقام الناس ليقعوا به فقال النبي: (( دعوه وأريقوا علي بوله سجلا من ماء أو ذنوبا من ماء فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين))
وإذا جفت الأرض من النجاسة المائعة طهرت لما روي بسند صحيح عن أبي قلابة قال: إذا جفت الأرض فقد زكت أي طهرت وروي ذلك عن جماعة من أهل العلم.

سادسا:- تطهير الأطعمة إذا لحقت بها النجاسة:
والأطعمة علي نوعين إما جامدة وإما سائلة فالسائلة إذا لحقت بها النجاسة فغيرت من أوصافها فقد تنجست وروي ذلك عن ابن عباس وابن مسعود أما الجامدة فتلقى النجاسة وما حولها من الطعام فقط وذلك لما رواه البخاري عن ابن عباس عن ميمونة أن رسول الله سئل عن فأرة سقطت في سمن فقال: (( ألقوها وما حولها فاطرحوه وكلوا سمنكم )) هذا إذا ماتت فيه.

مما قد فاتنا أيضا الكلام عن الآنية...

- فالآنية كلها حلال استعمالها إلا الذهب والفضة في الأكل والشرب لايجوز استعمالها وفيما عدا ذلك يجوز لعدم نهوض دليل بعدم الجواز في غير الأكل والشرب

أما دليل عدم جواز الأكل والشرب فيها ما رواه البخاري ومسلم عن حذيفة قال: سمعت رسول الله يقول: (( لا تلبسوا الحرير ولا الديباج ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافهما فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة ))

فالحديث تكلم عن حرمة الأكل والشرب فقط ولم يتكلم عن باقي الاستعمالات ولكن جمهور العلماء علي حرمة استعمال آنية الذهب والفضة سواء في الأكل والشرب أو في غيرهما ولكن الراجح جواز استعمال آنية الذهب والفضة فيما عدا الأكل والشرب وهذا رجحه الشوكاني و الصنعاني وابن العثيمين عليهم رحمة الله جميعا..

- والآنية المصنوعة من الأحجار النفيثة وغيرها جائز استعمالها لأنه لا يقوم دليل علي ذلك.

- ويجوز استعمال الآنية المضببة بالفضة لما رواه البخاري عن أنس قال: أن قدح النبي انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة.

- ويجوز استعمال آنية الكفار ولكن الأولي تركها إن وجد غيرها وإن لم يوجد غيرها تغسل ثم تستعمل

لما رواه البخاري ومسلم عن أبي ثعلبة الخشني قال: قلت يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم قال: (( إن وجدتهم غيرها فلا تأكلوا فيها وإن لم تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها ))..

مما قد فاتنا أيضا ذكر آداب قضاء الحاجة....

من هذه الآداب:-

1- أن يقال عند دخول الخلاء بسم الله ، اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث
لما رواه الحافظ ابن حجر علي شرط مسلم عن أنس قال: كان رسول الله إذا دخل الخلاء قال: (( إذا دخلتم فقولوا بسم الله أعوذ بالله من الخبث والخبائث )) ويقدم رجله اليسرى في الدخول لأن اليسرى للأذى.

2-ويقول عند الخروج غفرانك
لما رواه ابن ماجة عن عائشة قالت: (( كان رسول الله إذا خرج من الخلاء قال: غفرانك )).

3- لا يأخذ معه ما فيه ذكر الله عز وجل
وذلك تنزيه له ولأن أخذه في مثل هذه الأماكن يعتبر من المهاتة لها إلا إذا خاف ضياعها فلا بأس في هذه الحالة

4- لا يتكلم بكلام فيه ذكر لله عز وجل
وذلك لما رواه ابن ماجة عن جابر بن عبدالله أن رجلا مر علي النبي وهو يبول فسلم عليه فقال رسول الله: (( إذا رأيتني علي مثل هذه الحالة فلا تسلك علي فإنك إذا فعلت ذلك لم أرد عليك ))
وقد ذهب بعض أهل العلم إلي منع الكلام مطلقا ولكن الصواب منع الكلام الذي فيه ذكر الله لأن الأدلة مدارها علي الكلام الذي فيه ذكر لله عز وجل.

5-أن يستتر عن أعين الناس
لما رواه ابن ماجة عن جابر بن عبدالله قال: (( خرجنا مع النبي في سفر فكان لا يأتي البراز حتي يغيب فلا يرى ))
وهذا دل علي الاستتار عن أعين الناس سواء بالبعد عن الأعين أوأخذ السترة.

نكمل بعون الله

6- أن لا يرفع ثوبه حتي يدنو من الأرض لما رواه أبوداود عن ابن عمر أن النبي كان إذا أراد الحاجة لا يرفع ثوبه حتي يدنو من الأرض.

7- ألا يستقبل القبلة ولا يستدبرها بغائط ولا بول إلا إذا كان بينه وبين القبلة شئ
والنهي عن الاستقبال لما رواه مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله قال: (( إذا جلس أحدكم لحاجته فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها )).
ودليل الجواز إذا كان بينك وبينها شئ أو حائل ما لما رواه أبوداود عن مروان الأصفر قال: رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة ثم جلس فبال إليها ، فقلت: يا أبا عبدالرحمن أليس قد نهي عن هذا؟ قال: إنما نهي عنه في الفضاء ، فإذا كان بينك وبين القبلة شئ يسترك فلا بأس.

8- أن يستنزه من بوله ويرتاد لنفسه موضعا رخوا حتي يأمن البول
ودليل الاستنزاه ما رواه البخاري عن ابن عباس قال: مر النبي بحائط من حيطان المدينة فسمع صوت إنسانين يعذبان في قبورهما ، فقال: (( يعذبان وما يعذبان في كبير )) ثم قال: (( بلى كان أحدهما لا يستنزه من بوله وكان الآخر يمشي بالنميمة )).

9- أن لا يقضي حاجته في طريق الناس وظلهم لما رواه مسلم عن أبي هريرة أن النبي قال: (( اتقوا اللاعنين ))، قالوا: وما اللاعنان يا رسول الله ، قال: (( الذي يتخلى في طريق الناس وظلهم))

10- أن لا يبول في الماء الراكد:-
لما رواه مسلم عن جابر عن النبي أنه نهى أن يبال في الماء الراكد.

11- أن لا يبول في مستحمه ثم يتوضأ فيه:-
لما رواه الترمذي عن عبدالله بن مغفل عن النبي قال: (( لا يبولن أحدكم في مستحمه ثم يتوضأ فيه فإن عامة الوسواس منه )).

12- أن يبول جالسا وهذا أفضل وإن بال قائما فلا بأس إن أمن رشاش البول:-
لما رواه الترمذي عن عائشة قالت: (( من حدثكم أن رسول الله بال قائما فلا تصدقوه ما كان يبول إلا جالسا ))
هذا يدل علي استحباب البول جالسا

ولكن هناك ما يدل علي جواز البول قائما لما رواه البخاري ومسلم عن حذيفة أن النبي انتهى إلي سباطة قوم فبال قائما.

13- الاستنجاء وإزالة ما علي السبيلين من النجاسة:-
لما رواه البخاري ومسلم عن أنس قال: كان رسول الله يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة من ماء وعنزة فيستنجي بالماء.

14- ألا تقل عدد المساحات عن ثلاث مرات:-
لما رواه أحمد عن جابر أن رسول الله قال: (( إذا استجمر أحدكم فليستجمر ثلاثا )).

15- إذا لم تكف الثلاث مساحات فليكن المسح وترا:-
لما رواه مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله قال: (( إذا استجمر أحدكم فليوتر ))

16- ألآ يستنجي برجيع ولا بعظم ولا بطعام ولا بأي شئ يحترم:-
لما رواه البخاري عن عبد بن يزيد قال: قيل لسلمان علمكم نبيكم كل شئ حتي الخراءة فقال سلمان: أجل نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول أو أن نستنجي باليمين أو يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار أو أن يستنجى برجيع أو بعظم

17- ألا يستنجى باليمين :-
لما روي في الفقرة السادسة عشر السابقة ولما رواه البخاري ومسلم عن أبي قتادة عن رسول الله قال: (( ولا يمسن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول ))

سنن الفطرة

روى البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: (( خمس من الفطرة : الاستحداد والختان وقص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظفار ))

وروى مسلم عن عائشة قالت: قال رسول الله: (( عشر من الفطرة : قص الشارب وإعفاء اللحية والسواك واستنشاق الماء وقص الأظفار وغسل البراجم ونتف الإبط وحلق العانة وانتقاص الماء - أي الاستنجاء - وقال راوي الحديث ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة ))

1- قص الشارب:-

روى أحمد عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله: (( من لم يأخذ من شاربه فليس منا ))

وروى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: (( جزوا الشوارب وارخو اللحى خالفوا المجوس )) .

قال النووي: (( المراد أنه يقص حتى يبدو طرف الشفة ولا يحفيه من أصله وقال: أما رواية (( احفوا الشوارب)) فمعناها: احفوا ما طال عن الشفتين )).

2- إعفاء اللحية:-

روى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: (( جزوا الشوارب وارخو اللحى خالفوا المجوس )) .

والأمر هنا علي الوجوب إذا لا يوجد صارف يصرفه عن ذلك وعدم وجود أي دليل يصرفه إلي الاستحباب فتنبهوا ولا تستمعوا للمضللين.

3- السواك:-

روى أحمد عن عائشة قالت : قال رسول الله: (( السواك مطهرة للفم مرضاة للرب )).
فارضوا ربكم بعود أراك.

4- قص الأظفار:-

فهي من السنن للحديث المتقدم في البداية وهو حديث العشر ولكن يكره أن تترك أكثر من أربعين ليلة لما رواه مسلم عن أنس بن مالك قال: (( وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا تترك أكثر من أربعين ليلة )).

5- نتف الإبط:-

وهو سنة قال النووي : (( الأفضل فيه النتف إن قوي عليه ويحصل أيضا بالحلق )).

6- حلق العانة:-

ويطلق عليه الاستحداد وهو سنة .
والعانة هي عبارة عن الشعر فوق فرج الرجل والمرأة وما حواليه والسنة فيه الحلق ولكن إن أزيل بمزيل ونحوه جاز.

7- غسل البراجم:-

يستحب غسل رءوس الأصابع تكميلاً لنظافتها، وحمل بعض العلماء حديث عائشة رضي الله عنها في غسل البراجم أن المراد به: غسل رءوس الأصابع،

ويحتمل أن البراجم هي هذه العقد التي في الأصبع. كما قال الإمام الخطابي رحمه الله: البراجم: العقد التي في رءوس الأصابع، والرواجب: ما بين البراجم؛

لأنه ربما تجتمع الفضلات فيها أحياناً، وغسل البراجم سنة مستقلة وليست بواجبة. والحديث الذي جاء في غسل البراجم وأنه من خصال الفطرة، أخذ منه

بعض العلماء استحباب غسل التعرجات التي تظهر عند فرد الأصابع، وألحقوا بذلك ما يجتمع من الوسخ في معاطف الأذن وقعر الصماخ، فيزيله بالمسح ونحوه.

8- الاستنجاء:-

لما رواه النسائي عن عائشة قالت: قال رسول الله: (( إذا ذهب أحدكم إلي الغائط فليستطب بثلاثة أحجار فإنها تجزئ عنه )).

ولما رواه البخاري عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة بها ماء وعنزة فيستنجي بالماء.

9- المضمضة والاستنشاق:-

هي علي خلاف بين أهل العلم ولكن الراجح الوجوب لما رواه البخاري عن أبي هريرة عن النبي : (( إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينتثر )).

ولما رواه أحمد عن لقيط بن صبرة أن النبي قال: (( وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما )).

10- الختان:-

هو من الشريعة وهو للرجال والنساء لما رواه مسلم أن النبي قال: (( إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل )) ، وقال بمشروعيته الأئمة الأربعة وكل من نعرف من أهل العلم ولكن جاءت الحملة المسعورة عليه و خاصة ختان الإناث ولكن هيهات لهم ، المهم أنه مشروع وهو واجب في حق الرجال ومكرمة أو سنة في حق النساء.

كنا قد تكلمنا في المشاركات الأولى لهذا الموضوع عن الوضوء فيرجى الرجوع له لمعرفة كيفيته وفرائضه وسننه ونواقضه ، ولكن الآن يوجد سؤال يطرح نفسه بخصوص الوضوء وهو ما هي العبادات التي يجب فيها الوضوء و ما هي العبادات التي يستحب لها الوضوء؟ نجيب علي هذا السؤال في السطور التالية.

أولا: ما يجب له الوضوء:-

1- الصلاة:-
لقوله تعالى (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )).

ولما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: (( لا يقبل الله صلاة أحد إذا أحدث حتى يتوضأ )).

2-الطواف بالبيت الحرام:-
لما رواه النسائي بسند صحيح عن النبي أنه قال: (( إنما الطواف بالبيت صلاة فإذا طقتم فأقلوا الكلام ))
فالحديث جعل الطواف بالبيت صلاة والصلاة يجب لها الوضوء فكذلك الطواف ولكن الفارق أنه في الطواف أبيح الكلام.

ثانيا: ما يستحب له الوضوء:-

1- تجديد الوضوء عند كل صلاة:-
لما رواه البخاري عن أنس بن مالك قال: (( كان النبي يتوضأ عند كل صلاة )).

2- الوضوء لذكر الله - جل وعلا -:-
وهذا يستحب ولا يجب بل يجوز لمن لم يكن علي طهارة أن يذكر الله عز وجل ولكن تستحب الطهارة لما رواه ابن ماجة بسند صحيح عن المهاجر بن قنفذ أنه سلم علي النبي فلم يرد عليه حتى فرغ من وضوئه فرد عليه وقال: (( إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كرهت أن أذكر الله إلا علي طهارة )).

3- الوضوء للدعاء:-
لما رواه أحمد بسند صحيح عن علي بن أبي طالب أن رسول الله قال: (( ائتوني بوضوء )) فلما توضأ قام فاستقبل القبلة ثم كبر ثم قال: (( أبي إبراهيم كان عبدك وخليلك وعاك لأهل مكة وأنا محمد عبدك ورسولك وأدعوك لأهل المدينة أن تبارك لهم في مدهم وصاعهم مثل ما باركت لأهل مكة مع البركة بركتين )).

الشاهد أن النبي توضأ قبل أن يدعو وكل (( وضوء )) بفتح الواو وضم الضاد لأنها تعني الماء المستعمل في الوضوء.

نكمل في المرة القادمة ما يستحب له الوضوء

4- الوضوء عند النوم:-


لما رواه البخاري ومسلم عن البراء بن عازب قال: قال النبي: (( إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع علي شقك الأيمن .... إلي آخر الحديث ))


[/size]


5- الوضوء للجنب:-


يستحب للجنب إذا أراد النوم أو الأكل أو الشرب أن يتوضأ لما رواه مسلم عن عمر أنه قال: يا رسول الله أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: (( نعم إذا توضأ )).


ولما رواه مسلم عن عائشة قالت (( كان النبي إذا كان جنبا فأراد أن يأكل أو أن ينام يتوضأ )) وكذلك إذا أراد أن يعاود الجماع يتوضأ لما رواه ابن حبان عن أبي سعيد الخدري أن النبي قال: (( إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ )).




6- الوضوء مما مست النار:-


يستحب الوضوء مما مست النار وليس بواجب لما رواه مسلم عن عائشة قالت: قال النبي (( توضئوا مما مست النار )) وهذا أمر علي سبيل الوجوب ومن المعلوم أن الأمر لا يتحول من الوجوب إلى الاستحباب إلا إذا وجدت قرينة لذلك فالقرينة هنا ما رواه أبوداود عن جابر بن عبدالله قال: (( كان آخر الأمرين من رسول الله ترك الوضوء مما مست النار )) فعلى هذا يكون الوضوء مما مست النار علي الاستحباب وليس علي الوجوب.




7- الوضوء بعد أي حدث حتى ولو لم يرد الصلاة :-


لما رواه ابن ماجة عن ثوبان قال: قال رسول الله: (( استقيموا ولن تحصوا واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ولن يحافظ علي الوضوء إلا مؤمن )).




[size="4"]8- الوضوء من حمل الميت :-


لما رواه الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: (( من غسل ميتا فليغتسل ومن حمله فليتوضأ )).


ولكن الأمر هنا على سبيل الاستحباب لوجود قرينة تصرف هذا الوجوب ما رواه الحاكم عن ابن عباس قال: قال رسول الله: (( ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه فإن ميتكم ليس بنجس فحسبكم أن تغسلوا أيديكم ))

بارك الله لنا في الإخوة جميعا ورزقنا الله العلم والعمل به

المسح على الخفين

مشرو عيته

مشروع لما رواه البخاري ومسلم عن جرير بن عبد الله أنه بال ثم توضأ ومسح على الخفين فقيل له: تفعل هكذا؟ قال: نعم رأيت رسول الله بال ثم توضأ ومسح على خفيه .

جواز المسح على الجوربين والنعلين والفائف

لما رواه الترمذي عن المغيرة بن شعبة (( أن رسول الله توضأ ومسح على الجوربين والنعلين )).

ولما رواه أبوداود عن ثوبان قال: (( بعث رسول الله سرية فأصابهم البرد فلما قدموا على النبي شكوا إليه ما أصابهم من البرد فأمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين ))

والعصائب هي العمائم على الرأس والتساخين هي كل ما يسخن به القدم من جورب وخف ولفائف ونحوهم.

شروط المسح

1- أن يكون الخف أو نحوه لبس على طهارة كاملة لما رواه البخاري عن المغيرة بن شعبة قال: (( كنت مع النبي ذات ليلة في مسير فأفرغت عليه من الإداوة

فغسل وجهه وذراعيه ومسح رأسه ثم أهويت لأنزع خفيه فقال: (( دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين )) فمسح عليهما )).

2- أن يكون الجلد أو المادة المصنوع منها الخف من مادة طاهرة وليست كجلد كلب أو خنزير.

كيفية المسح

المسح يكون على ظهر الخف أو النعل ولا يكون على بطنه وذلك بأن يبل يده ويمسح أعلى الخف ولا يشترط أن يمسح الظهر كله بل إن مسح بعضه أجزأه

لما رواه أبو داود عن على بن أبي طالب قال: (( لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه لقد رأيت رسول الله يمسح على ظاهر خفيه ))

مدة المسح

المقيم غير المسافر تكون مدة المسح له يوم وليلة والمسافر غير المقيم يمسح ثلاث أيام ولياليهن

لما رواه مسلم عن شريح بن هانئ قال: سألت عائشة عن المسح على الخفين فقالت: سل عليا فإنه أعلم بهذا من كان يسافر مع رسول الله فسألته

فقال: قال رسول الله: (( المسافر ثلاثة أيام ولياليهن والمقيم يوم وليلة ))

وتبدأ مدة المسح من بداية المسح على الخفين بعد الحدث مثلا إذا أحدث شخص وأراد أن يتوضأ وكان قد لبس الخف على طهارة كاملة فإن مدة المسح

تحتسب من بداية مسحه على الخف بعد الحدث.

وإذا انتهت مدة المسح وكان على طهارة أو وضوء لا تنتقض طهارته بانقضاء المدة.

ما يبطل المسح

يبطل المسح بسبب الجنابة لما رواه الترمذي من حديث صفوان بن عسال قال: (( أمرنا - يعني النبي - أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوم وليلة للمقيم إلا من جنابة ))

التيمم

لغة: هو القصد.
شرعا: هو القصد إلى الصعيد لمسح الوجه واليدين بنية استباحة الصلاة ونحوها.

مشروعيته:-
قال تعالى: (( فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ )).
ولما رواه البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله قال: (( أعطيت خمسا لم يعطهن حد قبلي نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته صلاته فليصل وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي وأعطيت الشفاعة وكان النبي يبعث في قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة ))
الشاهد قول النبي (( وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته صلاته فليصل )) فهذا دليل على مشروعية التيمم
وقد أجمعت الأمة على مشروعيته.

الحالات التي تبيح التيمم:
1- انعدام الماء:
وذلك لما رواه البخاري و مسلم عن عمران بن حصين قال: كنا مع رسول الله في سفر فصلى بالناس فإذا هو برجل معتزل فقال: (( ما منعك أن تصلي؟ )) قال: أصابتني جنابة ولا ماء قال: (( عليك بالصعيد فإنه يكفيك )) وهذا يعد دليل أيضا على مشروعية التيمم

2- المرض أو الجراح:
بمعنى كمن كان مريضا مرضا إذا اغتسل ازداد مرضه فهذا يباح له التيمم وكذلك من جرح جرحا في مكان من جسده يصعب معه الغسل لأنه يزداد سوءا ويؤخر شفاءه وذلك لقوله تعالى: (( وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ))
ولما رواه أبو داود عن جابر قال: خرجنا في سفر فأصاب رجل منا حجرا فشجه في رأسه ثم احتلم قال لأصحابه هل تجدون لي رخصة في التيمم فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت قادر على الماء فاغتسل فمات فلما قدمنا على رسول الله أخبر بذلك فقال: (( قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذا لم يعلموا؟ فإنما شفاء العي السؤال إنما كان يكفيه أن يتيمم )) وهذا الحديث فيه ضعف ولكنه يتقوى بمجموع طرقه.

3- إذا وجد الماء ولكنه شديد البرودة ويعجز المرء عن تسخينه:
شدة البرودة تحدد على حسب قدرة الشخص على تحملها دون الإصابة بضرر فإن خاف الضرر من استعمالها تركها وتيمم وذلك لما رواه أحمد عن عمرو بن العاص أنه لما بعث في غزوة ذات السلاسل قال: احتلمت في ليلة شديد البرودة فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح فلما قدمنا على رسول الله ذكروا ذلك له فقال: (( يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟ )) فقلت: ذكرت قول الله تعالى (( وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً )) فتيممت ثم صليت فضحك رسول الله ولم يقل شيئا.

4- إذا وجد الماء وعجز عن استخدامه لأي سبب مثلا كمن يخاف ضياع راحلته أو فوت رفقته أو حال بينه وبين الماء عدو أو أي شئ يحول بينه وبين الماء تيمم وترك الماء لقوله تعالى: (( فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً )) والمقصود ماء ومقدورا عليه ولقوله تعالى : (( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ )).

شروط التيمم:
1- وجود المانع من استخدام الماء.

2- دخول وقت الصلاة
لما رواه أحمد عن أبي أمامة أن رسول الله قال: (( جعلت الأرض كلها لي ولأمتي مسجدا وطهورا فأيما أدركت رجلا من أمتي الصلاة فعنده مسجده وعنده طهوره )) وهذا الحديث المقصود به من دخل عليه وقت الصلاة وكان على غير طهارة أما من كان على طهارة سابقة بالتيمم فله أن يصلي دون أن يعيد التيمم ما دام لم يأت بناقض له..

3- توافر الصعيد الطيب:
والصعيد الطيب هو كل ما كان على وجه الأرض من تراب ورمال .

صفة التيمم:
ينوي أولا التيمم ثم بعد ذلك يضرب يده بالصعيد الطيب ثم ينفخ فيها ثم يمسح بهما وجهه وكفيه إلى الرسغ
وذلك لما رواه البخاري ومسلم عن عمار بن ياسر قال: أجنبت فلم أصب الماء فتمعكت ( أي تقلب ) في الصعيد و صليت فذكرت ذلك للنبي فقال: (( إنما يكفيك هكذا وضرب النبي بكفيه الأرض ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه ))

نواقض التيمم:
ينتقض التيمم كما ينتقض الوضوء ويزيد عليه توافر الماء بمعنى أنه إذا توافر الماء بطل التيمم ووجب على صاحب الوضوء أو الغسل حسب حالته
وذلك لما رواه الترمذي عن أبي ذر قال: قال رسول الله: (( الصعيد الطيب وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين فإذا وجده فليتق الله ولمسه بشرته ( أي يستعمله ) ))

وبمناسبة ذكر التيمم وقبله الوضوء نذكر حالة فاقد الطهورين:
وهذه الحالة تكون إذا انعدم الماء و الصعيد الطيب عن الإنسان لأي سبب كان ففي هذه الحالة يصلي الإنسان الفريضة في وقتها على حالته ولا إعادة عليه وهذا رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -
وذلك لما رواه البخاري ومسلم عن عائشة أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت ( أي فقدت ) فبعث رسول الله رجالا في طلبها فوجدوها فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء فصلا بغير وضوء فلما أتوا رسول الله شكوا ذلك إليه فأنزل الله عز وجل آية التيمم

وبهذا نكون قد أنهينا كتاب الطهارة ولم يتبق منه إلا الكلام على الحيض والنفاس ورأيت أن يكون ذلك من إحدى الأخوات ويكون في الركن المحمي أفضل من كونه هنا.

نكمل ما تقدم من فقه الصلاة وكنا قد تكلمنا عن الصلاة بشكل عام وذكرنا شروطها وكيفيتها و مبطلاتها ومباحاتها والمنهيات فيها ثم شرعنا بعد ذلك في الكلام عن صلاة الجماعة وتكلمنا عن فضل صلاة الجماعة وحكمها وتسوية الصفوف وموقف الإمام والآن نكمل ما قد بدأنه:

سنتكلم عن صلاة المنفرد خلف الصف:

روى أحمد بسند صحيح عن النبي أنه قال: (( لا صلاة لمنفرد خلف الصف ))
وروى ابن ماجة عن واصبة بن معبد أن رسول الله (( رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد صلاته ))

فمن خلال هذه الأحاديث يتبين أن من صلى خلف الصف بطلت صلاته وذلك لأمر النبي للرجل بأن يعيد صلاته فلو كانت صحيحة فلما أمره النبي بالإعادة وهذا يكون في حق من جاء ووجد مكانا في الصف فتركه وصلى خلفه منفردا أما من جاء إلى المسجد ولم يجد فرجة في الصف يقف فيها فيصلي خلف الصف منفردا ولا شئ عليه لقوله تعالى (( فاتقوا الله ما استطعتم )).

موضع الإمام والمأموم:

أولا: إذا كان الإمام والمأموم في المسجد:
فإن المأموم يأتم بالإمام سواء رآه أو رآى من خلفه أو سمع الإمام أو من يبلغ عنه حتى ولو كانت المسافة بينه وبين الإمام بعيدة بشرط أن يسمع تكبيرات الإمام أو المبلغ عنه وأن تكون الصفوف متصلة بمعنى أن تكون متقاربة فمثلا لو امتلأ المسجد بالمصلين ولم يعد ثمت مكان فيه فإنهم يصلون خارجه مع التقارب مع آخر صف من المسجد قدر الإمكان.

ثانيا: أن يكون الإمام بمفرده بمكان مرتفع عن المأموم:
وذلك لما رواه الترمذي أن حذيفة أم الناس بالمدائن على دكان ( أي مكان مرتفع ) فأخذ أبو مسعود بقمصه فجذبه فلما فرغ من صلاته قال : ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك؟ قال: بلى قد ذكرت حين مددتني.

ولكن إن كان من التعليم فإنه يجوز لما رواه البخاري ومسلم عن سهل بن سعد قال: (( لقد رأيت رسول الله قام عليه - يعني المنبر - فكبر وكبر الناس وراءه ثم ركع وهو على المنبر ثم رفع فنزل القهقري حتى سجد في أصل المنبر ثم عاد حتى فرغ من آخر صلاته ثم أقبل على الناس فقال: (( أيها الناس إنما فعلت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي )).

ثالثا: إذا كان الإمام ومعه جماعة من المأمومين في مكان أعلى من بقية المأمومين فلا بأس بذلك لأنه لم ينفرد بمكان وإذا كان الإمام في مكان أسفل من المأمومين ومعه جماعة فلا بأس بذلك.

رابعا: إذا كان بين الإمام والمأموم حائل:
يصلي ولا بأس مادام يسمع الإمام أو يسمع من يبلغ عنه لما روه أحمد عن عائشة قالت: (( كان لنا حصيرة نبسطها بالنهار ونحتجز بها بالليل فصلى فيها رسول الله ذات ليلة فسمع المسلمون قراءته فصلوا بصلاته )) ففي الحديث دلالة على أن الحائل غير مانع من صحة الصلاة.

جزاكم الله خيرا على مروركم الطيب

ونكمل مع

أحكام الإمامة:

فللإمامة شروط يجب أن تتوافر في الإمام هي:
1- أن يكون الأقرأ أي الأكثر حفظا لما رواه الطبراني عن عمرو بن سلمة عن النبي قال: (( ليؤمكم أكثركم قرآنا ))
2- فإن كانوا متساوين في القراءة فيؤم الناس أعلمهم بالسنة يعني أفقههم.
3- فإن استووا فالأقدم هجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام.
4- فإن استووا فالأسبق إلى الإسلام .
5- فإن استووا فالأكبر سنا.

وذلك لما رواه مسلم عن عقبة بن عمرو قال: قال رسول الله: (( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإكانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنا ))

- من تصح إمامته:
* تصح إمامة الصبي إذا كان أكثر القوم قرآنا لما رواه البخاري أن عمرو بن سلمة الجرمي أم قومه لأنه كان أكثرهم قرآنا وكان عمره ست أو سبع سنين.
* تصح إمامة المسافر للمقيم لما رواه أحمد عن عمران بن حصين قال: (( ما سافر رسول الله سفرا إلا صلى ركعتين حتى يرجع وإنه أقام بمكة زمن القتح ثمان عشرة ليلة يصلي بالناس ركعتين ركعتين إلا المغرب ثم يقول: ( يا أهل مكة قوموا فصلوا ركعتين أخريين فإنا قوم سفر) )).
* وتصح إمامة المقيم للمسافر لما رواه أحمد عن موسى بن سلمة قال: (( كنا مع ابن عباس بمكة فقلت: إنا إذا كنا معكم صلينا أربعا ، وإذا رجعنا إلى رجالنا صلينا ركعتين قال: تلك سنة أبي القاسم )).
* وتصح إمامة المتيمم للمتوضي والمتوضي للمتيمم لما ثبت أن عمرو بن العاص أم الناس وهو متيمم في غزوة ذات السلاسل وأقره النبي على ذلك.
* وتصح إمامة الأعمى لما رواه البخاري أن عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو رجل ضرير في عهد رسول الله
ولما رواه أحمد أن النبي استخلف ابن أم مكتوم على المدينة فصلى بهم وهو أعمى.
* تصح إمامة المفترض للمتنفل لما رواه أبو داود (( أن النبي صلى ، فلما صلى إذا رجلان لم يصليا في ناحية المسجد فدعا بهما ، فجئ بهما ترعد فرائصهما فقال: ( ما منعكما أن تصليا معنا )) قالا: قد صلينا في رحالنا ، فقال: ( لا تفعلوا إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الإمام ولم يصل فليصل معه فإنها له نافلة) )).
* وتصح إمامة المتنفل للمفترض لما رواه البخاري ومسلم أن معاذ بن جبل كان يصلي مع النبي العشاء الآخرة ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة وفي رواية هي له تطوع ولكم مكتوبة العشاء.
* وتصح إمامة المفترض بالمفترض إذا خالفه في النية والدليل عليها هو صحة صلاة المفترض بالمتنفل والمتنفل بالمفترض فالنية بينهما مختلفه فهذا يصلي فرضا وهذا نفلا والعكس فهي كذلك في المفترض بالمفترض إذا خالفه في النية
* تصح إمامة الفاسق والمبتدع لما رواه مسلم عن أبي ذر ؛ قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم (( كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها ، أو يميتون الصلاة عن وقتها ؟ )) قال قلت : فما تأمرني ؟ قال (( صل الصلاة لوقتها . فإن أدركتها معهم فصل . فإنها لك نافلة ))

من تكره إمامته؟

تكره إمامة من أم الناس وهم له كارهون لما رواه المنذري في صحيح الترغيب والترهيب عن عبدالله بن عباس قال: قال رسول الله: (( ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة إمام قوم وهم له كارهون وامرأة باتت وزوجها عليها غضبان وأخوان متصارمان ))

وهذه الكراهة لا تكون إلا كراهة شرعية لا كراهة دنيوية أي أنك تكره إمامته لفسقه أو بدعته أو لأنه لا يحسن القراءة فهذه هي الكراهة المقصودة أما الكراهة الدنيوية كأن يكون بينك وبينه عداوة أو مشاحنة أو ما إلى ذلك فلا يعتد بهذه الكراهة

ملحوظة:- إذا صلى الإمام قاعدا فماذا على المأموم أن يفعل؟

هنا حالتان ، الأولى:-
أن يبدأ الإمام الصلاة من أولها قاعدا ففي هذه الحالة يجب على المأمومين أن يصلوا خلفه قعودا حتى ولو كان لهم القدرة على القيام لما رواه مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: (( إنما الإمام جنة . فإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا . وإذا قال : سمع الله لمن حمده ، فقولوا : اللهم ! ربنا لك الحمد . فإذا وافق قول أهل الأرض قول أهل السماء ، غفر له ما تقدم من ذنبه ))

أما الحالة الثانية:-
أن يبدأ الإمام صلاته قائما ثم يعرض له شئ في صلاته يجعله يصلي قاعدا ففي هذه الحالة بجوز للمأموم أن يصلي خلف الإمام قائما أو قاعدا لما رواه البخاري ومسلم (( أن النبي خرج ذات يوم في مرض موته والناس يصلون خلف أبي بكر فتقدم حتى جلس عن يسار أبي بكر فجعل يصلي أبو بكر بصلاة النبي والناس يصلون بصلاة أبي بكر))

الأعذار المبيحة لترك الجمعة والجماعة:-
1- المرض إذا كان سيحصل للمريض مشقة بذهابه للجماعة والجمعة لقوله تعالى: (( فاتقوا الله ما استطعتم )) ، ولما رواه مسلم عن ابن مسعود قال: (( لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق أو مريض ، إن كان المريض ليؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف )).

2- مدافعى الأخباث لما رواه مسلم عن النبي: (( لا صلاة بحضرة طعام ، و لا و هو يدافعه الأخبثان ))

3- وكذلك أيضا إذا حضر الطعام وهو يشتهيه لما رواه البخاري ومسلم عن النبي أنه قال: (( إذا حضر العشاء فابدءوا به قبل أن تصلوا المغرب ))

4- إذا خاف ضياع ماله أو فواته أو وقع ضرر فيه لما صححه الألباني في صحيح الجامع عن المغيرة بن شعبة عن النبي أنه قال: (( إن الله تعالى حرم عليكم : عقوق الأمهات ، و وأد البنات ، و منعا وهات ، وكره لكم : قيل و قال ، وكثرة السؤال ، و إضاعة المال))

5- أن يتأذى بنزول المطر أو كثرة الطين وكذلك الرياح الباردة لما رواه البخاري ومسلم أن النبي كان ينادي في الليلة الباردة والمطيرة (( ألا صلوا في رحالكم ))

6- أن يخاف على نفسه إذا ذهب إلى الجماعة أو الجمعة الضرر لوجود من يتربص به أو لوجود حيوان وحشي أو يخاف على غيره إن تركه يصبه الضرر .

7- كذلك من غلبه النعاس فلا يعي ما يقول في صلاته لما رواه البخاري عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله: ((إذا نعس أحدكم في الصلاة فلينم ، حتى يعلم ما يقرأ ))

8- إذا كان الإمام يطيل إطالة زائدة عن السنة ولكن إذا كان التطويل في حدود السنة فلا يحل له التخلف لأن النبي لم يوبخ الرجل الذي تخلف عن صلاة الجماعة مع معاذ بن جبل عندما أطال في صلاته ولكن وبخ معاذا وقال له (( أفتان أنت يا معاذ ))

9- أكل البصل أو الثوم لما رواه البخاري ومسلم عن النبي أنه قال: (( من أكل بصلا أو ثوما فليعتزلنا أو ليعتزل مسجدنا ))

صلاة التطوع

*فضلها:
روى ابن ماجة عن أبي هريرة أن النبي قال: (( إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة ويقول ربنا جل وعز لملائكته - وهو أعلم - : ( انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها؟ ) فإن كانت تامة كتبت له تامة ، وإن كان انتقص منها شيئا قال: ( انظروا هل لعبدي من تطوع؟ ) فإن كان له تطوع ، قال: ( أتموا لعبدي فريضته من تطوعه ) ، ثم تؤخذ الأعمال على ذلك.))

روى مسلم بسنده عن معدان قال: لقيت ثوبان فقلت : أخبرني بعمل أعمله يدخلني الله به الجنة أو قال: بأحب الأعمال إلى الله ، فسكت ، ثم سألته ، فسكت ، ثم سألته الثالثة فقال: سألت عن ذلك رسول الله فقال: (( عليك بكثرة السجود فإنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك بها درجة وحط عنك بها خطيئة )).

* يستحب صلاة التطوع في البيوت
وذلك أفضل من صلاتها في المساجد لما رواه البخاري ومسلم عن زيد بن ثابت أن النبي قال: (( أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة )).
ولما رواه البخاري ومسلم أيضا عن ابن عمر عن النبي قال: (( صلوا في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا )) والمقصود بالصلاة هنا صلاة التطوع لا الفرض.

* صلاة النافلة في جماعة:
يجوز صلاة النافلة في جماعة ما لم تكن نافلة تابعة لفرض كسنن الصلاة الراتبة لأنها لم تكن من عادة النبي ولا أصحابه ولكن باقي صلوات التطوع من قيام ليل وتراويح وغيرها تجوز ولا بأس لما رواه البخاري ومسلم عن عتبان بن مالك أنه قال: يا رسول الله إني قد أنكرت بصري وأنا أصلي لقومي ، وإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم ولم استطع أن آتي مسجدهم فأصلي بهم ووددت يا رسول الله أن تأتيني فتصلي في بيتي فأتخذه مصلى ، قال: فقال رسول الله : (( سأفعل إن شاء الله )) ، قال عتبان: فغذا رسول الله وأبو بكر الصديق حين ارتفع النهار فاستأذن رسول الله فأذنت له ، فلم يجلس حتى دخل البيت ، ثم قال: (( أين تحب أن أصلي من بيتك؟ )) ، فأشرت إلى ناحية من البيت ، فقام رسول الله فكبر فقمنا فصففنا ، فصلى ركعتن ثم سلم ))
الشاهد قوله (( فقام رسول الله فكبر فقمنا فصففنا فصلى ركعتين ثم سلم )) وفي ذلك دليل على جواز صلاة التطوع في جماعة.

*ويجوز صلاة التطوع قاعدا أو من اضطجاع
ولكن يكتب له نصف أجر القائم إن صلى قاعدا ويكتب له نصف أجر القاعد إن صلى مضطجعا وذلك لما رواه البخاري عن عمران بن حصين أنه سأل النبي عن صلاة الرجل قاعدا: فقال: (( إن صلى قائما فهو أفضل ، ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد)).

* النهي عن صلاة التطوع عند إقامة الصلاة:
روى مسلم عن أبي هريرة عن النبي أنه قال: (( إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ))

ويدل هذا الحديث على عدم جواز الشروع في صلاة النافلة إذا أقيمت الصلاة ، ولكن إذا كان المصلي شرع في النافلة قبل الإقامة فأوسط الأقوال في ذلك أنه يخرج من النافلة إذا أداه تمامها إلى فوات تكبيرة الإحرام أما إذا تيقن إدراك تكبيرة الإحرام أتم صلاته ثم أدرك تكبيرة الإحرام.

سنن الصلاة

روى مسلم عن أم حبيبة عن النبي أنه قال: (( من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة سجدة سوى المكتوبة بني له بيت في الجنة )) وزاد الترمذي (( أربعا قبل الظهر وركعتين بعدها ، وركعتين بعد المغرب ، وركعتين بعد العشاء ، وركعتين قبل صلاة الفجر )).

إذا:
* فسنة الظهر:
المؤكدة: أربع ركعات قبله وركعتان بعده.
الغير مؤكده: ركعتان إضافيتان بعده أي يكون بعد الظهر أربعا أيضا.

*سنة العصر:
وهي من السنن الغير مؤكدة وهي ثابتة لحديث ابن عمر عند أبي داوود أن النبي قال: (( رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا )) ، وليس للعصر سنة بعده.

*سنة المغرب:
المؤكدة: ركعتين بعدها.
والغير مؤكده : ركعتين قبلها لما رواه البخاري بسنده إلى النبي أنه قال: (( صلوا قبل المغرب ركعتين ، صلوا قبل المغرب ركعتين ، صلوا قبل المغرب ركعتين )) ثم قال (( لمن شاء ))

*سنة العشاء:
المؤكدة : ركعتين بعدها.
والغير مؤكدة: ركعتين قبلها وذلك لعموم قول النبي في الحديث الصحيح (( بين كل أذانين صلاة )).

*سنة الفجر:
وهي ركعتان قبل الفجر ،وفيها أمور:
- يسن فيها التخفيف لما رواه البخاري عن عائشة قالت (( كان النبي يخفف الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح حتى إني لأقول: هل قرأ فيهما بأم القرآن؟))

-المحافظة عليها سفرا وحضرا لما رواه البخاري عن عائشة قالت: (( لم يكن النبي على شئ من النوافل أشد تعاهدا منه على ركعتي الفجر ))

- ويسن القرأة فيها بسورة الكافرون في الركعة الأولى وفي الثانية بالإخلاص.

- الاضطجاع بعدها لما رواه البخاري عن عائشة قالت: (( كان رسول الله إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن )) وفي رواية أخرى (( كان إذا صلى ركعتي الفجر فإن كنت مستيقظة حدثني وإلا اضطجع) )

قضاء السنن

بعدما تكلمنا عن سنن الصلوات المكتوبة يوجد سؤال يطرح نفسه

هل يجوز قضاء هذه السنن وإذا كان كذلك هل يجوز قضاؤها في أي وقت حتى ولو كان في أوقات النهي؟

نعم يجوز قضاء سنن الصلاة حتى ولو في وقت النهي إذا شغل عن هذه السنن أو كان نائما أو ناسيا

وذلك لعموم قول النبي : (( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ))

و لما رواه البخاري ومسلم عن أم سلمة قالت: (( سمعت رسول الله ينهى عن الركعتين بعد العصر ثم رأيته يصليهما حين صلى العصر ثم دخل علي وعندي نسوة من بني حرام فأرسلت إليه الجارية فقلت: قوي بجنبه وقولي له تقول لك أم سلمة يا رسول الله سمعتك تنهى عن هاتين وأراك تصليهما فإن أشار بيده فاستأخري عنه ففعلت الجارية فأشار بيده فاستأخرت عنه فلما انصرف قال : ( يا بنت أبي أمية سألت عن الركعتين بعد العصر فإنه أتاني ناس من بني عبد قيس فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما عاتين) ))

* ومن ترك سنن الصلاة متعمدا فلا يجوز له قضاؤها وذلك لأنها سنن مقيدة بسبب

قال الشيخ ابن العثيمين:

(( النفل المقّيد بسبب لا يقضى إذا فات سببه مثال ذلك لو أن الشمس كسفت وكان الإنسان نائماً وعلم بعد النوم أنها كسفت فلا يصلي لأنها سنة فات محلها ، وكذلك لو دخل المسجد وأقام فيه طويلاً بناءً على أنه ليس على وضوء ثم ذكر أنه على وضوء فقام ليصلي تحية المسجد فلا يصليها لأنها سنة فات محلها ، والضابط في هذا أن كل نفل قيد بسبب فإنه لا يقضى كالوتر لكن الوتر كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقضيه وتراً ، بل يصلي من الضحى اثنتي عشرة ركعة لأن أكثر وتره إحدى عشرة ركعة فيقضي أكثر الوتر عليه الصلاة والسلام لكنه يشفعه لأن الإيثار فات محله ))

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أوقات النهي

وهذا النهي خاص بالتطوع المطلق أي الغير مقيد بسبب لكن من فاته صلاة فرض أو صلاة نفل لسبب كسنن الصلاة يقضيها ولو في أوقات النهي للأحاديث المتقدمة في صلاة النائم والناسي وصلاة النبي ركعتي الظهر بعد العصر.

روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري أن النبي قال: (( لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس ولا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس ))

وروى مسلم عن عقبة بن عامر قال: (( ثلاث ساعات نهانا رسول الله أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة ، وحين تضيف للغروب حتى تغرب ))

إذا من هذين الحديثين يتبين لنا أن أوقات النهي خمسة أوقات هي:

1- بعد الفجر حتى تطلع الشمس.

2- وقت طلوع الشمس حتى ترتفع وقيل الارتفاع بمقدار ميل ونهي عن الدفن فيه.

3- وحين يقوم قائم الظهيرة ، أي أن تكون الشمس في كبد السماء وتكون عمودية على الأشياء فلا يكون هناك ظل للأشياء في هذه الفترة نهي عن الصلاة وقد قدر بعض العلماء هذا الوقت بمقدار نصف ساعة قبل صلاة الظهر وبعضهم قدرها بثلث ساعة ولكن الأمر على الظل فمتى لم يكن للأشياء ظل ساعة الظهيرة ينهى عن الصلاة ومتى كان لها ظل نحو الشرق أو الغرب فلا بأس بالصلاة ونهي عن الدفن فيه.

4- والنهي عن الصلاة بعد صلاة العصر ولكن هنا مسألة هذه الأحاديث تفيد بأن الصلاة بعد العصر منهي عنها ولكن هناك حديث عند أبي داود بسند صحيح عن علي بن أبي طالب أن النبي نهى عن الصلاة بعد العصر والشمس وللجمع بين هذا الحديث والأحاديث التي قبله بأنه يجوز الصلاة بعد العصر مادامت الشمس نرتفعة حية والنهي يختص عند ميل الشمس للغروب يعني بدءا من وقت الاصفرار
وقال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة في الجمع بين حديث علي الذي فيه الجواز وحديث أبي سعيد الذي فيه النهي قال:
(( فإن هذا الحديث مقيد للأحاديث التي أشار إليها البيهقي كقوله صلى الله عليه وسلم : " و لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس " متفق عليه . فهذا مطلق , يقيده حديث علي رضي الله عنه , و إلى هذا أشار ابن حزم رحمه الله بقوله المتقدم : " و هذه زيادة عدل لا يجوز تركها " . ثم قال البيهقي : " و قد روي عن علي رضي الله عنه ما يخالف هذا . و روي ما يوافقه " . ثم ساق هو و الضياء في " المختارة " ( 1 / 185 ) من طريق سفيان قال : أخبرني أبو إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين في دبر كل صلاة مكتوبة , إلا الفجر و العصر " . قلت : و هذا لا يخالف الحديث الأول إطلاقا , لأنه إنما ينفي أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين بعد صلاة العصر , و الحديث الأول لا يثبت ذلك حتى يعارض بهذا , و غاية ما فيه أنه يدل على جواز الصلاة بعد العصر إلى ما قبل اصفرار الشمس , و ليس يلزم أن يفعل النبي صلى الله عليه وسلم كل ما أثبت جوازه بالدليل الشرعي كما هو ظاهر . نعم قد ثبت عن أم سلمة و عائشة رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين سنة الظهر البعدية بعد صلاة العصر , و قالت عائشة : إنه صلى الله عليه وسلم داوم عليها بعد ذلك , فهذا يعارض حديث علي الثاني , و الجمع بينهما سهل , فكل حدث بما علم , و من علم حجة على من لم يعلم , و يظهر أن عليا رضي الله عنه علم فيما بعد من بعض الصحابة ما نفاه في هذا الحديث , فقد ثبت عنه صلاته صلى الله عليه وسلم بعد العصر و ذلك قول البيهقي : " و أما الذي يوافقه ففيما أخبرنا ... " ثم ساق من طريق شعبة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة قال : " كنا مع علي رضي الله عنه في سفر فصلى بنا العصر ركعتين ثم دخل فسطاطه و أنا أنظر , فصلى ركعتين " . ففي هذا أن عليا رضي الله عنه عمل بما دل عليه حديثه الأول من الجواز . و روى ابن حزم ( 3 / 4 ) عن بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لم ينه عن الصلاة إلا عند غروب الشمس " . قلت : و إسناده صحيح , و هو شاهد قوي لحديث علي رضي الله عنهم . و أما الركعتان بعد العصر , فقد روى ابن حزم القول بمشروعيتهما عن جماعة من الصحابة , فمن شاء فليرجع إليه . و ما دل عليه الحديث من جواز الصلاة و لو نفلا بعد صلاة العصر و قبل اصفرار الشمس هو الذي ينبغي الاعتماد عليه في هذه المسألة التي كثرت الأقوال فيها , و هو الذي ذهب إليه ابن حزم تبعا لابن عمر رضي الله عنه كما ذكره الحافظ العراقي و غيره , فلا تكن ممن تغره الكثرة , إذا كانت على خلاف السنة . ثم وجدت للحديث طريقا أخرى عن علي رضي الله عنه بلفظ : ( لا تصلوا بعد العصر , إلا أن تصلوا و الشمس مرتفعة ) . أخرجه الإمام أحمد ( 1 / 130 ) : حدثنا إسحاق بن يوسف : أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : فذكره : قلت : و هذا سند جيد , رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عاصم و هو ابن ضمرة السلولي و هو صدوق . كما في " التقريب " . قلت : فهذه الطريق مما يعطي الحديث قوة على قوة , لاسيما و هي من طريق عاصم الذي روى عن علي أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي بعد العصر , فادعى البيهقي من أجل هذه الرواية إعلال الحديث , و أجبنا عن ذلك بما تقدم , ثم تأكدنا من صحة الجواب حين وقفنا على الحديث من طريق عاصم أيضا . فالحمد لله على توفيقه . ))

5-وقت الغروب حتى تغرب الشمس ونهي عن الدفن فيه.

نكمل مع باقي السنن ولكنها غير تابعة للفرائض

1- تحية المسجد:

وهي صلاة ركعتين عند دخول المسجد إذا أراد الجلوس فيه ، واختلف العلماء في حكمها والجمهور على أنها سنة ، وتصلى هذه السنة في أي وقت دخل فيه الشخص المسجد سواء كان في وقت النهي أو أثناء خطبة الجمعة أو في درس علم أو غيره ، وذلك لما رواه البخاري ومسلم عن أبي قتادة قال: قال رسول الله: (( إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين )).

2- سنة الوضوء:

وهي صلاة ركعتين بعد الوضوء وذلك لما رواه البخاري ومسلم عن عثمان بن عفان قال: رأيت رسول الله: توضأ نحو وضوئي هذا ثم قال: (( من توضأ نحو وضوئي هذا ثم قام فركع ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه )).

3- صلاة الاستخارة:

وهي ركعتين يستخير فيهما العبد ربه في أموره المباحة سواء كانت صغيرة أو كبيرة وذلك لما رواه أصحاب السنن عن جابر بن عبدالله قال: كان رسول الله يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن يقول: (( إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: ( اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال: عاجل أمري وآجله - فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال: عاجل أمري وآجله - فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم ارضني فيه ، ويسمي حاجته ) ))

4- صلاة التسابيح:

فقد روى أبو داود عن ابن عباس أن رسول الله قال للعباس بن عبد المطلب: (( يا عباس يا عماه ألا أعطيك ألا أمنحك ألا أحبوك ألا أفعل بك عشر خصال إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك ، أوله وآخره ، وقديمه وحديثه ، وخطأه وعمده ، صغيره وكبيره ، سره وعلانيته ، عشر خصال: أن تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة ، فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة وأنت قائم قلت: سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، خمس عشرة مرة ثم تركع فتقولها وأنت راكعا عشرا ، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشرا ، ثم تهوي ساجدا فتقولها وأنت ساجد عشرا ، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرا ، ثم تسجد فتقولها عشرا ، ثم ترفع رأسك فتقولها عشرا ، فذلك خمس وسبعون في كل ركعة ،تفعل ذلك في أربع ركعات ، إن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل ، فإن لم تفعل ففي كل جمعة مرة ، فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة ، فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة ، فإن لم تفعل ففي عمرك مرة ))

وهذا الحديث اختلف فيه أهل العلم من بين مضعف ومحسن ومصحح ، وقال فيه الشيخ الألباني أنه صحيح وحسنه الحافظ ابن حجر العسقلاني

صلوات مستحبة



1- صلاة القادم من السفر ركعتين في المسجد:-

لما رواخ البخاري ومسلم عن كعب بن مالك قال: (( كان رسول الله إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين )).

2- صلاة ركعتين عند القتل:-

لما رواه النووي في المجموع عن أبي هريرة أن خبيب بن عدي - وهو صحابي - حين أخرجه الكفار ليقتلوه في زمن النبي قال: دعوني أصلي ركعتين ، فكان أول من صلى ركعتين عند القتل .

قال النووي: (( ويستحب لمن أريد قتله بقصاص أو في حد أو غيرهما أن يصلي قبله إن أمكنه لحديث أبي هريرة ))

3- الصلاة إذا حزبه أمر:-

لما رواه البخاري ومسلم (( أن النبي إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ))

4- الصلاة عند التوبة:-

لما أورده الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة عن أبي بكر قال: سعت رسول الله يقول: (( ما من رجل يذنب ذنبا ، ثم يقوم فيتطهر ،ثم يصلي ركعتين، ثم يستغفر الله إلا غفر الله له ، ثم قرأ هذه الآية: ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) ))

5- الصلاة إذا خرج من بيته وإذا دخل :-

لما رواه الترمذي وصححه الشيخ الألباني عن أبي هريرة عن النبي قال: (( إذا خرجت من منزلك فصل ركعتين يمنعانك من مخرج السوء ، وإذا دخلت منزلك فصل ركعتين يمنعانك من مدخل السوء ))

6- الصلاة بين العشاءين:-

لما رواه الترمذي عن حذيفة قال: (( أتيت النبي فصليت معه المغرب ، فصلى إلى العشاء ))

صلوات مستحبة



1- صلاة القادم من السفر ركعتين في المسجد:-

لما رواخ البخاري ومسلم عن كعب بن مالك قال: (( كان رسول الله إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين )).

2- صلاة ركعتين عند القتل:-

لما رواه النووي في المجموع عن أبي هريرة أن خبيب بن عدي - وهو صحابي - حين أخرجه الكفار ليقتلوه في زمن النبي قال: دعوني أصلي ركعتين ، فكان أول من صلى ركعتين عند القتل .

قال النووي: (( ويستحب لمن أريد قتله بقصاص أو في حد أو غيرهما أن يصلي قبله إن أمكنه لحديث أبي هريرة ))

3- الصلاة إذا حزبه أمر:-

لما رواه البخاري ومسلم (( أن النبي إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ))

4- الصلاة عند التوبة:-

لما أورده الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة عن أبي بكر قال: سعت رسول الله يقول: (( ما من رجل يذنب ذنبا ، ثم يقوم فيتطهر ،ثم يصلي ركعتين، ثم يستغفر الله إلا غفر الله له ، ثم قرأ هذه الآية: ( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) ))

5- الصلاة إذا خرج من بيته وإذا دخل :-

لما رواه الترمذي وصححه الشيخ الألباني عن أبي هريرة عن النبي قال: (( إذا خرجت من منزلك فصل ركعتين يمنعانك من مخرج السوء ، وإذا دخلت منزلك فصل ركعتين يمنعانك من مدخل السوء ))

6- الصلاة بين العشاءين:-

لما رواه الترمذي عن حذيفة قال: (( أتيت النبي فصليت معه المغرب ، فصلى إلى العشاء ))

صلاة الضحى

فضلها:

روى البخاري ومسلم وابن خزيمة عن أبي هريرة قال: (( أوصاني خليلي بثلاث لست بتاركهن ، أن لا أنام إلا على وتر ، وأن لا أدع ركعتي الضحى ، فإنها صلاة الأوابين ، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر ))

وروى مسلم عن أبي ذر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( يصبح على كل سلامي من أحدكم صدقة ، فكل تسبيحة صدقة ، وكل تحميدة صدقة ، وكل تهليلة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ، وأمر بمعروف صدقة ، ونهي عن منكر صدقة، ويجزئ عن ذلك كله ركعتين يركعهما من الضحى ))

وروى ابن حبان عن نعيم بن همار الغطفاني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ربه تبارك وتعالى أنه قال: (( يا ابن آدم صل لي أربع ركعات أول النهار أكفك آخره ))

وروى ابن حبان عن أبي هريرة قال: بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - جيشا فأعظم الغنيمة ، وأسرعوا الكرة ، فقال رجل: يا رسول الله ، ما رأينا بعثا قط أسرع كرة ، ولا أعظم غنيمة من هذا البعث ، فقال : (( ألا أخبركم بأسرع كرة ، وأعظم غنيمة؟ رجل توضأ في بيته فأحسن الوضوء ، ثم عمد إلى المسجد ، فصلى فيه صلاة الغداة ، ثم أعقب بصلاة الضحى ، فقد أسرع الكرة ، وأعظم الغنيمة ))

وروى أبوداود عن أبي أمامة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (( من خرج من بيته متطهرا إلى صلاة مكتوبة ، فأجره كأجر الحاج المحرم ، ومن خرج إلى تسبيح الضحى ، لا ينصبه إلا إياه فأجره كأجر المعتمر ، وصلاة على إثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في عليين ))

حكمها:

هي من الصلوات المستحبة.

عدد ركعاتها:

أقلها ركعتان لحديث أبي هريرة المتقدم (( أوصاني خليلي بثلاث.... )) وذكر منها ركعتي الضحى.

أما أكثرها فلا حد لها لما رواه مسلم عن أم المؤمنين عائشة قالت (( كان - أي النبي - يصلى الضحى أربعا ويزيد ما شاء الله ))

كيفيتها:

تصلى كل ركعتين بتسليم وذلك لما رواه أبوداود عن أم هانئ قالت: (( صلى - أي النبي - يوم فتح مكة سبحة الضحى ثمان ركعات يسلم بين كل ركعتين ))

وقتها:

من ارتفاع الشمس في السماء بعد طلوعها قدر رمح إلى قبل الظهر بمقدار ربع أو ثلث الساعة ، وذلك لما رواه البخاري ومسلم عن زيد بن أرقم قال: (( خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - على أهل قباء وهم يصلون ، فقال: ( صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال من الصحى) )) أي إذا اشتد الحر ، ولذلك يستحب تأخيرها حتى تشتد حرارة الشمس قبل الظهر.

وبك بارك الله حبيبي أبو عكرمة