منابرأهل الأثر
شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير 829894
ادارة المنتدي شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير 103798
منابرأهل الأثر
شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير 829894
ادارة المنتدي شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير 103798
منابرأهل الأثر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى إسلامي للقرآن الكريم والمحاضرات والخطب الدينية الصوتية والمرئية والكتابات الإسلامية
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير _online.gif?rnd=0


 

 شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
نور السلفية
العضو المتميز
العضو المتميز
نور السلفية


شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير E8s7dt
عدد المساهمات : 1050
نقاط : 1440
تاريخ التسجيل : 05/11/2009
العمر : 38
الموقع : اشتقت لجمعكم يا اخوة الخير حياكم ربي

شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير Empty
مُساهمةموضوع: شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير   شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير I_icon_minitimeالسبت 21 نوفمبر 2009, 4:29 pm

الحديث العاشر للأربعين النووية:

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [(51) سورة المؤمنون] وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [(172) سورة البقرة] ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنا يستجاب لذلك)) رواه مسلم.
وعن أبي محمد الحسن بن علي سبط رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وريحانته -رضي الله عنهما- قال: حفظت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) رواه الترمذي والنسائي وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)) حديث حسن، رواه الترمذي وغيره.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور السلفية
العضو المتميز
العضو المتميز
نور السلفية


شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير E8s7dt
عدد المساهمات : 1050
نقاط : 1440
تاريخ التسجيل : 05/11/2009
العمر : 38
الموقع : اشتقت لجمعكم يا اخوة الخير حياكم ربي

شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير   شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير I_icon_minitimeالسبت 21 نوفمبر 2009, 4:30 pm

الحديث العاشر عن أبي هريرة.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [(51) سورة المؤمنون] وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [(172) سورة البقرة] ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنا يستجاب لذلك)) رواه مسلم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين،
أما بعد:
نبهنا مراراً أنه لا يقال قبل (أما بعد) (ثم) ما نحتاج أن نقول: ثم أما بعد، أما بعد على طول، جاء فيها أكثر من ثلاثين حديث بدون (ثم) والإتيان بها سنة كما هو ديدنه -عليه الصلاة والسلام- في خطبه ورسائله، وإبدالها بالواو لأن كثير من الناس يقول: وبعد، لا يجزئ عن (أما) ولا تتأدى السنة إلا بهذا اللفظ (أما بعد).
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
الحديث العاشر:
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً)) الله -جل وعلا- مقدس منزه عن العيوب والنقائص، لا يقبل ما كان بضد ذلك، لا من الأعمال، ولا من الأقوال، ولا من الاعتقادات، ولا أي شيء يمكن أن يوصف بغير هذا الوصف الذي هو الطيب.
((إن الله تعالى طيب)) يخبر عن الله -جل وعلا- بأنه طيب، لكن هل يسمى بالطيب؟ محل خلاف بين أهل العلم، فمنهم من أثبت الطيب في الأسماء الحسنى، ومنهم من قال: إن هذا على سبيل الخبر، وسبيل الإخبار أوسع من باب التسمية والوصف كما هو معلوم.
((إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً)) وحذف المفعول للتعميم؛ ليسرح الذهن في كل مسرح مما يمكن أن يوصف بأنه طيب فيقبله الله -جل وعلا-، أو ما كان بضده من الخبيث والرديء فإن الله -جل وعلا- لا يقبله، ((إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً)) لا يقبل من الاعتقادات إلا الطيب، وهو ما دلت عليه النصوص، نصوص الكتاب والسنة، واتفق عليه سلف الأمة، ولا يقبل من الأعمال إلا ما دل عليه الدليل، ولا يقبل من الأقوال إلا الكلم الطيب، ولا يقبل من التصرفات من صدقات وغيرها إلا ما كان طيباً في مورده ومصرفه، لا يقبل إلا طيباً، {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [(267) سورة البقرة] {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(157) سورة الأعراف] فالمحرمات خبائث، والرديء خبيث، ((كسب الحجام خبيث)) {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [(267) سورة البقرة] ولو لم يكن محرماً، يعني النفقة بالمال الرديء لو قدر أن عندك تمر من النوع الجيد، وتمر من النوع الرديء، واحتبست الجيد لنفسك ولأولادك وتصدقت بالرديء هذا {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [(267) سورة البقرة] لكنها صدقة لها أجرها بقدرها، لكن {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} [(92) سورة آل عمران] أنت تحب الطيب فأنفق طيب، يعني لن تنالوا كمال البر إلا بهذا، وإن كانت الصدقة بالدون مقبولة -إن شاء الله تعالى-، {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ} [(267) سورة البقرة] يعني المال الخبيث الذي هو رديء في هذه الآية، الذي هو الرديء، النوع الرديء من الطعام، ومن سائر الأموال، لكن لا يقال: إن هذا التمر الذي هو دون مما ادخرته لنفسك وولدك، لا تتصدق منه، بل ترميه للمزابل وغيرها، لا، هذا إذا لم تحتج إليه تصدق به تجد من يأكله، لكنه نفقة مفضولة، {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} [(92) سورة آل عمران] وهذا يدل على سخاء النفس وجودها، وإيثارها لما عند الله -جل وعلا-، على حظ النفس كما هو معلوم.
الطيب يقابله الخبيث، الطيب الحلال والخبيث الحرام في قوله -جل وعلا-: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(157) سورة الأعراف] فالمحرمات كلها خبائث، وقد يرد سؤال وهو أن العين الواحدة قد تكون مباحة في وقت محرمة في وقت كالحمر الإنسية مثلاً، كانت حلال ثم حرمت هل كانت طيبة ثم صارت خبيثة؟ يعني انقلبت عينها؟ أو أن العين لم تتغير ولم تتأثر؟ يعني هل الخبث حسي؟ لا شك أنها رجس، يعني أنها نجسة، ومع ذلك هل كانت طيبة لما كانت حلالاً ثم انقلبت عينها إلى نجاسة بعد أن صارت حراماً؟ وقل مثل هذا في الخمر فيما طرأ عليه التحريم بعد التحليل أو العكس، هل أعيانه انقلبت؟ لأنه لما كانت حلال فهي مندرجة في: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ} [(157) سورة الأعراف] ولما صارت حراماً اندرجت في: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(157) سورة الأعراف] أو نقول: إن الطيب والخبث أمر معنوي يتبع النص؟ يتبع النص، فما كان حلالاً فهو طيب، وما كان حراماً فهو خبيث، هل نقول هذا أو نقول: إن الله -جل وعلا- قادر على أن يحيل هذه الأعيان من الطيب إلى الخبث الحسي بعد أن حرمها بعد أن كانت حلالاً؟
أقوال أهل العلم ما فيها بت في مثل هذه المسألة، لكن النص ظاهر في أن الحلال طيب وأن الحرام خبيث، وقد يطلق الخبث على غير الحرام على الرديء من الشيء ((من أكل من هاتين الشجرتين الخبيثتين)) يعني الثوم والبصل، ولذا ابن حزم يرى أن أكلهما حرام؛ لأنهما خبيثتان، والنص الصحيح الصريح في صحيح مسلم وغيره قال: أحرام هما يا رسول الله؟ قال: ((أنا لا أحرم ما أحل الله)) وهما حلال، وإن كانا خبيثتين لكنهما دون، ليست من الطيب الذي هو فاضل مقدم على غيره مرغوب فيه عقلاً وشرعاً وحساً، على كل حال هذه الأمور تفصيلها يطول.
((إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين)) لا يقبل إلا طيب، الطيب إن كان المراد فيما يقابله الخبيث الحرام فهذا مردود بلا شك، وإن كان فيما دون ذلك مما ليس بحرام وإن كان أقل فنفي القبول هنا لعله ينطبق إلى أو يندرج فيما دون ذلك وهو نفي الثواب المرتب عليه؛ لأنه يطلق نفي القبول ويراد به نفي الصحة، كما أنه يطلق نفي القبول ويراد به نفي الثواب المرتب على العمل، فرق بين ((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ)) و((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)) هذا نفي للصحة؛ لأن النفي عاد إلى شرط، إلى شرط مؤثر في العمل، وبين ((لا يقبل الله صلاة من في جوفه خمر)) أو((صلاة عبد آبق)) النفي هنا لم يعد إلى شرط، فهنا ينفى الثواب المرتب على العبادة، ومن هذا قوله -جل وعلا-: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [(27) سورة المائدة] يعني الثواب المرتب على عباداتهم في مقابل معاصيهم لا يترتب عليها ثوابها، ولم يقل أحد من أهل العلم، ما عرف عن أحد من أهل العلم أن الفساق يؤمرون بإعادة العبادات لأن عباداتهم غير صحيحة، عباداتهم صحيحة ومجزئة ومسقطة للطلب، لكن النظر في الثواب المرتب عليها.
((وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين)) قال -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [(51) سورة المؤمنون] {كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [(51) سورة المؤمنون] يعني لا تأكلوا من الخبيث، إنما الإنسان مأمور بأن يأكل من الطيب، ولا يأكل من الخبيث، والمنهي عنه المنهي عن أكله إنما هو الخبيث الذي هو المحرم، أما الدون فكون الإنسان يقصد إلى التمر الرديء أو البر الرديء، أو ما أشبه ذلك لنفسه ويرى أن هذا يعني يمكن يعينه على كسر نفسه، وعدم ترفعه على غيره مع أداء حق الله الذي أوجبه عليه، قد يكون هذا مسلك لبعض الصالحين، وإن كان الأصل أن الله -جل وعلا- يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، وهنا يقول: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [(51) سورة المؤمنون] التي أحلها الله -جل وعلا- وأباحها، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [(172) سورة البقرة] نفس الأمر {كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [(51) سورة المؤمنون] وقال للمؤمنين آمراً لهم: {كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [(57) سورة البقرة] فيستوي في هذا الأمر الرسل وأتباع الرسل، والرسل وأتباعهم.
"ثم ذكر الرجل" ذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- الرجل "يطيل السفر" وإطالة السفر، السفر في الجملة مظنة لإجابة الدعوة، وجاء ما يدل على ذلك في المرفوع "الرجل يطيل السفر" هذه من أسباب الإجابة "أشعث أغبر" منكسر القلب غير مترفع ولا متكبر، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما خرج لصلاة الاستسقاء خرج -عليه الصلاة والسلام- متواضعاً متذللاً متخشعاً متضرعاً؛ ليكون أدعى إلى إجابة الدعوة.
"أشعث أغبر" لأن الإنسان لا شك أنه يتأثر إذا لبس الجديد، أو ركب الفاخر الفاره، أو سكن المسكن الواسع الجميل، لا شك أن نفسيته تتأثر، بينما إذا لبس الوسط لا يقال: يلبس الرديء الخلق بحيث يزدريه الناس، لا، يتوسط في أموره، يركب المتوسط من المركوبات، يسكن المتوسط من البيوت، والدنيا ليست دار مقر وإنما هي ممر، فلا تكون محل عناية الإنسان وهمه الأول والآخر، إنما همه تحقيق ما خلق من أجله، وهو عبودية الله -جل وعلا-، والاستعانة بمتع هذه الدنيا؛ ليصل بذلك إلى تحقيق الهدف: {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [(77) سورة القصص] وبعض الناس عكس جعل الهدف اللهث وراء هذه الدنيا، وجمع الحطام، والملبس الفاخر، والمسكن الواسع الفاخر، والمركب الفاره وهكذا.
يعني يأتي الإنسان ليجاور في بيت الله الحرام أو في مسجد رسوله -عليه الصلاة والسلام- ثم يبحث عن أرقى الفنادق، الأمر أقل من ذلك، أهون من ذلك، قد يشغله هذا المسكن عما هو بصدده، وقد لا يعان على اجتماع قلبه، إذا وقف بين يدي الله -جل وعلا- في مثل هذا المسكن، فالتوسط في الأمور هو المطلوب.
((أشعث أغبر يمد يديه)) يعني جاء في الخبر: ((البذاذة من الإيمان)) ولا يعني أن الإنسان يلبس الرديء من كل شيء، أو يأكل الرديء من كل شيء، أو يسكن الرديء بحيث يمقته الناس، ويزدرونه، المسلم عزيز بدينه، عليه أن يتوسط في أموره كلها، {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [(143) سورة البقرة].
((أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء)) ورفع اليدين في الدعاء جاء في أكثر من مائة حديث، وجُمع فيه أجزاء لأهل العلم، أجزاء في رفع اليدين في الدعاء وهذا هو الأصل ما لم يكن في عبادة، فإن العبادة تؤدى كما جاءت عن القدوة -عليه الصلاة والسلام-، الصلاة ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) فلا يرفع يديه في الصلاة إلا فيما جاء فيه الرفع، لا يرفع يديه في الخطبة إلا فيما جاء فيه الرفع وهكذا، أما ما عدا ذلك فالأصل في الدعاء رفع اليدين.
((يمد يديه إلى السماء)) والله -جل وعلا- يستحيي أن يرد يدي عبده إذا رفعهما إليه صفراً، ((يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء)) من أسباب إجابة الدعوة ((يا رب يا رب)) والدعاء بـ(يا رب) جاء في أكثر الأدعية القرآنية، يا رب، ربنا، ربنا، وجاء في خواتم سورة آل عمران في العشر الآيات الأخيرة منها تكرار ربنا خمس مرات، حتى قال جمع من أهل العلم أن الإنسان إذا ضمن دعاءه المصدر بربنا، أو يا رب خمس مرات فإنه حري بالإجابة؛ لأنه لما تمت الخمس قال الله -جل وعلا-: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ} [(195) سورة آل عمران] فاستعمال هذا الاسم من أسماء الله -جل وعلا- من أسباب الإجابة، فعندنا الأسباب متوافرة، يطيل السفر، وأشعث، ويمد يديه إلى السماء، ويستعمل هذه الصيغة: يا رب يا رب، الأسباب متوافرة، لكن الشأن في وجود المانع من قبول الدعاء كما هو الحاصل هنا.
((ومطعمه حرام)) في كسبه لا يتورع عما حرم الله -جل وعلا-، في ما يأكله لا يتورع في أكل ما حرم عليه، أو شرب ما حرم عليه، ((مطعمه حرام، ومشربه حرام)) هذه موانع ((وملبسه حرام)) يعني الحرام محيط به، محدق به من كل وجه، في باطنه وظاهره.
((وملبسه حرام، وغذي بالحرام فأنى يستجاب له)) استبعاد ((أنى يستجاب له)) الأسباب متوافرة {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [(60) سورة غافر] دعا، وبذل السبب في إجابة الدعوة، لكن المانع من قبولها موجود ((فأنى يستجاب لذلك)) أو ((أنى يستجاب له)) استبعاد لإجابة الدعوة إذا كان هذا وضعه، لوجود هذه الموانع، ((فأنى)) وهو مجرد استبعاد لا استحالة، لا ييأس المسلم من دعاء الله -جل وعلا-؛ لأنه قد يدعو الله -جل وعلا- أن ينفي عنه وأن يبعده عن هذه الموانع، وقد أجاب الله -جل وعلا- دعوة شر الخلق وهو إبليس، أجاب الله دعوته، فليس هنا استحالة لإجابة الدعاء، وإنما هو استبعاد.
بهذا نعرف خطأ من يقول وقد سُمعت من بعض طلاب العلم مع الأسف أننا إذا طُلب منا الاستسقاء، يعني طلب ولي الأمر من المسلمين الاستسقاء قال بعضهم: إن هذا استهزاء، واستخفاف بأمر الله وشأنه، نتخوض في الحرام من كل وجه، ثم بعد ذلك نخرج نستسقي، وقد استسقينا واستسقينا واستسقينا فلم نسق، هذا خطأ شنيع -نسأل الله العافية-، هذا هو الاستحسار من جهة، هذا هو الاستحسار دعوت دعوت فلم أر يستجاب لي، هذا من جهة، الأمر الثاني: أنه استبعاد واستحالة لما عند الله -جل وعلا-، نعم النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((فأنى يستجاب له)) ليحرص المسلم على التخلص من هذه الموانع، قال سعد: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة، قال: ((أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة)) فالمطعم له شأن عظيم في إجابة الدعوة، لكن لا يعني أننا نتفوه بمثل هذا الكلام، وفينا من الأخيار ومن الصالحين من ترجى إجابة دعوته، نعم عموم الناس دخلت عليهم الشبهات، وبعضهم يزاول الحرام، ويأكل الحرام، ويتخبط في الحرام، لكن لا يعني أن هذا معناه استحالة إجابة الدعوة، نعم يسعى المسلم بل عليه أن يسعى لانتفاء هذه الموانع، لكن عليه أن يبدأ بإصلاح نفسه قبل غيره، ثم بعد ذلك يدعو الناس الأقرب فالأقرب.
((فأنى يستجاب له)) وعرفنا أن هذا مجرد استبعاد لوجود الموانع، وقد يغلب السبب المانع، وقد يغلب المانع فلا يستجاب له حينئذٍ، والله -جل وعلا- يبتلي عباده، فقد يستجيب لهم فوراً حتى مع انتفاء الموانع قد لا يستجاب للإنسان في ظاهر الأمر؛ لأنه ما من دعوة يدعو بها مسلم يعني بغض النظر عن وجود الموانع إلا أنه إما أن يستجاب له بما طلب، أو يدفع عنه من الشر مقدار ما طلب أو أعظم، وقد تدخر له هذه الدعوة إلى وقت هو أحوج بها منه إلى هذا الوقت.
نعم اقرأ الحديث الذي يليه.
لأنه جاءنا اقتراحات من كثير من الإخوان أننا نشرح الأحاديث بطريقة مناسبة لهذا المختصر، ولا نصنع مثلما صنعنا في العام الماضي والذي قبله، فمعدل ثلاثة أحاديث -إن شاء الله- في كل يوم، إن استطعنا أن نشرح أربعة؛ لنقلل المدة التي يشرح بها هذا الكتاب الذي هو أخصر كتاب في الحديث، يعني إذا أخذنا عشر سنوات في هذا الكتاب، فماذا عن الكتب الأخرى؟ لا سيما وأن الأحاديث التي هي القواعد الكلية قد انتهت، يعني بقي أحاديث هي قواعد ومهمة في حياة المسلم، وهي من جوامع الكلم، لكن لعلنا نشرح في اليوم بدلاً من حديث واحد ثلاثة أحاديث، فنكون توسطنا في الأمر، وأنا أعرف واحد من المشايخ شرح الكتاب في ثلاثة دروس، وضعت دورة في أسبوع فانتهى منها في يوم الاثنين، لا هذا ولا هذا، لا عاد صنيعنا الأول كل درس حديث واحد، ولا أن نشرح في كل يوم عشرين حديث أو خمسة عشر حديث، يعني ثلاثة أربعة معدل طيب -إن شاء الله-، وفي سنتين نكون انتهينا منه.
سم.
أو ثلاث.
سم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور السلفية
العضو المتميز
العضو المتميز
نور السلفية


شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير E8s7dt
عدد المساهمات : 1050
نقاط : 1440
تاريخ التسجيل : 05/11/2009
العمر : 38
الموقع : اشتقت لجمعكم يا اخوة الخير حياكم ربي

شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير   شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير I_icon_minitimeالسبت 21 نوفمبر 2009, 4:31 pm

عن أبي محمد الحسن بن علي سبط رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وريحانته -رضي الله عنهما- قال: حفظت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) رواه الترمذي والنسائي وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
في الحديث الحادي عشر يقول النووي -رحمه الله تعالى- في هذا الكتاب المختصر النافع:
"عن أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب" الحسن بن علي بن أبي طالب "سبط رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" السبط ابن البنت، والحفيد ابن الابن، والسبط واحد الأسباط، وأسباط بني إسرائيل هم أولاد يعقوب -عليه السلام-، يقال لهم: الأسباط، فهم أولاد الأولاد، والمعروف أن الأسباط أولاد البنات، فيه مخالفة وإلا ما في؟ نعم، سبط رسول الله ابن بنت الرسول -عليه الصلاة والسلام- فاطمة -رضي الله عنها وأرضاها-، وهذا هو المعروف في السبط في لغة العرب أنه ابن البنت، وقد يكون في اصطلاح من تقدم يشمل ابن البنت وابن الولد وابن الابن بدليل أن أسباط بني إسرائيل أولاد أولاد، ما هم بأولاد بنات، ولعل هذه التسميات التي لا يترتب على الاختلاف فيها أحكام شرعية الاصطلاح فيها واسع، ولا مشاحة في مثل هذا الاصطلاح؛ لأنه لا يترتب عليه حكم شرعي يتغير من اصطلاح إلى اصطلاح.
مثال ذلك: العم أخو الأب لا يجوز بحال أن نسميه خالاً، والخال أخو الأم لا يجوز بحال أن نسميه عماً، لماذا؟ لأنه يترتب عليه أحكام شرعية، لكن أبو الزوجة بعض المجتمعات تسميه عم، وبعض المجتمعات تسميه خال، ومثله أبو الزوج، يعني هل يلام من يسميه عم أو يلام من يسميه خال؟ نقول: لا مشاحة في الاصطلاح، هو أبو الزوج أبو الزوجة لا يترتب عليه تغير في الحكم الشرعي، هل يترتب عليه تغير حكم؟ هل يتأثر ميراثه إذا قلنا: عم وإلا خال؟ هو لن يرث على كل حال، لن يرث سواءً سميناه عماً أو خالاً، بخلاف العم أخي الأب، والخال أخي الأم فإنه لا يجوز بحال أن نسمي أحدهما باسم الآخر، وهذه القاعدة التي يطلقها أهل العلم أنه لا مشاحة في الاصطلاح يجب تقييدها، يعني إذا قال شخص: أنا أصطلح لنفسي أن الأرض فوق والسماء تحت، يوافق وإلا ما يوافق؟ يقال: لا مشاحة في الاصطلاح؟ نعم؟ لا، لا بد وأن يشاحح، ولا بد أن يرد عليه، إذا سمى الشمال جنوب والجنوب شمال، هذا تترتب عليه أحكام كثيرة، نقول: يشاحح في الاصطلاح، لكن في الخارطة مثلاً الناس مطبقون على أن الشمال فوق في الخارطة، والجنوب تحت، لو عكس صار الجنوب فوق والشمال تحت، من غير تغيير للواقع، قلب الخارطة وجعل الجنوب فوق، والشمال تحت، نقول: لا مشاحة في الاصطلاح، ما يترتب عليه شيء، ما يغير من الواقع شيء، وابن حوقل من أوائل الجغرافيين العرب عاكس الخارطة، عنده فوق الجنوب.
على كل حال هذه القاعدة يجب تقييدها، وعندنا سبط رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا ابن البنت، كما هو واقعه -رضي الله عنه وأرضاه-.
"سبط رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وريحانته -رضي الله عنهما-" -رضي الله عنهما- الضمير يعود على الحسن وأبيه؛ لأنه ذكر الأب، الحسن بن علي، لكن قد يقول قائل: إنه ذُكر أربعة محمد الابن، والحسن الأب، وعلي وأبو طالب، ذُكر أربعة، فالترضي يكون عمن؟ عن المسلم وغير المسلم لا يجوز الترضي عنه، ولا الترحم عليه، مع أن العرف عند أهل العلم أن الترضي إنما هو للصحابة، فعندنا من الصحابة اثنان الحسن وعلي، أبو طالب مات على الكفر -نسأل الله السلامة والعافية وحسن الختام- كما هو معروف في قصته في الصحيح، ومحمد ليس بصحابي، نعم يترحم عليه، كثيراً ما يقولون:
"عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -رضي الله عنهما-" يعني على سبيل التبعية لعبد الله بن عمرو.
"-رضي الله عنهما- قال: حفظت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك))" وحفظ أحاديث كثيرة جداً، لكن أكثرها بواسطة؛ لأنه من صغار الصحابة، فكثير منها بواسطة، وإذا كان ابن عباس لم يثبت عنه أنه روى مباشرة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا ما يقارب الأربعين حديثاً، وما عداه فبواسطة، فالحسن على قربه من النبي -عليه الصلاة والسلام- مثله، الصغير لا يحضر كل مجلس، ولا يحفظ كل ما يسمع، ولا ينتبه لكل ما يقال، على كل حال هذا الحديث الذي معنا مما حفظه من النبي -صلى الله عليه وسلم-.
"قال: حفظت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قوله: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك))" ((دع)) يعني اترك، والأمر مستعمل كما هنا، والمضارع مستعمل ((من لم يدع قول الزور)) والمصدر مستعمل ((لينتهين أقوام عن ودعهم)) والماضي منه أميت فلم يستعمل، ما استعمل الماضي من هذه المادة، ما في ودع بمعنى ترك، وقرئ في الشواذ: "ما ودعك ربك" لكنها قراءة شاذة، وأهل العلم ينصون على أن الماضي من هذه المادة قد أميت، واستعمل الأمر كما هنا ((دع ما يريبك)) اترك ما تشك فيه، و(ما) من صيغ العموم، كل شيء يريبك وتشك فيه دعه، بمعنى اتركه.
((يريبك)) من راب الثلاثي، وقد يقال: أراب يريب رباعياً إلى اترك هذا الشيء الذي ترتاب فيه، وتشك فيه إلى أمر أو إلى شيء لا تشك فيه، ولا ترتاب فيه، وهذا من أصعب الأمور على كثير من الناس، التخلي عن المشكوك فيه مع الحاجة إليه صعب على النفوس، مع أن البخاري ذكر عن حسان بن أبي سنان قال: ما رأيت شيئاً أهون من الورع، الورع سهل، ما رأيت شيئاً أهون من الورع ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) هذا الكلام من مثل حسان مقبول؛ لأن هذه منزلته، وعرف عنه الورع الشديد مع أن سفيان استغرب هذا الكلام، وهو سفيان الثوري من أئمة المسلمين ومن ساداتهم، ومن أزهد الناس وأورعهم، ومع ذلك يقول: كيف يقول حسان هذا الكلام؟ لكنها مقامات، بعض الناس يظن هذا الأمر ضرب من الخيال، يعني بعض الناس ما يستوعب مثل هذا الكلام؛ لأنه لا يستطيع ولا يتصور أن يحصل منه هذا الأمر، بعض الناس إذا سمع أن قراءة القرآن في سبع أمرها سهل جداً، قال: هذا ما هو بصحيح، هذا مستحيل، فضلاً عن أنه يقرأ القرآن في ثلاث وفي يوم، هذا شيء لا يطاق في عرف كثير من الناس؛ لأنه ما تعود هذا الأمر، ولا اطر نفسه على هذا العمل، يعني يتعجب بعض الناس من صيام بعض الناس النوافل في الصيف، وبعضهم يتعجب من قيام الليل في الليالي الشاتية الطويلة، ويرى أن هذا أمر لا يطاق، لكن المسألة كل له مقامه، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قام حتى تفطرت قدماه -عليه الصلاة والسلام-؛ لعلو مقامه ومنزلته ومكانه عند الله -جل وعلا-، وحسان بن أبي سنان يقول: ما رأيت شيئاً أهون من الورع، الكلام النظري سهل، ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) لكن المحك عند العمل، إذا وقع بيدك شيء أنت بحاجة إليه اختبر نفسك في هذا المقام، وليس الأمر خاص بأمر الدنيا، تجد متاع سيارة في كيفية عقدها شبهة ثم تتجاوز وتسكت لا، حتى عند بعض طلاب العلم يقع في يده الكتاب النفيس النادر فيكون في عقده شيء يبي يترك هذا الكتاب الذي وقع بيده بعد أن تعب عليه، وحرص عليه، وبحث عنه سنين؟! أو هذا يدع هذا البيت الذي ما صدق أنه يوقع العقد، هذه أمور يعني فيها منازعة في النفوس، وفيها مشادة، فيها جذب وأخذ ورد، لكن من يغلب نفسه وهواه هذا هو السعيد، ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) أي شيء تشك فيه، أي شيء فيه أدنى شبهة أتركه، كما تقدم في حديث النعمان بن بشير: ((الحلال بين، والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه)) هكذا ينبغي لطالب العلم على وجه الخصوص، والمسلم عموماً أن يأطر نفسه على هذا الأمر، يبتعد عن الشبهات ليضع لنفسه سياجاً يأمن معه ارتكاب المحرمات، والنفس لا نهاية لها، وعرفنا في دروس مضت أن سلف هذه الأمة يتركون من الحلال الشيء الكثير؛ لأن النفس إذا ضرت على شيء تعودت عليه لا تطيق فراقه، فقد لا يحصل هذا الشيء الذي عود نفسه عليه من وجه حلال بين، ثم بعد ذلك يرتكب شبهة، يقول: الشبهة الحمد لله ما ارتكبنا حرام، لكن الشبهة تجره إلى الحرام، ((كالراعي حول الحمى)) فكل شيء يقربك من الحرام ابتعد عنه {تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا} [(187) سورة البقرة].
((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) من كل شيء، هذا ضابط، أي شيء تشك فيه اتركه، ولا تقدم على شيء إلا أن تجزم بأنه حلال، لا شبهة فيه ولا كراهية فضلاً عن أن يكون محرماً.
بعض الناس يستفتي بعض من يتصدر للفتوى ويجيبه بكلام يوافق هواه ومع ذلك نفسه لا ترتاح لهذه الفتوى، ويقول: الحمد لله أفتاني من تبرأ الذمة بتقليده، ووين أروح أدور غير هذا؟ العامة عندهم مثل يقول: ضع بينك وبين النار مطوع، يعني اللي يفتيك خلاص أنت بذمته، صحيح أنت بذمته، وهو آثم إذا أفتاك بغير الحق، لكن مع ذلك ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) ((والإثم ما حاك في النفس، وتردد في الصدر ولو أفتاك الناس وأفتوك)) فإذا أفتاك بما يوافق هواك وفي نفسك شيء منه لم تقتنع به عليك أن تسأل غيره، عليك أن تسأل غير هذا الذي أفتاك.
نعود إلى حال حسان بن أبي سنان وهو يقول: ما رأيت شيئاً أهون من الورع، ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) هذا بالنسبة لأمور الآخرة، وما يتعلق بالثواب والعقاب ظاهر، لكنه من أشد الأمور على النفوس، ذكرنا أن سفيان استغرب هذا الكلام من حسان، لكن حسان بالمقام الذي يناسب مثل هذا الكلام، وقد يقوله قائل ومقامه دون، قد نقوله اتباعاً للنص، تسأل فتقول: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) هذا الأمر سهل، نعم في الكلام النظري سهل، لكن عند التطبيق من أصعب الأمور، يعني سهل على الإنسان أن يأتي إلى شخص مصاب ويصبره، ويقرأ عليه النصوص، لكن ماذا عنه نفسه لو أصيب؟ لو أصيب هو يستطيع أن يستحضر هذه النصوص ويصبر الصبر المطلوب؟ كثير من الناس لا يحتمل هذه الأمور، نعم عنده استعداد تام لتصبير غيره، ويظهر بمظهر هو من أرضى الناس بقدر الله، ثم إذا أصيب ظهرت النتيجة صفر؛ لأن الكلام النظري سهل، والتطبيق العملي هو المحك، يعني بعض الناس يأتي إلى مريض مريض سكري مثلاً، يقول: العلاج سهل اقبض يدك وأطلق رجلك، يعني لا تأكل كثيراً، وامش كثيراً، العلاج سهل، لكن خله يصاب هو وشوف، يعني يصاب بنهم شديد على كل ما له أثر في هذا المرض، وهذا مجرب عند المرضى كلهم، بعض من يصاب يستغفل أهله وزوجته وأولاده ويذهب إلى المستودع ويأكل مما يؤثر فيه، يصاب بنهم قد يكون قبل ذلك ليست الشهوة بمثل ما هي عليه الآن بعد المرض، فالعبرة بالتطبيق، بالعمل، أما الكلام النظري هذا أكثر الناس يحسنه، سهل، لكن ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) إذا قاله مثل حسان بن أبي سنان فمنزلته مثل ذلك، بل قيل عنه: إنه أرفع من ذلك، رحمه الله.
هذا الحديث يدخل كسابقه ((إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً)) يدخل في كل شيء، حتى جعلوه من الأحاديث الأربعة التي جاءت في نظم طاهر بن المفوز الذي ذكرناه في أول الحديث:

عمدة الدين عندنا كلمات ** أربع من قول خير البرية

هاه؟

اترك الشبهات وازهد ودع ما ** جج ليس يعنيك واعملن بنية

((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) يدخل في الاعتقادات نفياً وإثباتاً، فلا تثبت لله -جل وعلا- إلا ما تجزم بثبوته عنه، وما كان مشكوكاً فيه ولم يتفق عليه علماء هذه الأمة من سلفها وأئمتها فإنك لا تثبته لله -جل وعلا-، إذا أردت أن تصلي صلاة يختلف فيها أهل العلم من الصلوات الخاصة الذي جاء فيها بعض النصوص التي يختلف أهل العلم في ثبوتها ونفيها، صلاة التسابيح، صلاة الرغائب، صلاة كذا، صلاة كذا، لا تقدم على هذه العبادة إلا مع عدم الشك في ثبوتها؛ لئلا تتعبد لله -جل وعلا- بما لم يشرعه، أمور المعاملات ظاهرة، مثلما قلنا في المقتنيات من المآكل والمشارب والملابس والمساكن لا تقدم على شيء إلا في عقد صحيح تبرأ به الذمة، والعقود التي تشك في صحتها، وإن أفتاك من أفتاك بأنها صحيحة فإنك لا تقدم عليها امتثالاً لهذا الأمر؛ لأن فيها ما يريب.
"رواه الترمذي والنسائي، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح".
الذي يليه.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)) حديث حسن، رواه الترمذي وغيره.
الحديث الثاني عشر:
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)) حديث حسن، رواه الترمذي وغيره هكذا.
يعني موصولاً عن أبي هريرة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ورواه غيره مرسلاً.
اختلف فيه العلماء في وصله وإرساله، لكن الترمذي حكم عليه بأنه حسن، والمؤلف أيضاً -رحمه الله تعالى- النووي حكم عليه بأنه حسن، وقال بعضهم بأنه مرسل، لا يثبت موصولاً، وعلى كل حال أقل أحواله الحسن، وصححه بعضهم بشواهده.
عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)) من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، يعني من كماله وتمامه، وهو محمول على ما لا يعنيه من المباحات، تركه ما لا يعنيه من المباحات، لا يتدخل فيما لا يعنيه، لا يتدخل في شئون غيره، لا يسأل عما لا حاجة له به، لا ينظر إلى ما لا يحتاج للنظر إليه، لا يستمع إلى ما لا يحتاج استماعه، ما لا ينفعه في دينه أو دنياه، وليس بحاجة لهذه الأمور؛ لأنها لا تعنيه، فمن تمام إسلامه وحسن إسلامه وكماله ألا ينظر إلى هذه الأمور.
كثير من الناس مغرم بتتبع هذه الأمور التي لا تعنيه، بل فيها إضاعة لوقته وجهده واهتمامه، ولها آثار على قلبه؛ لأن هذه الأمور منافذ للقلب إذا تكلم فيما لا يعنيه، ونظر إلى ما لا يعنيه، واستمع إلى ما لا يعنيه، هذه المنافذ إلى القلب التي تورثه تشتتاً وعدم اجتماع، فيصاب بالغفلة، إذا أكثر النظر في الأمور التي لا تعنيه، وهو ماش في طريقه هذه العمارة ما شاء الله كم دور؟ ولمن؟ ولماذا فعلوا كذا؟ ولماذا كان اللون كذا؟ هذا لا يعنيك، اشتغل بما يعنيك، لو أنت قلت: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم بدلاً من هذا الفضول لكان أكمل لإسلامك، وأحفظ لقلبك، ومثله الاستماع، بعض الناس يحب سماع كل شيء، وإذا فاته شيء ماذا قال فلان؟ ماذا حصل؟ ماذا؟ بعضهم فضول النظر، وهذه الأمور هي التي تصيب القلب بالتشتت والغفلة عما يراد من الإنسان، فمنافذ القلب السمع والبصر، واللسان، فضول القول، فضول النظر، فضول الاستماع، فضول النوم، فضول الأكل، كل هذه الفضول الإنسان ليس بحاجة إليها، إنما يقتصر على ما يحتاج إليه، ويقتصر على ما يعنيه.
((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)) قد يقول قائل -وقد قيل- في بعض الوسائل أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تدخل في شئون الغير، ويدخل في هذا الحديث ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)) نقول: لا، هو مأمور به شرعاً فهو يعنيه، مأمور بالأمر بالمعروف فهو مما يعنيه، مأمور بالنهي عن المنكر فهو يعنيه، ولو تركه لأخل بواجب أوجبه الله عليه، فهو آثم بسببه على حسب قدرته واستطاعته، يعني يردد في الوسائل أن هذا الأمر والنهي تدخل في شئون الغير، فهو في الحقيقة لا يعنيه، نقول: لا، يعنيه، بل هو ملزم به شرعاً، ولذا طلب منه: ((من رأى منكم منكراً فليغيره)) هذا نقول: لا يعنيه؟ وهو مأمور به أمر صريح، ما هو باستنباط، أمر صريح ((فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه)) فهذا يعنيه، ولا يمكن أن يقال: إن هذا الأمر يعني ما لك دخل بالناس، هذه كلمة يرددها، ما عليك من الناس، كل يبي يدفن بقبره لحاله، لا، أنت تبي تسأل عن هذا المنكر الذي رأيته فلم تغيره؛ لأنك مأمور وداخل في عموم (من) ((من رأى منكم)) والمراد بالرؤية هنا أعم من البصرية، قيل لك: إن فلان ارتكب منكراً، أو يوجد منكر في المكان الفلاني تقول: هذا لا يعنيني، نقول: يعنيك؛ لأنك مأمور بالتغيير، تقول: أنا ما رأيت، والرسول يقول: ((من رأى)) نقول: لا، الرؤية هنا أعم من أن تكون بصرية، إذا بلغك بطريق صحيح فكأنك رأيت، والنبي -عليه الصلاة والسلام- خوطب بالرؤية في أمور لم يرها؛ لأنها بلغته بما يثبت به الخبر: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ} [(6) سورة الفجر] {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [(1) سورة الفيل] ما رأى، لكنه بلغه بخبر قطعي كأنه رؤية، وإلا لو قلنا: إن ما جاء بالنصوص بلفظ الرؤية يقتصر على البصرية لقلنا: إن الأعمى لا يلزمه الأمر والنهي، ولا يلزمه الغسل إذا احتلم؛ لأنه لم ير المني "هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ قال: ((نعم إذا هي رأت الماء)) طيب لو قدر أنها في ليل في ظلام، وجزمت يقيناً أن الماء قد خرج، أو جزم الأعمى، أو الرجل في الظلام أنه قد خرج منه الماء، نقول: لا، لا يغتسل؛ لأنه ما رأى الماء، هل يمكن أن يقول بهذا أحد؟ ما يقول بهذا أحد.
فالرؤية أعم من أن تكون بصرية، فإذا بلغك المنكر بمن يثبت بقوله الخبر عليك أن تنكر، نعم عليك أن تتثبت عليك أن تتريث لا تتعجل؛ لأن الأساليب الآن الكيدية تنوعت وتعددت، فيمكن أن يشاع خبر فإذا استعجل الإنسان في إنكاره خفت مصداقيته، ثم إذا تكرر منه ذلك صار كلامه وجوده مثل عدمه، فنقول: عليك أن تتثبت، فإذا ثبت لديك بما لا مجال فيه للشك، عليك أن تغير، عليك أن تنكر.
ولو قلنا بأن مثل هذا لا يعني المسلم فأيضاً جميع أبواب الخير أيضاً المتعلقة بغيره إذا طردنا هذا قلنا: لا تعنيه، أمر فلان، أو أمر المجموعة من الطلاب لا يعنيك لماذا تعلمهم الخير؟ نفس الشيء، أنت في منعك إياه من مزاولة المنكر أنفع له من أن تعلمه العلم؛ لأنك تحول دونه ودون ما هو ضرر محض عليه، ومعلوم أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، فأنت إذا رأيت عاصياً تبادر إلى إنكار المنكر قبل أن تسعى لتعليمه العلم، وحثه على طلب العلم، ثم إذا زال هذا المنكر تدعوه إلى أن يكمل نفسه بالعلم النافع والعمل الصالح، يعني من حسن إسلام المرء، يعني من كماله وهذا قلنا أنه في المباحات، أما إذا كان في المحرمات أو في الواجبات فإنه من صميمه وصلبه، من صميم دينه، من صميم إسلامه تركه ما لا يعنيه في هذه الأمور المحرمة أو فعل أو ترك الواجبات، فإن هذا أمر ليس من كمال الإسلام، ولا من حسنه فقط، بل من صميمه من لبه، والله أعلم.
وصلى على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور السلفية
العضو المتميز
العضو المتميز
نور السلفية


شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير E8s7dt
عدد المساهمات : 1050
نقاط : 1440
تاريخ التسجيل : 05/11/2009
العمر : 38
الموقع : اشتقت لجمعكم يا اخوة الخير حياكم ربي

شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير   شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير I_icon_minitimeالسبت 21 نوفمبر 2009, 4:32 pm

شريط مفرغ للشيخ حفظه الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو عمار الأثري
المدير العام
المدير العام
أبو عمار الأثري


عدد المساهمات : 2064
نقاط : 2347
تاريخ التسجيل : 18/10/2009
الموقع : منابر الهدى الأثرية

شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير   شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير I_icon_minitimeالسبت 21 نوفمبر 2009, 10:21 pm

بارك الله بك وجزاك الله كل الخير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abuamar.ahlamontada.net
نور السلفية
العضو المتميز
العضو المتميز
نور السلفية


شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير E8s7dt
عدد المساهمات : 1050
نقاط : 1440
تاريخ التسجيل : 05/11/2009
العمر : 38
الموقع : اشتقت لجمعكم يا اخوة الخير حياكم ربي

شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير Empty
مُساهمةموضوع: رد: شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير   شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير I_icon_minitimeالأحد 22 نوفمبر 2009, 4:54 pm

وفيك اللهم آمين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
شرح الاربعين النووية للشيخ عبد الكريم الخضير
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» شرح الأربعين النووية (11) شرح حديث رقم: (13- 14- 15- 16) الشيخ: عبد الكريم الخضير
» مجموع الاربعين النووية
» ذم الدُّنيا الشيخ/ عبد الكريم الخضير
» من أعظم البر الشيخ / عبد الكريم الخضير
» خطر الذنوب والمعاصي العلامة/ عبد الكريم الخضير

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منابرأهل الأثر :: المنبر الإسلامي الحر :: منبر علم الحديث-
انتقل الى: