السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يقول: الله -سبحانه وتعالى- من سننه أن يهلك من عصى وحاد عن الطريق المستقيم، فذكر سبحانه أنه أهلك ثمود، والمؤتفكات وغيرهن، ولكن إهلاك عاد مغاير، حيث قال سبحانه: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى} [(50) سورة النجم] والعرب إذا ذكرت الأولى معناه أن هناك شيء آخر، يعني أخرى، وإلا لم يصبح ميزة لذكر الأولى، وكذلك قال سبحانه: {أَلاَ بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ} [(60) سورة هود] فهل معنى ذلك أن هناك عاد غير قوم هود لم يهلكهم الله؟
يعني الوصف أحياناً يكون له مفهوم، وأحياناً يكون الوصف كاشف، ولا مفهوم له، ويكون تصريح بما هو مجرد توضيح، فلا يكون له مفهوم، ولا يقال: إن هناك عاداً أخرى، ولا عاد قوم لغير هود، وإنما هو من باب التصريح بما هو مجرد توضيح، وكونه أولى يعني أنها متقدم زمنها، وزعم بعض المؤرخين في قول ضعيف ذكره الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية أن عاد وثمود بعد إبراهيم، وهذا قول ضعيف، مع قوله -جل وعلا-: {الْأُولَى} [(50) سورة النجم] فلعل المستند لمن قال بهذا القول: إنها عاد ثانية أخرى بعد عاد الأولى، ولكن هذا القول ليس بصحيح.
الطالب: ما يطلق -رعاك الله- على الأولى بمعنى المتقدمة؟
هذا المعنى إيه.
يقول: في حالة ورث الولد من الوالد أمة هل ينتظر حيضة من الأمة، وأيضاً في حالة إذا أشترى أحد أمة وانتظر محيضها، ولكن اكتشف أنها حامل، هل يرجع إلى مالكها الأول، أم ماذا يفعل؟
إذا ورث الولد من والده أمة وقد كان الوالد قد وطئها فإنه لا يجوز للولد أن يطئها، ولو لم تحمل من والده وتكون أم ولد، بمجرد وطء الوالد حرمت على الولد، أما إذا أشترى أمة وانتظر الاستبراء بحيضة فتبين أنها حامل هل يرجعها إلى مالكها الأول أم ماذا يفعل؟ أولاً: أن الولد نماء، لكن إذا كانت حاجته إلى الوطء عاجلة، بحيث لا يستطيع أن ينتظر تسعة أشهر، هو في الحقيقة نماء، والولد تبع لها، نماء متصل فهو تبع لها، لكن إذا كانت حاجته إلى الوطء العاجل أكثر من حاجته إلى الولد فإن هذا يكون عيباً ترد به، وإلا هو في الأصل ليس عيب، وإنما هو نماء يغتبط به.
يقول: إذا ورث الولد امرأة من والده -يعني أمة- هل تتعق من وفاته -وفاة الوالد- أم تنتقل إلى...؟
تنتقل لأنها مال بحكم سائر الأموال، ما لم تكن حاملاً أو أم ولد وضعت فإنها تتعق بموته، أما إذا كانت ليست أم ولد فإنها تورث كما يورث سائر الأموال.
يقول: نقل ابن رشد وابن قدامة وغيرهما الإجماع على استحباب السترة، وقال بعض أهل العلم بوجوب السترة فهل الإجماع منعقد على استحبابها؟
نعم يذكرون الإجماع باعتبار أن المخالف من أهل الظاهر لا اعتداد بقوله، وأن الإجماع ينعقد بدونهم، وكثير ما ينقل النووي الإجماع مع ذكره قول داود؛ لأنه يصرح بأنه لا يعتد بقول داود؛ لأنه لا يرى القياس الذي هو أحد أركان الاجتهاد، فلا يعكر عليه ذكر خلاف داود؛ لأنه لا يعتد به، فعامة أهل العلم على أن السترة مستحبة، وإن جاء الأمر بها، إن صلى أحدكم فليستتر، والأصل في الأمر الوجوب، لكنه مصروف إلى الاستحباب عند عامة أهل العلم؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- ثبت عنه أنه صلى إلى غير جدار، قال ابن عباس: يعني إلى غير سترة.
يقول: هل للإمام أن يمكث بعد التفاته جالساً يسبح أم أن عليه أن يقوم من مكانه، وينتقل إلى مكان آخر بعد استغفاره؟
يمكث في مكانه، والملائكة تصلي عليه ما دام في مكانه، فما دام في مكانه فسائر المصلين الملائكة تصلي عليهم وتدعو لهم، ما لم يؤذ، ما لم يحدث.
يقول: هؤلاء الأسرى من الكبار بعدما صاروا عبيداً لدى أعدائهم السابقين ألم يهربوا من هذا الرق أو يقوموا بتدبير أذى ومكيدة لأسيادهم، وخاصة وحقد الكفار لا يزال في قلوبهم تجاه كل مسلم؟
أولاً: أن الأسير يوثق، يشد وثاقه حتى يؤمن جانبه، فإذا أمن جانبه ورأى الوضع عند المسلمين، واستقرت نفسيته، وألفهم تمنى أن يعيش بقية عمره أسير، ولا يرجع إلى قومه.
يقول: هل نقول: من أعتق نصيبه هل ينال أجر نصيبه ولو لم يسع بالباقي؟
على كل حال من أعتق كل شيء بقدره، لكن إن كان له مال فيلزمه تحرير باقيه، وإن لم يكن له مال فيستسعى العبد غير مشقوق عليه، فإذا كان السعي يشق عليه فإنه يبقى مبعض.
يقول: ما رأيكم في الكتب التالية: روضة الطالبين وعمدة المفتين للنووي؟
هذا من كتب الشافعية المحضة التي لا يشار فيها إلى خلاف، بل هي متخصصة في المذهب، مثل الإنصاف عند الحنابلة، يعني كتاب في اثني عشر مجلداً كالإنصاف تماماً، ولا يشير إلى المذاهب الأخرى، فهو كتاب متخصص في مذهب الشافعية، ومؤلفه النووي، وهو مأخوذ بجملته من الشرح الكبير، فتح العزيز للرافعي، مختصر منه، وفيه إضافات من النووي، وتنبيهات نفيسة، النووي إمام من أئمة الشافعية، وله يد وباع في الحديث، وله نفس لا شك أنه إلى العمل أكثر منه إلى العلم، يعني الرجل عالم ما يشك فيه في الفقه والحديث، ومع ذلك جانب العبادة عنده قوي، فيستفاد من كتبه -رحمه الله-.
عيون الأخبار لابن قتيبة؟
عيون الأخبار من كتب الأدب الأصلية التي ينبغي قراءتها لطالب العلم، لا سيما وهو أنظف بكثير من كثير من كتب الأدب، ابن قتيبة رجل عفيف، ما هو مثل الأصفهاني صاحب الأغاني ولا غيره، ولا مثل الراغب أيضاً، الراغب الذي له يد في القرآن وغريب القرآن، وله كتب نافعة، لكن كتابه محاضرة الأوائل، هذا فيه إسفاف شديد، قد يفوق الأغاني في هذا الباب، مع أنهم لهم وجهة نظر لكنها غير مقبولة، ابن الوردي قاضي ومفتي، ومع ذلك يقول حينما ألف كتاباً في الفرق بين الجواري والغلمان، قال: إنه قد استكثر هذا الكتاب من مثل قاضي ومفتي لكن هذا المستكثر وهذا العاتب لا يدري أن العلم شيء والأدب شيء آخر، هذا الكلام مردود، هذا هو الذي يردده من يريد فصل الدين عن نواحي الحياة، قريب منه جداً، إيش معنى الأدب؟ أنت ما تتدين بحلال وحرام في سائر أحوالك؟ لماذا تنقل مثل هذا الكلام؟ ومن أنظف كتب الأدب: زهر الآداب للحصري، زهر الآداب من أفضل كتب الأدب وأعفها، لكن ما سلم صاحبه من محقق الكتاب زكي مبارك، يقول: إن الكتاب أغفل جانباً مهماً من جوانب الأدب وهو المجون، وقال كلاماً يليق به، وقال: إن الحياة تفقد حيويتها حينما تكون هدى خالص، هذا كلام المجان الذين يروجون لمثل هذا الكلام، وهذه الأفعال.