منابرأهل الأثر
صفات عباد الرحمان المجلس الثاني للشيخ ربيع 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا صفات عباد الرحمان المجلس الثاني للشيخ ربيع 829894
ادارة المنتدي صفات عباد الرحمان المجلس الثاني للشيخ ربيع 103798
منابرأهل الأثر
صفات عباد الرحمان المجلس الثاني للشيخ ربيع 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا صفات عباد الرحمان المجلس الثاني للشيخ ربيع 829894
ادارة المنتدي صفات عباد الرحمان المجلس الثاني للشيخ ربيع 103798
منابرأهل الأثر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى إسلامي للقرآن الكريم والمحاضرات والخطب الدينية الصوتية والمرئية والكتابات الإسلامية
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
صفات عباد الرحمان المجلس الثاني للشيخ ربيع _online.gif?rnd=0


 

 صفات عباد الرحمان المجلس الثاني للشيخ ربيع

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
نور السلفية
العضو المتميز
العضو المتميز
نور السلفية


صفات عباد الرحمان المجلس الثاني للشيخ ربيع E8s7dt
عدد المساهمات : 1050
نقاط : 1440
تاريخ التسجيل : 05/11/2009
العمر : 38
الموقع : اشتقت لجمعكم يا اخوة الخير حياكم ربي

صفات عباد الرحمان المجلس الثاني للشيخ ربيع Empty
مُساهمةموضوع: صفات عباد الرحمان المجلس الثاني للشيخ ربيع   صفات عباد الرحمان المجلس الثاني للشيخ ربيع I_icon_minitimeالخميس 10 ديسمبر 2009, 6:55 pm

- المجلس الثاني :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه أما بعد:

فقد فسرتُ بعض الآيات من سورة الفرقان في صفات عباد الرحمن التي امتنّ الله عليهم بها، ووفقهم لها تفضلاً منه وتكرُّمًا على من يشاء من عباده سبحانه وتعالى.

ومنها قوله تبارك وتعالى :

{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً. يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً. إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً. وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً. وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً. وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً. وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً. أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَاماً. خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً. قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً} ( الفرقان : 68- 77 )

وفسرنا هذه الآيات إلى قوله :{ إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ }؛ فسرنا قوله تعالى : { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً} الذي يرتكب هذه الجرائم يلق أثاما؛ جزاءً ونكالا على ما ارتكب من هذه الجرائم التي منها الشرك بالله تبارك وتعالى وقتل النفس الذي هو من أعظم الإفساد في الأرض؛ فقتل نفس واحدة يعدل قتل الناس جميعاً : {مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً } ( المائدة : 32 ) .

والزنا كذلك من أكبر الجرائم والذنوب :{إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً } ( الإسراء: 32 )، الذي يرتكب هذه الجرائم يلق أثاما: عذاباً شديداً ونكالاً - والعياذ بالله - إن كان كافراً فمخلَّدٌ أبد الآبدين، وإن كان قد تقحَّم هذه الكبائر غير الشرك فهذا يواجه جزاءه إلا أن يتجاوز الله عنه.

أهل الكبائر تحت مشيئة الله، ومنهم أقوام قطعاً يدخلون النار ويعذَّبون ما شاء الله بقدر ذنوبهم، ثم يأذن الله في الشفاعة لهم، لكن الآن من يصبر منكم على حرّ الشمس في يوم شديد الحر، من يتحمله ؟! لو إنسان يضعك في غرفة ضيقة مظلمة في شدّة الحرّ، ليس فيها مكيِّف ولا مروحة ولا فيها شيء، ويقطع عنك الطعام والشراب، يحبسك ثلاثة أيام، هل عندك استعداد لمثل هذا ؟! الذي يمنع الزكاة يُبطَح بقاعٍ قرقر أملس ؛فإن كان له إبل تأتي تطؤه بخفافها وتعضه بأنيابها وتمر عليه في يوم مقداره خمسين ألف سنة([1]) - لا حول ولا قوة إلا بالله - هذا الذي يمنع الزكاة، كيف الذي يترك الصلاة ؟!كيف إذا ضمّ إلى ذلك الزنا ؟!

تارك الصلاة يختلف العلماء فيه، وجمهور الصحابة على أنه كافر الكفر الأكبر ويخلَّد في النار، وإذا قلنا بالكفر الأصغر فعذابه أشدّ من عذاب مانع الزكاة ؛يوم يحمى عليهم - إذا كان ذهبا أو فضة - : {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ }( التوبة : 35 ) .

فالمؤمن لا يتعلق بنصوص الوعد كما تفعل المرجئة ؛فيتجرؤون على المعاصي ،ويُجرِّؤون الناس على ذلك ؛يقولون : العمل ليس من الإيمان !

وغلاتهم يقولون : من قال لا إله إلا الله يدخل الجنة ولا يعذَّب ! - قاتلهم الله- أين نضع هذه النصوص؟! نصوص الوعيد من الكتاب والسنة أين نضعها؟! هذا النص أين نضعه ؟! : {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً }( النساء :93 ) وآكل الربا، آكل مال اليتيم، والذي يقذف المحصنات؛ هذه من الكبائر، أين نضع هذه النصوص ؟!

والخوارج يكفِّرون بالذنوب ويحكمون على العصاة وأهل الكبائر بالخلود في النار إن لم يتوبوا، فإن تابوا فهم يؤمنون بأن الله تبارك وتعالى يقبل توبتهم .

فالله تبارك وتعالى ذكر الوعيد : ( يلق أثاما ) العذاب والنكال الشديد.

وبعضهم يفسر الآثام بوادٍ في جهنم؛ واد خطير في جهنم وهو من النكال الذي يلقاه الكفار ،وقد يلقى هذا النكال المجرمون العتاة -والعياذ بالله-، على تفاوت بين الكفار وبين العصاة، ولكن من يطيق هذا العذاب؛ عذاب جهنم ؟!يعني أخفهم وأيسرهم عذاباً يوضع له نعلان من نار أو شراكان من النار يغلي منهما دماغه، يرى أنه لا أحد أشدَّ عذاباً منه، هذا أخف أهل النار وهو أبو طالب، قال صلى الله عليه وسلم : (أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا أبو طَالِبٍ وهو مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَيْنِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ)([2]) .

ومن العصاة من تأخذه النار إلى كعبيه، ومنهم من تأخذه إلى ساقيه، ومنهم من تأخذه إلى حقويه ،وهل يطيق هذا أحد ؟! هل تتحمل حرّ الشمس والرمضاء ؟! لا تطيق ذلك، إذن ضع نصوص الوعيد أمام عينيك على المعاصي والسيئات التي توعد الله عليها ،فإن وقعت في شيء منها فبادر إلى التوبة النصوح ،وإياك أن تصرّ ولو على صغيرة: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }( آل عمران :135 ).

فالمؤمن الصحيح الصادق لا يصرّ على المعصية والفاحشة ،بل يهرع إلى الله فورا نادماً تائباً توبة نصوحاً ،فمن يقع منا في معصية صغيرة أو كبيرة ،وكلنا خطاءون وخير الخطائين التوابون، والله ندبَنا إلى التوبة : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً } ( التحريم : 8 ) يخاطب أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ،ورسول الله عليه الصلاة والسلام نفسه الذي غفر الله من ذنبه ما تقدم وما تأخر يستغفرُ الله ويتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة([3]) وفي رواية مئة مرة([4])، بل في المجلس الواحد يعدٌّ له مئة مرة أستغفر الله وأتوب إليه؛ فعن ابن عمر قال : ( إن كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة " رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم "([5]) وهو رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ تقولها بصدقٍ وإخلاصٍ وجدٍّ تقولها وأنت تعني ما تقول وليس مجرد كلام فقط.

{ إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً } التوبة لها شروط:

- أن تندم على ما فعلت أشدّ الندم ،وتستحي من الله وتخجل منه ،وتجد من وخز الضمير ما لا يتصوره إلا التائب الصادق.

- وأن تقلع عن الذنب، تبادر إلى الإقلاع عن ذلك الذنب.

- وأن تعزم عزما أكيدا ألا تعود إلى هذا الذنب الذي وقعت فيه وزعمت أنك تبت منه.

وفي الآية هذه : { إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ } إذا تاب توبة نصوحة وآمن إيماناً صادقاً، وعمل عملاً صالحاً، والعمل الصالح هو الموافق لما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من كتاب وسنة، لا يكون فيه بدع، فحذار أشدّ الحذر من البدع فإن الله لا يقبلها.

فعلينا جميعا في كلّ وقت بالتوبة النصوح ولا سيما الذي يقع في واحدة من هذه الكبائر، وعلينا بالعمل الصالح والإيمان الصادق .

{فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ}

ما هذا التبديل؟ منهم من يقول : يوفقهم الله تبارك وتعالى للأعمال الصالحة والحسنات فبَدَلَ أن كان يشرك بالله ويقتل النفس ويزني ويسرق وكذا وكذا يوفقه الله للأعمال الصالحة؛ إلى التوحيد، إلى الاستقامة، إلى عمل جميع الخيرات، هذا معنى القول الأول : (يبدل الله سيئاتهم حسنات ) يعني يوفقه الله، فبدل أن يعمل تلك السيئات أصبح بتوفيق الله يعمل الأعمال الصالحة الصحيحة، ويجتنب تلك المساوئ التي كان يمارسها .

ومنهم من يقول : بل نفس السيّئات هذه التي مارسها يجعلها الله في الآخرة حسنات، ولذلك وردت في ذلك آثار وأحاديث؛ يعني لهذا القول شواهد من السنة ومن آثار السلف ومن تفسيرهم لهذه الآية، ومنها أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنِّي لَأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ وَآخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا منها رَجُلٌ يُؤْتَى بِهِ يوم الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ اعْرِضُوا عليه صِغَارَ ذُنُوبِهِ وَارْفَعُوا عنه كِبَارَهَا فَتُعْرَضُ عليه صِغَارُ ذُنُوبِهِ فَيُقَالُ عَمِلْتَ يوم كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا وَعَمِلْتَ يوم كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا فيقول نعم لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنْكِرَ وهو مُشْفِقٌ من كِبَارِ ذُنُوبِهِ أَنْ تُعْرَضَ عليه فَيُقَالُ له فإن لك مَكَانَ كل سَيِّئَةٍ حَسَنَةً فيقول رَبِّ قد عَمِلْتُ أَشْيَاءَ لَا أَرَاهَا هَا هُنَا فَلَقَدْ رأيت رَسُولَ اللَّهِ e ضَحِكَ حتى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ) ([6]).

يعني أنه يؤتى برجل فيقول الله تبارك وتعالى له فعلت كذا، فعلت كذا، فيعترف؛ يبدي له الصغائر ويخفي عنه الكبائر فيعترف، فيقول له: إنا قد أبدلناها لك حسنات فيطمع فيقول: يا رب إن لي أعمالا ما رأيتها، فضحك رسول الله وكان خائفاً يرتجف من الكبائر هذه وأخفوها عنه، فلما بُدِّلت سيئاته إلى حسنات طمع، فقال: يا رب إن لي أعمالا أخرى لم أرها، فيغفرها الله له ويتجاوز عنه .

الشاهد : أنه بدلت سيئاته حسنات والحديث صحّحه ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية ورواه أحمد .

المهم أنّك تتوب؛ إذا تبت توبة نصوحا وعملت العمل الصالح المرتكزين على الإيمان الصادق فأبشر برحمة الله وفضله سبحانه وتعالى وكرمه وجوده، فإنه يكرمك إكراماً عظيماً لأجل هذه التوبة .

وكثير من الكفار يكفرون بالله ويشركون به ويرتكبون الجرائم، فإذا تابوا إلى الله تبارك وتعالى، صاروا من أفضل الناس وفي أعلى الدرجات عند الله بسبب هذه التوبة النصوحة : {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ. وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ. أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ. أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ. أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ } ( الزمر : 53- 58 )

ففي هذه الآيات من سورة الزمر دعا الله تبارك وتعالى عباده إلى التوبة، ووعدهم بالمغفرة ثم أعقبها بوجوب الإنابة إلى الله تبارك وتعالى .

أمرٌ حاسم بالإنابة إلى الله تبارك وتعالى والمبادرة بالطاعات قبل أن يأتي وقت الندم الذي لا ينفع فيه الندم، وتأتي الحسرات التي تقطِّع القلوب، ولكنها لا تغني شيئاً:{ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }(النور :31 ) فبادروا إلى التوبة والفلاح .

{ فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }؛ هكذا يعني سنة الله في كتابه أنه يختم الآيات بصفاته الكريمة المناسبة لسياق هذه الآيات، فهنا ذكر التوبة وهي مغفرة الذنوب وتبديل السيئات إلى حسنات، فأثنى الله على نفسه وقال : { وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }؛كثير المغفرة، رحيم وسعت رحمته كل شيء، سبحانه وتعالى، فلا تيأس من مغفرة الله ولا من رحمته مهما وقعت في الذنوب، شريطة أن تتوب إلى الله وتعمل صالحاً، وتؤمن بالله الإيمان الصادق، فهذه في التائبين، وبهذه التوبة يدخلون في عباد الرحمن الممدوحين عند الله تبارك وتعالى؛ ينخرطون في صفوف هؤلاء العباد الذين وصفهم الله تبارك وتعالى في الآيات التي سلفت:{ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً} إلى هذا المقام، وليس ذلك بصعب على الله – تعالى الله عن ذلك- بل قد يتحول هذا التائب إلى أفضل من العابدين من أول حياتهم؛ لأن الإنسان إذا وقع في الذنوب وتاب توبة نصوحا، ويلازمه الندم على ما فعل، فلا يسرح ولا يمرح بل يلاحقه الحياء والخجل من الله من تلك المعصية ولو تاب وآمن وعمل صالحاً.

وانظروا إلى الأنبياء ومنهم أولو العزم؛ كيف لا ينسون هذه الأخطاء التي وقعوا فيها- عليهم الصلاة والسلام- فلما تشتد الأهوال يوم القيامة على البشر في ذلك اليوم الرهيب الشديد الذي تدنو فيه الشمس حتى ما يكون بينها وبين رؤوسهم إلا مقدار ميل، قال الراوي : لا يدري أهو ميل المساحة أو ميل المكحلة ؟ كما في حديث الشفاعة : ( أنا سيد الناس يوم القيامة وهل تدرون مم ذلك ؟ يجمع الله الناس الأولين والآخرين في صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر وتدنو الشمس فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون فيقول الناس :ألا ترون ما قد بلغكم ؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم ؟ فيقول بعض الناس لبعض : عليكم بآدم فيأتون آدم عليه السلام فيقولون له : أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه ألا ترى إلى ما قد بلغنا ؟ فيقول آدم : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإنه نهاني عن الشجرة فعصيته نفسي، نفسي، نفسي اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح ) فيذكر خطيئته ويقول : ( نفسي، نفسي ) تاب من هذه الخطيئة، أكل من الشجرة؛ يعني الشيطان حلف له وأقسم له بالله أنه لمن الناصحين، فاغترّ بهذا الحلف وهذه اليمين المؤكدة فأكل هو وزوجه من الجنة فعاقبه الله تبارك وتعالى بأن أخرجه من الجنة، تاب؛ تاب توبة نصوحا: {قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } (الأعراف :23 ) فتاب الله عليه، واختاره نبيا، واجتباه سبحانه وتعالى، واصطفاه ونبّأه تعاليم من الله تبارك وتعالى يتعبد الله بها ويبلغها لذريته عليه الصلاة والسلام.

خطيئة واحده؛ أكل أكلة واحدة ما نسيها في حياته وإلى يوم القيامة، هذا هو الإيمان الصادق والحياء، الإنسان إذا انعدم الحياء منه هلك وأهلك والعياذ بالله .

ثم يأتون نوحا عليه الصلاة والسلام؛ أبو البشر الثاني والذي لبث ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعو إلى الله تبارك وتعالى، ليلاً ونهاراً وسراً وجهاراً - عليه الصلاة والسلام - يطلبون منه الشفاعة : (فيقولون يا نوح إنك أنت أول الرسل إلى أهل الأرض وقد سماك الله عبدا شكورا اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ فيقول: إن ربي عز وجل قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإنه قد كانت لي دعوة دعوتها على قومي نفسي، نفسي، نفسي اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم) ليس يعني انتقاما منهم أو لشهوة في نفسه، بل الله أشعره بأنهم لا يتوبون إلى الله ولا أمل في توبتهم فاستحقوا من الله الهلاك فأغرقهم الله تبارك وتعالى، يَعُدُّ هذا ذنباً - الله أكبر- وهو في الحقيقة ليس بذنب، لكن مشاعر عظيمة وحياء عظيم ما نسي هذا إلى يوم القيامة.

إبراهيم عليه الصلاة والسلام أفضل الأنبياء بعد محمد عليه الصلاة والسلام؛ خليل الله، يطلبون منه الشفاعة فيذكر ما يسمى كذبات وهي معاريض في ذات الله، يقولون : أنت أبو البشر واتخذك الله خليلاً، فيقول إبراهيم : (إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإني قد كنت كذبت ثلاث كذبات - فذكرهن أبو حيان في الحديث – نفسي، نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى) ويذكر ما يرى أنه خطيئة، ما نسيها، وهي لله وفي ذات الله، وقال بعض العلماء :كذباته أحسن من صدقنا، أفضل من صدقنا، نعم -والله- قال : (إني سقيم) وذهب يحطِّم الأصنام وله تأويل وهو يعني من المعاريض، وقال : هذه أختي؛ يعني زوجته، وهي أخته في الإسلام، لكن اعتبرها خطأ وكذبة وهي تعريض وهي حق وأنها أخته في الإسلام، فاعتبرها كذبة .

انظروا الأنبياء كيف ينظرون إلى أعمالهم ؟! وكيف يقيِّمون هذه الأعمال، عليهم الصلاة والسلام.

موسى عليه الصلاة والسلام ضرب القبطي، معتدي طاغي،كافر، آذى مسلما من بني إسرائيل فجاء وضربه، لكن لا يريد قتله، فمات فقضى عليه، اعتبرها ذنباً وتاب الله عليه وندم في الدنيا وكذا، لكن يذكرها خطيئة ويجعلها عذرا في عدم تصدِّيه للشفاعة؛ كيف أشفع وأنا فعلت كذا ؟! (فيقول إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإني قد قتلت نفسا لم أومر بقتلها نفسي، نفسي، نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى عيسى ) ([7]) كيف أشفع في هذه الأمم وأنا الذي فعلت كذا وكذا، عليهم الصلاة والسلام.

فهل منا من يحاسب نفسه؛ على أكبر من هذه الأعمال، هذه لو كانت لنا لكانت حسنات، لأعددناها من الحسنات !

فلا بد أن يستحي الإنسان من ربه عز وجل؛ لأن الله رقيب، مطلِّع على حركات الجوارح وخطرات النفوس، لا تخفى عليه خافية، لو تنزل تغوص في الأرض آلاف الكيلومترات وتعمل هناك في ظلمات الأرض مثقال ذرة من السيئات يراك الله ويطلِّع عليك، كيف يا أخي تمارس المعاصي وتسرح وتمرح، لا خجل ولا حياء من الله تبارك وتعالى واللامبالاة، وتجد بعض الناس يكذب ويفتري ويقذف، ويغتاب ويفعل ويفعل ولا يحسّ بوخزة واحدة في ضميره، أين الإيمان ؟! أين المشاعر النبيلة ؟!

فأنا يا أخوة أنصحكم لله تبارك وتعالى أن تستحوا من الله تبارك وتعالى، وأن تحترموا تعاليمه وأن تقبلوا على كتاب الله، تتدبرون فتعتقدون ما فيه من عقائد وتعملون بما فيه من الأعمال، وكذلك سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ فإن السلف الصالح كانوا يتعلمون ويعملون والرسول عليه الصلاة والسلام كان يربي الصحابة على العلم والعمل؛ يعلمهم القرآن عشر آيات عشر آيات فقط لا يتجاوزوهن إلا بعد أن يعلموا معانيها ويعملوا بها؛ فيعلمهم رسول الله العلم والعمل.

فعلى المسلم أن يقرأ القرآن بهذه الروح الصادقة العازمة على التعلم وإدراك مرامي القرآن ومقاصده ليعمل، ويستعين على هذا العلم والعمل بسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام.

فإن السنة هي المبينة لكثير من مقاصد القرآن؛ تخصِّص عموماته وتقيد مطلقاته، وتبين مبهماته، فلا بد من الربط بين السنة والكتاب ثم العمل؛ نقرأ سيرة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام؛ ماذا كان يعمل عليه الصلاة والسلام ؟ كيف صلاته ؟ ( صلّوا كما رأيتموني أصلي )([8]) عليه الصلاة والسلام، الصيام كيف كان يصوم ؟ ماذا يصنع في شهر الصيام عليه الصلاة والسلام ؟ كان يجدّ ويشد مئزره ويوقظ أهله في العشر الأواخر عليه الصلاة والسلام وهو الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وهو أخشى الناس وأتقاهم لله، ثم يأتي بعض الناس يتقالّون عمل رسول الله يقولون : قد غفر الله له من ذنبه ما تقدم وما تأخر؛ يريد أن يقيم الليل ويصوم النهار، فيقول : ( والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له )([9]) هو أشد الناس خوفا من ربه تبارك وتعالى، وأتقى الناس لله وأعلمهم بالله عز وجل-كما في رواية أخرى - عليه الصلاة والسلام، فندرس سنته، ندرس القرآن وسنته وسيرته وتطبيقه، وسيرة خلفائه الراشدين المهديين رضوان الله عليهم.

هذه الأمور تساعدنا على أن نكون إن شاء الله من العلماء العاملين، أسال الله تبارك وتعالى أن يوفقنا وإياكم وأن يجعلنا وإياكم من عباده المخلصين ومن أهل العلم العاملين، إن ربنا لسميع الدعاء وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

(1) يشير الشيخ إلى حديث أبي هريرة مرفوعا : (ما من صَاحِبِ ذَهَبٍ ولا فِضَّةٍ ... ولا صاحب إبل لا يؤدي منها حقها ومن حقها حلبها يوم وردها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر أو فر ما كانت لا يفقد منها فصيلا واحدا تطؤه بأخفافا وتعضه بأفواهها كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة .. ) الحديث . أخرجه مسلم برقم (987) .

(1) أخرجه مسلم برقم (212) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما .

(2) أخرج البخاري (5948) من حديث أبي هريرة مرفوعا ( والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ) .

(3) أخرج مسلم ( 2702) من حديث الأغر المزني مرفوعا ( إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة) .

(3) أخرجه أبو داود برقم (1516) والترمذي (3434) وصححه العلامة الألباني رحمه الله .

([6]) رواه مسلم (190) من حديث أبي ذرّ رضي الله عنه و أحمد في المسند بنحوه (5/170 ) .

(1) حديث الشفاعة أخرجه البخاري برقم ( 4435) ومسلم برقم ( 194) من حديث أبي هريرة .

(1) أخرجه البخاري برقم (605 ) .

(2) أخرجه البخاري برقم (4776 ) من حديث أنس .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو عمار الأثري
المدير العام
المدير العام
أبو عمار الأثري


عدد المساهمات : 2064
نقاط : 2347
تاريخ التسجيل : 18/10/2009
الموقع : منابر الهدى الأثرية

صفات عباد الرحمان المجلس الثاني للشيخ ربيع Empty
مُساهمةموضوع: رد: صفات عباد الرحمان المجلس الثاني للشيخ ربيع   صفات عباد الرحمان المجلس الثاني للشيخ ربيع I_icon_minitimeالجمعة 11 ديسمبر 2009, 2:37 pm

جزاك الله كل الخير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abuamar.ahlamontada.net
نور السلفية
العضو المتميز
العضو المتميز
نور السلفية


صفات عباد الرحمان المجلس الثاني للشيخ ربيع E8s7dt
عدد المساهمات : 1050
نقاط : 1440
تاريخ التسجيل : 05/11/2009
العمر : 38
الموقع : اشتقت لجمعكم يا اخوة الخير حياكم ربي

صفات عباد الرحمان المجلس الثاني للشيخ ربيع Empty
مُساهمةموضوع: رد: صفات عباد الرحمان المجلس الثاني للشيخ ربيع   صفات عباد الرحمان المجلس الثاني للشيخ ربيع I_icon_minitimeالجمعة 11 ديسمبر 2009, 6:02 pm

امين واياك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
صفات عباد الرحمان المجلس الثاني للشيخ ربيع
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» صفات عباد الرحمن للشيخ ربيع المجلس الا ول
» التوحيد يا عباد الله! للشيخ ربيع حفظه الله
» صفات عباد الرحمن من سورة الفرقان
» توحيد الرب المعبود*للشيخ سعد بن عبد الرحمان الحصين
» الشرك بالرب المعبود* للشيخ سعد بن عبد الرحمان الحصين حفظه الله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منابرأهل الأثر :: المنبر الإسلامي الحر :: منبر القرآن الكريم وعلومه-
انتقل الى: