منابرأهل الأثر
فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثالث 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثالث 829894
ادارة المنتدي فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثالث 103798
منابرأهل الأثر
فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثالث 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثالث 829894
ادارة المنتدي فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثالث 103798
منابرأهل الأثر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى إسلامي للقرآن الكريم والمحاضرات والخطب الدينية الصوتية والمرئية والكتابات الإسلامية
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثالث _online.gif?rnd=0


 

 فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثالث

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
نور السلفية
العضو المتميز
العضو المتميز
نور السلفية


فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثالث E8s7dt
عدد المساهمات : 1050
نقاط : 1440
تاريخ التسجيل : 05/11/2009
العمر : 38
الموقع : اشتقت لجمعكم يا اخوة الخير حياكم ربي

فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثالث Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثالث   فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثالث I_icon_minitimeالجمعة 13 نوفمبر 2009, 5:11 pm

[right]الحديث:
حدثنا ‏ ‏يحيى بن بكير ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏الليث ‏ ‏عن ‏ ‏عقيل ‏ ‏عن ‏ ‏ابن شهاب ‏ ‏عن ‏ ‏عروة بن الزبير ‏ ‏عن ‏ ‏عائشة أم المؤمنين ‏ ‏أنها قالت ‏
‏أول ما بدئ به رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل ‏ ‏فلق ‏ ‏الصبح ثم حبب إليه الخلاء وكان يخلو ‏ ‏بغار حراء ‏ ‏فيتحنث ‏ ‏فيه ‏ ‏وهو التعبد ‏ ‏الليالي ذوات العدد ‏ ‏قبل أن ‏ ‏ينزع ‏ ‏إلى أهله ويتزود لذلك ثم يرجع إلى ‏ ‏خديجة ‏ ‏فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق وهو في ‏ ‏غار حراء ‏ ‏فجاءه ‏ ‏الملك ‏ ‏فقال ‏ ‏اقرأ قال ما أنا بقارئ قال فأخذني ‏ ‏فغطني ‏ ‏حتى بلغ مني الجهد ثم ‏ ‏أرسلني ‏ ‏فقال اقرأ قلت ما أنا بقارئ فأخذني ‏ ‏فغطني ‏ ‏الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم ‏ ‏أرسلني ‏ ‏فقال اقرأ فقلت ما أنا بقارئ فأخذني ‏ ‏فغطني ‏ ‏الثالثة ثم ‏ ‏أرسلني ‏ ‏فقال ‏
‏اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من ‏ ‏علق ‏ ‏اقرأ وربك الأكرم ‏
‏فرجع بها رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يرجف فؤاده فدخل على ‏ ‏خديجة بنت خويلد ‏ ‏رضي الله عنها ‏ ‏فقال ‏ ‏زملوني ‏ ‏زملوني ‏ ‏فزملوه حتى ذهب عنه ‏ ‏الروع ‏ ‏فقال ‏ ‏لخديجة ‏ ‏وأخبرها الخبر لقد خشيت على نفسي فقالت ‏ ‏خديجة ‏ ‏كلا والله ‏ ‏ما يخزيك ‏ ‏الله أبدا إنك لتصل الرحم وتحمل ‏ ‏الكل ‏ ‏وتكسب ‏ ‏المعدوم ‏ ‏وتقري ‏ ‏الضيف وتعين على ‏ ‏نوائب ‏ ‏الحق فانطلقت به ‏ ‏خديجة ‏ ‏حتى أتت به ‏ ‏ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ‏ ‏ابن عم ‏ ‏خديجة ‏ ‏وكان امرأ قد ‏ ‏تنصر ‏ ‏في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العبراني فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب وكان شيخا كبيرا قد عمي فقالت له ‏ ‏خديجة ‏ ‏يا ابن عم اسمع من ابن أخيك فقال له ‏ ‏ورقة ‏ ‏يا ابن أخي ماذا ترى فأخبره رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏خبر ما رأى فقال له ‏ ‏ورقة ‏ ‏هذا ‏ ‏الناموس ‏ ‏الذي نزل الله على ‏ ‏موسى ‏ ‏يا ليتني فيها جذعا ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك فقال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏أومخرجي هم قال نعم لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك أنصرك نصرا ‏ ‏مؤزرا ‏ ‏ثم لم ‏ ‏ينشب ‏ ‏ورقة ‏ ‏أن توفي وفتر الوحي ‏
‏قال ‏ ‏ابن شهاب ‏ ‏وأخبرني ‏ ‏أبو سلمة بن عبد الرحمن ‏ ‏أن ‏ ‏جابر بن عبد الله الأنصاري ‏ ‏قال ‏ ‏وهو يحدث عن فترة الوحي فقال في حديثه بينا أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السماء فرفعت بصري فإذا ‏ ‏الملك ‏ ‏الذي جاءني ‏ ‏بحراء ‏ ‏جالس على كرسي بين السماء والأرض فرعبت منه فرجعت فقلت ‏ ‏زملوني ‏ ‏زملوني فأنزل الله تعالى ‏
‏يا أيها ‏ ‏المدثر ‏ ‏قم فأنذر ‏ ‏إلى قوله ‏ ‏والرجز ‏ ‏فاهجر ‏
‏فحمي ‏ ‏الوحي وتتابع ‏ ‏تابعه ‏ ‏عبد الله بن يوسف ‏ ‏وأبو صالح ‏ ‏وتابعه ‏ ‏هلال بن رداد ‏ ‏عن ‏ ‏الزهري ‏ ‏وقال ‏ ‏يونس ‏ ‏ومعمر ‏ ‏بوادره ‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نور السلفية
العضو المتميز
العضو المتميز
نور السلفية


فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثالث E8s7dt
عدد المساهمات : 1050
نقاط : 1440
تاريخ التسجيل : 05/11/2009
العمر : 38
الموقع : اشتقت لجمعكم يا اخوة الخير حياكم ربي

فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثالث Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثالث   فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثالث I_icon_minitimeالجمعة 13 نوفمبر 2009, 5:13 pm

الشرح:

‏قَوْله : ( حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن بُكَيْر ) ‏
‏هُوَ يَحْيَى بْن عَبْد اللَّه بْن بُكَيْر نِسْبَة إِلَى جَدّه لِشُهْرَتِهِ بِذَلِكَ , وَهُوَ مِنْ كِبَار حُفَّاظ الْمِصْرِيِّينَ , وَأَثْبَت النَّاس فِي اللَّيْث بْن سَعْد الْفَهْمِيّ فَقِيه الْمِصْرِيِّينَ . وَعُقَيْل بِالضَّمِّ عَلَى التَّصْغِير , وَهُوَ مِنْ أَثْبَت الرُّوَاة عَنْ اِبْن شِهَاب , وَهُوَ أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن مُسْلِم بْن عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن شِهَاب بْن عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث بْن زُهْرَة الْفَقِيه , نُسِبَ إِلَى جَدّ جَدّه لِشُهْرَتِهِ , الزُّهْرِيُّ نُسِبَ إِلَى جَدّه الْأَعْلَى زُهْرَة بْن كِلَاب , وَهُوَ مِنْ رَهْط آمِنَة أُمّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , اتَّفَقُوا عَلَى إِتْقَانه وَإِمَامَته . ‏

‏قَوْله : ( مِنْ الْوَحْي ) ‏
‏يُحْتَمَل أَنْ تَكُون " مِنْ " تَبْعِيضِيَّة , أَيْ : مِنْ أَقْسَام الْوَحْي , وَيُحْتَمَل أَنْ تَكُون بَيَانِيَّة وَرَجَّحَهُ الْقَزَّاز . وَالرُّؤْيَا الصَّالِحَة وَقَعَ فِي رِوَايَة مَعْمَر وَيُونُس عِنْد الْمُصَنِّف فِي التَّفْسِير " الصَّادِقَة " وَهِيَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا ضِغْث , وَبُدِئَ بِذَلِكَ لِيَكُونَ تَمْهِيدًا وَتَوْطِئَة لِلْيَقَظَةِ , ثُمَّ مَهَّدَ لَهُ فِي الْيَقَظَة أَيْضًا رُؤْيَة الضَّوْء وَسَمَاع الصَّوْت وَسَلَام الْحَجَر . ‏

‏قَوْله : ( فِي النَّوْم ) ‏
‏لِزِيَادَةِ الْإِيضَاح , أَوْ لِيُخْرِج رُؤْيَا الْعَيْن فِي الْيَقَظَة لِجَوَازِ إِطْلَاقهَا مَجَازًا . ‏

‏قَوْله : ( مِثْل فَلَق الصُّبْح ) ‏
‏بِنَصْبِ مِثْل عَلَى الْحَال , أَيْ : مُشْبِهَة ضِيَاء الصُّبْح , أَوْ عَلَى أَنَّهُ صِفَة لِمَحْذُوفٍ , أَيْ : جَاءَتْ مَجِيئًا مِثْل فَلَق الصُّبْح . وَالْمُرَاد بِفَلَقِ الصُّبْح ضِيَاؤُهُ . وَخُصَّ بِالتَّشْبِيهِ لِظُهُورِهِ الْوَاضِح الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ . ‏

‏قَوْله : ( حُبِّبَ ) ‏
‏لَمْ يُسَمَّ فَاعِله لِعَدَمِ تَحَقُّق الْبَاعِث عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ كُلّ مَنْ عِنْد اللَّه , أَوْ لِيُنَبِّه عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ بَاعِث الْبَشَر , أَوْ يَكُون ذَلِكَ مِنْ وَحْي الْإِلْهَام . وَالْخَلَاء بِالْمَدِّ الْخَلْوَة , وَالسِّرّ فِيهِ أَنَّ الْخَلْوَة فَرَاغ الْقَلْب لِمَا يَتَوَجَّه لَهُ . وَحِرَاء بِالْمَدِّ وَكَسْر أَوَّله كَذَا فِي الرِّوَايَة وَهُوَ صَحِيح , وَفِي رِوَايَة الْأَصِيلِيّ بِالْفَتْحِ وَالْقَصْر وَقَدْ حُكِيَ أَيْضًا , وَحُكِيَ فِيهِ غَيْر ذَلِكَ جَوَازًا لَا رِوَايَة . هُوَ جَبَل مَعْرُوف بِمَكَّة . وَالْغَار نَقْب فِي الْجَبَل وَجَمْعه غِيرَان . ‏

‏قَوْله : ( فَيَتَحَنَّث ) ‏
‏هِيَ بِمَعْنَى يَتَحَنَّف , أَيْ : يَتَّبِع الْحَنِفِيَّة وَهِيَ دِين إِبْرَاهِيم , وَالْفَاء تُبْدَل ثَاء فِي كَثِير مِنْ كَلَامهمْ . وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة اِبْن هِشَام فِي السِّيرَة " يَتَحَنَّف " بِالْفَاءِ أَوْ التَّحَنُّث إِلْقَاء الْحِنْث وَهُوَ الْإِثْم , كَمَا قِيلَ يَتَأَثَّم وَيَتَحَرَّج وَنَحْوهمَا . ‏

‏قَوْله : ( وَهُوَ التَّعَبُّد ) ‏
‏هَذَا مُدْرَج فِي الْخَبَر , وَهُوَ مِنْ تَفْسِير الزُّهْرِيّ كَمَا جَزَمَ بِهِ الطِّيبِيُّ وَلَمْ يَذْكُر دَلِيله , نَعَمْ فِي رِوَايَة الْمُؤَلِّف مِنْ طَرِيق يُونُس عَنْهُ فِي التَّفْسِير مَا يَدُلّ عَلَى الْإِدْرَاج . ‏

‏قَوْله : ( اللَّيَالِي ذَوَات الْعَدَد ) ‏
‏يَتَعَلَّق بِقَوْلِهِ يَتَحَنَّث , وَإِبْهَام الْعَدَد لِاخْتِلَافِهِ , كَذَا قِيلَ . وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُدَد الَّتِي يَتَخَلَّلهَا مَجِيئُهُ إِلَى أَهْله , وَإِلَّا فَأَصْل الْخَلْوَة قَدْ عُرِفَتْ مُدَّتهَا وَهِيَ شَهْر , وَذَلِكَ الشَّهْر كَانَ رَمَضَان رَوَاهُ اِبْن إِسْحَاق . وَاللَّيَالِي مَنْصُوبَة عَلَى الظَّرْف , وَذَوَات مَنْصُوبَة أَيْضًا وَعَلَامَة النَّصْب فِيهِ كَسْر التَّاء . وَيَنْزِع بِكَسْرِ الزَّاي أَيْ : يَرْجِع وَزْنًا وَمَعْنًى , وَرَوَاهُ الْمُؤَلِّف بِلَفْظِهِ فِي التَّفْسِير . ‏

‏قَوْله : ( لِمِثْلِهَا ) ‏
‏أَيْ : اللَّيَالِي . وَالتَّزَوُّد اِسْتِصْحَاب الزَّاد . وَيَتَزَوَّد مَعْطُوف عَلَى يَتَحَنَّث . وَخَدِيجَة هِيَ أُمّ الْمُؤْمِنِينَ بِنْت خُوَيْلِد بْن أَسَد بْن عَبْد الْعُزَّى , تَأْتِي أَخْبَارهَا فِي مَنَاقِبهَا . ‏

‏قَوْله : ( حَتَّى جَاءَهُ الْحَقّ ) ‏
‏أَيْ : الْأَمْر الْحَقّ , وَفِي التَّفْسِير : حَتَّى فَجِئَهُ الْحَقّ - بِكَسْرِ الْجِيم - أَيْ بَغَتَهُ . وَإِنْ ثَبَتَ مِنْ مُرْسَل عُبَيْد بْن عُمَيْر أَنَّهُ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ فِي الْمَنَام أَوَّلًا قَبْل الْيَقَظَة , أَمْكَنَ أَنْ يَكُون مَجِيء الْمَلَك فِي الْيَقَظَة عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَنَام . وَسُمِّيَ حَقًّا لِأَنَّهُ وَحْي مِنْ اللَّه تَعَالَى . وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي الْأَسْوَد عَنْ عُرْوَة عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَوَّل شَأْنه يَرَى فِي الْمَنَام , وَكَانَ أَوَّل مَا رَأَى جِبْرِيل بِأَجْيَاد , صَرَخَ جِبْرِيل " يَا مُحَمَّد " فَنَظَرَ يَمِينًا وَشِمَالًا فَلَمْ يَرَ شَيْئًا , فَرَفَعَ بَصَره فَإِذَا هُوَ عَلَى أُفُق السَّمَاء فَقَالَ " يَا مُحَمَّد , جِبْرِيل " فَهَرَبَ فَدَخَلَ فِي النَّاس فَلَمْ يَرَ شَيْئًا , ثُمَّ خَرَجَ عَنْهُمْ فَنَادَاهُ فَهَرَبَ . ثُمَّ اِسْتَعْلَنَ لَهُ جِبْرِيل مِنْ قِبَل حِرَاء , ‏
‏فَذَكَر قِصَّة إِقْرَائِهِ ( اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبّك ) ‏
‏وَرَأَى حِينَئِذٍ جِبْرِيل لَهُ جَنَاحَانِ مِنْ يَاقُوت يَخْتَطِفَانِ الْبَصَر , وَهَذَا مِنْ رِوَايَة اِبْن لَهِيعَة عَنْ أَبِي الْأَسْوَد , وَابْن لَهِيعَة ضَعِيف . وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيح مُسْلِم مِنْ وَجْه آخَر عَنْ عَائِشَة مَرْفُوعًا " لَمْ أَرَهُ - يَعْنِي جِبْرِيل - عَلَى صُورَته الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا إِلَّا مَرَّتَيْنِ " , وَبَيَّنَ أَحْمَد فِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود أَنَّ الْأُولَى كَانَتْ عِنْد سُؤَاله إِيَّاهُ أَنْ يُرِيه صُورَته الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا , وَالثَّانِيَة عِنْد الْمِعْرَاج . وَلِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيق مَسْرُوق عَنْ عَائِشَة " لَمْ يَرَ مُحَمَّد جِبْرِيل فِي صُورَته إِلَّا مَرَّتَيْنِ : مَرَّة عِنْد سِدْرَة الْمُنْتَهَى , وَمَرَّة فِي أَجْيَاد " وَهَذَا يُقَوِّي رِوَايَة اِبْن لَهِيعَة , وَتَكُون هَذِهِ الْمَرَّة غَيْر الْمَرَّتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ , وَإِنَّمَا لَمْ يَضُمّهَا إِلَيْهِمَا لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَكُون رَآهُ فِيهَا عَلَى تَمَام صُورَته , وَالْعِلْم عِنْد اللَّه تَعَالَى . وَوَقَعَ فِي السِّيرَة الَّتِي جَمَعَهَا سُلَيْمَان التَّيْمِيُّ فَرَوَاهَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى عَنْ وَلَده مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان عَنْ أَبِيهِ أَنَّ جِبْرِيل أَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حِرَاء وَأَقْرَأهُ ( اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبّك ) ثُمَّ اِنْصَرَفَ , فَبَقِيَ مُتَرَدِّدًا , فَأَتَاهُ مِنْ أَمَامه فِي صُورَته فَرَأَى أَمْرًا عَظِيمًا . ‏

‏قَوْله : ( فَجَاءَهُ ) ‏
‏هَذِهِ الْفَاء تُسَمَّى التَّفْسِيرِيَّة وَلَيْسَتْ التَّعْقِيدِيَّة ; لِأَنَّ مَجِيء الْمَلَك لَيْسَ بَعْد مَجِيء الْوَحْي حَتَّى تُعُقِّبَ بِهِ , بَلْ هُوَ نَفْسه , وَلَا يَلْزَم مِنْ هَذَا التَّقْرِير أَنْ يَكُون مِنْ بَاب تَفْسِير الشَّيْء بِنَفْسِهِ , بَلْ التَّفْسِير عَيْن الْمُفَسَّر بِهِ مِنْ جِهَة الْإِجْمَال , وَغَيْره مِنْ جِهَة التَّفْصِيل . ‏

‏قَوْله : ( مَا أَنَا بِقَارِئ ) ‏
‏ثَلَاثًا . " مَا " نَافِيَة , إِذْ لَوْ كَانَتْ اِسْتِفْهَامِيَّة لَمْ يَصْلُح دُخُول الْبَاء , وَإِنْ حُكِيَ عَنْ الْأَخْفَش جَوَازه فَهُوَ شَاذّ , وَالْبَاء زَائِدَة لِتَأْكِيدِ النَّفْي , أَيْ : مَا أُحْسِنُ الْقِرَاءَة . فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثًا قِيلَ لَهُ ( اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبّك ) أَيْ : لَا تَقْرَؤُهُ بِقُوَّتِك وَلَا بِمَعْرِفَتِك , لَكِنْ بِحَوْلِ رَبّك وَإِعَانَته , فَهُوَ يُعَلِّمك , كَمَا خَلَقَك وَكَمَا نَزَعَ عَنْك عَلَق الدَّم وَغَمْز الشَّيْطَان فِي الصِّغَر , وَعَلَّمَ أُمَّتك حَتَّى صَارَتْ تَكْتُب بِالْقَلَمِ بَعْد أَنْ كَانَتْ أُمِّيَّة , ذَكَرَهُ السُّهَيْلِيّ . وَقَالَ غَيْره : إِنَّ هَذَا التَّرْكِيب - وَهُوَ قَوْله مَا أَنَا بِقَارِئ - يُفِيد الِاخْتِصَاص . وَرَدَّهُ الطِّيبِيُّ بِأَنَّهُ إِنَّمَا يُفِيد التَّقْوِيَة وَالتَّأْكِيد , وَالتَّقْدِير : لَسْت بِقَارِئ أَلْبَتَّةَ . فَإِنْ قِيلَ : لِمَ كَرَّرَ ذَلِكَ ثَلَاثًا ؟ أَجَابَ أَبُو شَامَة بِأَنْ يُحْمَل قَوْله أَوَّلًا " مَا أَنَا بِقَارِئ " عَلَى الِامْتِنَاع , وَثَانِيًا عَلَى الْإِخْبَار بِالنَّفْيِ الْمَحْض , وَثَالِثًا عَلَى الِاسْتِفْهَام . وَيُؤَيِّدهُ أَنَّ فِي رِوَايَة أَبِي الْأَسْوَد فِي مَغَازِيه عَنْ عُرْوَة أَنَّهُ قَالَ : كَيْفَ أَقْرَأ وَفِي رِوَايَة عُبَيْد بْن عُمَيْر عَنْ اِبْن إِسْحَاق : مَاذَا أَقْرَأ ؟ وَفِي مُرْسَل الزُّهْرِيّ فِي دَلَائِل الْبَيْهَقِيّ : كَيْفَ أَقْرَأ ؟ كُلّ ذَلِكَ يُؤَيِّد أَنَّهَا اِسْتِفْهَامِيَّة . وَاَللَّه أَعْلَم . ‏

‏قَوْله : ( فَغَطَّنِي ) ‏
‏بِغَيْنٍ مُعْجَمَة وَطَاء مُهْمَلَة , وَفِي رِوَايَة الطَّبَرِيّ بِتَاءٍ مُثَنَّاة مِنْ فَوْق كَأَنَّهُ أَرَادَ ضَمَّنِي وَعَصَرَنِي , وَالْغَطّ حَبْس النَّفَس , وَمِنْهُ غَطَّهُ فِي الْمَاء , أَوْ أَرَادَ غَمَّنِي وَمِنْهُ الْخَنْق . وَلِأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنَده بِسَنَدٍ حَسَن : فَأَخَذَ بِحَلْقِي . ‏

‏قَوْله : ( حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْد ) ‏
‏رُوِيَ بِالْفَتْحِ وَالنَّصْب , أَيْ : بَلَغَ الْغَطّ مِنِّي غَايَة وُسْعِي . وَرُوِيَ بِالضَّمِّ وَالرَّفْع أَيْ بَلَغَ مِنِّي الْجَهْد مَبْلَغه . وَقَوْله " أَرْسَلَنِي " أَيْ : أَطْلَقَنِي , وَلَمْ يَذْكُر الْجَهْد هُنَا فِي الْمَرَّة الثَّالِثَة , وَهُوَ ثَابِت عِنْد الْمُؤَلِّف فِي التَّفْسِير . ‏

‏قَوْله : ( فَرَجَعَ بِهَا ) ‏
‏أَيْ بِالْآيَاتِ أَوْ بِالْقِصَّةِ . ‏

‏قَوْله : ( فَزَمَّلُوهُ ) ‏
‏أَيْ : لَفُّوهُ . وَالرَّوْع بِالْفَتْحِ الْفَزَع . ‏

‏قَوْله : ( لَقَدْ خَشِيت عَلَى نَفْسِي ) ‏
‏دَلَّ هَذَا مَعَ قَوْله " يَرْجُف فُؤَاده " عَلَى اِنْفِعَال حَصَلَ لَهُ مِنْ مَجِيء الْمَلَك , وَمِنْ ثَمَّ قَالَ " زَمِّلُونِي " . وَالْخَشْيَة الْمَذْكُورَة اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْمُرَاد بِهَا عَلَى اِثْنَيْ عَشَر قَوْلًا : أَوَّلهَا : الْجُنُون وَأَنْ يَكُون مَا رَآهُ مِنْ جِنْس الْكَهَانَة , جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي عِدَّة طُرُق , وَأَبْطَلَهُ أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ وَحُقّ لَهُ أَنْ يُبْطِل , لَكِنْ حَمَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ حَصَلَ لَهُ قَبْل حُصُول الْعِلْم الضَّرُورِيّ لَهُ أَنَّ الَّذِي جَاءَهُ مَلَك وَأَنَّهُ مِنْ عِنْد اللَّه تَعَالَى . ثَانِيهَا : الْهَاجِس , وَهُوَ بَاطِل أَيْضًا ; لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِرّ وَهَذَا اِسْتَقَرَّ وَحَصَلَتْ بَيْنهمَا الْمُرَاجَعَة . ثَالِثهَا : الْمَوْت مِنْ شِدَّة الرُّعْب . رَابِعهَا : الْمَرَض , وَقَدْ جَزَمَ بِهِ اِبْن أَبِي جَمْرَة . خَامِسهَا : دَوَام الْمَرَض . سَادِسهَا : الْعَجْز عَنْ حَمْل أَعْبَاء النُّبُوَّة . سَابِعهَا : الْعَجْز عَنْ النَّظَر إِلَى الْمَلَك مِنْ الرُّعْب . ثَامِنهَا : عَدَم الصَّبْر عَلَى أَذَى قَوْمه . تَاسِعهَا : أَنْ يَقْتُلُوهُ . عَاشِرهَا : مُفَارَقَة الْوَطَن . حَادِيَ عَشَرهَا : تَكْذِيبهمْ إِيَّاهُ . ثَانِيَ عَشَرهَا : تَعْيِيرهمْ إِيَّاهُ . وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِالصَّوَابِ وَأَسْلَمهَا مِنْ الِارْتِيَاب الثَّالِث وَاَللَّذَانِ بَعْده , وَمَا عَدَاهَا فَهُوَ مُعْتَرَض . وَاَللَّه الْمُوَفِّق . ‏

‏قَوْله : ( فَقَالَتْ خَدِيجَة كَلَّا ) ‏
‏مَعْنَاهَا النَّفْي وَالْإِبْعَاد , وَيَحْزُنك بِفَتْحِ أَوَّله وَالْحَاء الْمُهْمَلَة وَالزَّاي الْمَضْمُومَة وَالنُّون مِنْ الْحُزْن . وَلِغَيْرِ أَبِي ذَرّ بِضَمِّ أَوَّله وَالْخَاء الْمُعْجَمَة وَالزَّاي الْمَكْسُورَة ثُمَّ الْيَاء السَّاكِنَة مِنْ الْخِزْي . ثُمَّ اِسْتَدَلَّتْ عَلَى مَا أَقْسَمَتْ عَلَيْهِ مِنْ نَفْي ذَلِكَ أَبَدًا بِأَمْرٍ اِسْتِقْرَائِيّ وَصَفَتْهُ بِأُصُولِ مَكَارِم الْأَخْلَاق ; لِأَنَّ الْإِحْسَان إِمَّا إِلَى الْأَقَارِب أَوْ إِلَى الْأَجَانِب , وَإِمَّا بِالْبَدَنِ أَوْ بِالْمَالِ , وَإِمَّا عَلَى مَنْ يَسْتَقِلّ بِأَمْرِهِ أَوْ مَنْ لَا يَسْتَقِلّ , وَذَلِكَ كُلّه مَجْمُوع فِيمَا وَصَفَتْهُ بِهِ . وَالْكَلّ بِفَتْحِ الْكَاف : هُوَ مَنْ لَا يَسْتَقِلّ بِأَمْرِهِ كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى ( وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ ) ‏
‏وَقَوْلهَا " وَتَكْسِب الْمَعْدُوم " ‏
‏فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ وَتُكْسِب بِضَمِّ أَوَّله , وَعَلَيْهَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ : الصَّوَاب الْمُعْدِم بِلَا وَاو أَيْ : الْفَقِير ; لِأَنَّ الْمَعْدُوم لَا يَكْسِب . قُلْت : وَلَا يَمْتَنِع أَنْ يُطْلَق عَلَى الْمُعْدِم الْمَعْدُوم لِكَوْنِهِ كَالْمَعْدُومِ الْمَيِّت الَّذِي لَا تَصَرُّف لَهُ , وَالْكَسْب هُوَ الِاسْتِفَادَة . فَكَأَنَّهَا قَالَتْ : إِذَا رَغِبَ غَيْرك أَنْ يَسْتَفِيد مَالًا مَوْجُودًا رَغِبْت أَنْتَ أَنْ تَسْتَفِيد رَجُلًا عَاجِزًا فَتُعَاوِنَه . وَقَالَ قَاسِم بْن ثَابِت فِي الدَّلَائِل : قَوْله يَكْسِب مَعْنَاهُ مَا يَعْدَمهُ غَيْره وَيَعْجِز عَنْهُ يُصِيبهُ هُوَ وَيَكْسِبهُ . قَالَ أَعْرَابِيّ يَمْدَح إِنْسَانًا : كَانَ أَكْسَبَهُمْ لِمَعْدُومٍ , وَأَعْطَاهُمْ لِمَحْرُومٍ وَأَنْشَدَ فِي وَصْف ذِئْب ‏ ‏كَسُوب كَذَا الْمَعْدُوم مِنْ كَسْب وَاحِد ‏ ‏أَيْ : مِمَّا يَكْسِبهُ وَحْده . اِنْتَهَى . وَلِغَيْرِ الْكُشْمِيهَنِيّ " وَتَكْسِب " بِفَتْحِ أَوَّله , قَالَ عِيَاض : وَهَذِهِ الرِّوَايَة أَصَحّ . قُلْت : قَدْ وَجَّهْنَا الْأُولَى , وَهَذِهِ الرَّاجِحَة , وَمَعْنَاهَا تُعْطِي النَّاس مَا لَا يَجِدُونَهُ عِنْد غَيْرك , فَحَذَفَ أَحَد الْمَفْعُولَيْنِ , وَيُقَال : كَسَبْت الرَّجُل مَالًا وَأَكْسَبْته بِمَعْنًى . وَقِيلَ : مَعْنَاهُ تَكْسِب الْمَالَ الْمَعْدُومَ وَتُصِيب مِنْهُ مَا لَا يُصِيب غَيْرك . وَكَانَتْ الْعَرَب تَتَمَادَح بِكَسْبِ الْمَال , لَا سِيَّمَا قُرَيْش . وَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل الْبَعْثَة مَحْظُوظًا فِي التِّجَارَة . وَإِنَّمَا يَصِحّ هَذَا الْمَعْنَى إِذَا ضُمَّ إِلَيْهِ مَا يَلِيق بِهِ مِنْ أَنَّهُ كَانَ مَعَ إِفَادَته لِلْمَالِ يَجُود بِهِ فِي الْوُجُوه الَّتِي ذُكِرَتْ فِي الْمَكْرُمَات . ‏
‏وَقَوْلهَا " وَتُعِين عَلَى نَوَائِب الْحَقّ " ‏
‏هِيَ كَلِمَة جَامِعَة لِأَفْرَادِ مَا تَقَدَّمَ وَلِمَا لَمْ يَتَقَدَّم وَفِي رِوَايَة الْمُصَنِّف فِي التَّفْسِير مِنْ طَرِيق يُونُس عَنْ الزُّهْرِيّ مِنْ الزِّيَادَة " وَتَصْدُق الْحَدِيث " وَهِيَ مِنْ أَشْرَف الْخِصَال . وَفِي رِوَايَة هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ فِي هَذِهِ الْقِصَّة " وَتُؤَدِّي الْأَمَانَة " . وَفِي هَذِهِ الْقِصَّة مِنْ الْفَوَائِد اِسْتِحْبَاب تَأْنِيس مَنْ نَزَلَ بِهِ أَمْر بِذِكْرِ تَيْسِيره عَلَيْهِ وَتَهْوِينه لَدَيْهِ , وَأَنَّ مَنْ نَزَلَ بِهِ أَمْر اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُطْلِع عَلَيْهِ مَنْ يَثِق بِنَصِيحَتِهِ وَصِحَّة رَأْيه . ‏

‏قَوْله : ( فَانْطَلَقَتْ بِهِ ) ‏
‏أَيْ مَضَتْ مَعَهُ , فَالْبَاء لِلْمُصَاحَبَةِ . وَوَرَقَة بِفَتْحِ الرَّاء . ‏
‏وَقَوْله " اِبْن عَمّ خَدِيجَة " ‏
‏هُوَ بِنَصْبِ اِبْن وَيُكْتَب بِالْأَلِفِ , وَهُوَ بَدَل مِنْ وَرَقَة أَوْ صِفَة أَوْ بَيَان , وَلَا يَجُوز جَرّه فَإِنَّهُ يَصِير صِفَة لِعَبْدِ الْعُزَّى , وَلَيْسَ كَذَلِكَ , وَلَا كَتْبه بِغَيْرِ أَلِف ; لِأَنَّهُ لَمْ يَقَع بَيْن عَلَمَيْنِ . ‏

‏قَوْله : ( تَنَصَّرَ ) ‏
‏أَيْ : صَارَ نَصْرَانِيًّا , وَكَانَ قَدْ خَرَجَ هُوَ وَزَيْد بْن عَمْرو بْن نُفَيْل لَمَّا كَرِهَا عِبَادَة الْأَوْثَان إِلَى الشَّام وَغَيْرهَا يَسْأَلُونَ عَنْ الدِّين , فَأَمَّا وَرَقَة فَأَعْجَبَهُ دِين النَّصْرَانِيَّة فَتَنَصَّرَ , وَكَانَ لَقِيَ مَنْ بَقِيَ مِنْ الرُّهْبَان عَلَى دِين عِيسَى وَلَمْ يُبَدَّل , وَلِهَذَا أَخْبَرَ بِشَأْنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْبِشَارَة بِهِ , إِلَى غَيْر ذَلِكَ مِمَّا أَفْسَدَهُ أَهْل التَّبْدِيل وَأَمَّا زَيْد بْن عَمْرو فَسَيَأْتِي خَبَره فِي الْمَنَاقِب إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى . ‏

‏قَوْله : ( فَكَانَ يَكْتُب الْكِتَاب الْعِبْرَانِيّ فَيَكْتُب مِنْ الْإِنْجِيل بِالْعِبْرَانِيَّةِ ) ‏
‏, وَفِي رِوَايَة يُونُس وَمَعْمَر : وَيَكْتُب مِنْ الْإِنْجِيل بِالْعَرَبِيَّةِ . وَلِمُسْلِمٍ : فَكَانَ يَكْتُب الْكِتَاب الْعَرَبِيّ . وَالْجَمِيع صَحِيح ; لِأَنَّ وَرَقَة تَعَلَّمَ اللِّسَان الْعِبْرَانِيّ وَالْكِتَابَة الْعِبْرَانِيَّة فَكَانَ يَكْتُب الْكِتَاب الْعِبْرَانِيّ كَمَا كَانَ يَكْتُب الْكِتَاب الْعَرَبِيّ , لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْكِتَابَيْنِ وَاللِّسَانَيْنِ . وَوَقَعَ لِبَعْضِ الشُّرَّاح هُنَا خَبْط فَلَا يُعْرَج عَلَيْهِ . وَإِنَّمَا وَصَفَتْه بِكِتَابَةِ الْإِنْجِيل دُون حِفْظه لِأَنَّ حِفْظ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل لَمْ يَكُنْ مُتَيَسِّرًا كَتَيَسُّرِ حِفْظ الْقُرْآن الَّذِي خُصَّتْ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّة , فَلِهَذَا جَاءَ فِي صِفَتهَا " أَنَاجِيلهَا صُدُورهَا " . قَوْلهَا " يَا اِبْن عَمّ " هَذَا النِّدَاء عَلَى حَقِيقَته , وَوَقَعَ فِي مُسْلِم " يَا عَمّ " وَهُوَ وَهْم ; لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا لِجَوَازِ إِرَادَة التَّوْقِير لَكِنَّ الْقِصَّة لَمْ تَتَعَدَّد وَمَخْرَجهَا مُتَّحِد , فَلَا يُحْمَل عَلَى أَنَّهَا قَالَتْ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ , فَتَعَيَّنَ الْحَمْل عَلَى الْحَقِيقَة . وَإِنَّمَا جَوَّزْنَا ذَلِكَ فِيمَا مَضَى فِي الْعِبْرَانِيّ وَالْعَرَبِيّ ; لِأَنَّهُ مِنْ كَلَام الرَّاوِي فِي وَصْف وَرَقَة وَاخْتَلَفَتْ الْمَخَارِج فَأَمْكَنَ التَّعْدَاد , وَهَذَا الْحُكْم يَطَّرِد فِي جَمِيع مَا أَشْبَهَهُ . وَقَالَتْ فِي حَقّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اِسْمَعْ مِنْ اِبْن أَخِيك . لِأَنَّ وَالِده عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْمُطَّلِب وَوَرَقَة فِي عِدَد النَّسَب إِلَى قُصَيّ بْن كِلَاب الَّذِي يَجْتَمِعَانِ فِيهِ سَوَاء , فَكَانَ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّة فِي دَرَجَة إِخْوَته . أَوْ قَالَتْهُ عَلَى سَبِيل التَّوْقِير لِسِنِّهِ . وَفِيهِ إِرْشَاد إِلَى أَنَّ صَاحِب الْحَاجَة يُقَدَّم بَيْن يَدَيْهِ مَنْ يُعْرَف بِقَدْرِهِ مِمَّنْ يَكُون أَقْرَب مِنْهُ إِلَى الْمَسْئُول , وَذَلِكَ مُسْتَفَاد مِنْ قَوْل خَدِيجَة لِوَرَقَةَ " اِسْمَعْ مِنْ اِبْن أَخِيك " أَرَادَتْ بِذَلِكَ أَنْ يَتَأَهَّبَ لِسَمَاعِ كَلَام النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ أَبْلَغ فِي التَّعْلِيم . ‏

‏قَوْله : ( مَاذَا تَرَى ؟ ) ‏
‏فِيهِ حَذْف يَدُلّ عَلَيْهِ سِيَاق الْكَلَام , وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة لِأَبِي نُعَيْم بِسَنَدٍ حَسَن إِلَى عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد فِي هَذِهِ الْقِصَّة قَالَ : فَأَتَتْ بِهِ وَرَقَة اِبْن عَمّهَا فَأَخْبَرَتْه بِاَلَّذِي رَأَى . ‏

‏قَوْله : ( هَذَا النَّامُوس الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى ) . ‏
‏ولِلْكُشْمِيهَنِيّ " أَنْزَلَ اللَّه " , وَفِي التَّفْسِير " أُنْزِلَ " عَلَى الْبِنَاء لِلْمَفْعُولِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ " هَذَا " إِلَى الْمَلَك الَّذِي ذَكَرَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَبَره , وَنَزَّلَهُ مَنْزِلَة الْقَرِيب لِقُرْبِ ذِكْره . وَالنَّامُوس : صَاحِب السِّرّ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُؤَلِّف فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء . وَزَعَمَ اِبْن ظَفَر أَنَّ النَّامُوس صَاحِب سِرّ الْخَيْر , وَالْجَاسُوس صَاحِب سِرّ الشَّرّ . وَالْأَوَّل الصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور . وَقَدْ سَوَّى بَيْنهمَا رُؤْيَة بْن الْعَجَّاج أَحَد فُصَحَاء الْعَرَب . وَالْمُرَاد بِالنَّامُوسِ هُنَا جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام . وَقَوْله " عَلَى مُوسَى " وَلَمْ يَقُلْ عَلَى عِيسَى مَعَ كَوْنه نَصْرَانِيًّا ; لِأَنَّ كِتَاب مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام مُشْتَمِل عَلَى أَكْثَر الْأَحْكَام , بِخِلَافِ عِيسَى . وَكَذَلِكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . أَوْ لِأَنَّ مُوسَى بُعِثَ بِالنِّقْمَةِ عَلَى فِرْعَوْن وَمَنْ مَعَهُ , بِخِلَافِ عِيسَى . كَذَلِكَ وَقَعَتْ النِّقْمَة عَلَى يَد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفِرْعَوْن هَذِهِ الْأُمَّة وَهُوَ أَبُو جَهْل بْن هِشَام وَمَنْ مَعَهُ بِبَدْرٍ . أَوْ قَالَهُ تَحْقِيقًا لِلرِّسَالَةِ ; لِأَنَّ نُزُول جِبْرِيل عَلَى مُوسَى مُتَّفَق عَلَيْهِ بَيْن أَهْل الْكِتَاب , بِخِلَافِ عِيسَى فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْيَهُود يُنْكِرُونَ نُبُوَّته , وَأَمَّا مَا تَمَحَّلَ لَهُ السُّهَيْلِيّ مِنْ أَنَّ وَرَقَة كَانَ عَلَى اِعْتِقَاد النَّصَارَى فِي عَدَم نُبُوَّة عِيسَى وَدَعْوَاهُمْ أَنَّهُ أَحَد الْأَقَانِيم فَهُوَ مُحَال لَا يُعَرَّج عَلَيْهِ فِي حَقّ وَرَقَة وَأَشْبَاهه مِمَّنْ لَمْ يَدْخُل فِي التَّبْدِيل وَلَمْ يَأْخُذ عَمَّنْ بَدَّلَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ عِنْد الزُّبَيْر بْن بَكَّار مِنْ طَرِيق عَبْد اللَّه بْن مُعَاذ عَنْ الزُّهْرِيّ فِي هَذِهِ الْقِصَّة أَنَّ وَرَقَة قَالَ : نَامُوس عِيسَى . وَالْأَصَحّ مَا تَقَدَّمَ , وَعَبْد اللَّه بْن مُعَاذ ضَعِيف . نَعَمْ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة لِأَبِي نُعَيْم بِإِسْنَادٍ حَسَن إِلَى هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ فِي هَذِهِ الْقِصَّة أَنَّ خَدِيجَة أَوَّلًا أَتَتْ اِبْن عَمّهَا وَرَقَة فَأَخْبَرَتْه الْخَبَر فَقَالَ : لَئِنْ كُنْت صَدَقْتنِي إِنَّهُ لَيَأْتِيه نَامُوس عِيسَى الَّذِي لَا يُعَلِّمهُ بَنُو إِسْرَائِيل أَبْنَاءَهُمْ . فَعَلَى هَذَا فَكَانَ وَرَقَة يَقُول تَارَة نَامُوس عِيسَى وَتَارَة نَامُوس مُوسَى , فَعِنْد إِخْبَار خَدِيجَة لَهُ بِالْقِصَّةِ قَالَ لَهَا نَامُوس عِيسَى بِحَسَبِ مَا هُوَ فِيهِ مِنْ النَّصْرَانِيَّة , وَعِنْد إِخْبَار النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ قَالَ لَهُ نَامُوس مُوسَى لِلْمُنَاسَبَةِ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا , وَكُلّ صَحِيح . وَاَللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَم . ‏

‏قَوْله : ( يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَع ) ‏
‏كَذَا فِي رِوَايَة الْأَصِيلِيّ , وَعِنْد الْبَاقِينَ " يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا " بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ خَبَر كَانَ الْمُقَدَّرَة قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ , وَهُوَ مَذْهَب الْكُوفِيِّينَ فِي قَوْله تَعَالَى ( اِنْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ ) . وَقَالَ اِبْن بَرِّيّ : التَّقْدِير : يَا لَيْتَنِي جُعِلْت فِيهَا جَذَعًا . وَقِيلَ : النَّصْب عَلَى الْحَال إِذَا جَعَلْت فِيهَا خَبَر لَيْتَ , وَالْعَامِل فِي الْحَال مَا يَتَعَلَّق بِهِ الْخَبَر مِنْ مَعْنَى الِاسْتِقْرَار , قَالَهُ السُّهَيْلِيّ وَضَمِير " فِيهَا " يَعُود عَلَى أَيَّام الدَّعْوَة . وَالْجَذَع - بِفَتْحِ الْجِيم وَالذَّال الْمُعْجَمَة - هُوَ الصَّغِير مِنْ الْبَهَائِم , كَأَنَّهُ تَمَنَّى أَنْ يَكُون عِنْد ظُهُور الدُّعَاء إِلَى الْإِسْلَام شَابًّا لِيَكُونَ أَمْكَنَ لِنَصْرِهِ , وَبِهَذَا يَتَبَيَّن سِرّ وَصْفه بِكَوْنِهِ كَانَ كَبِيرًا أَعْمَى . ‏

‏قَوْله : ( إِذْ يُخْرِجك ) ‏
‏قَالَ اِبْن مَالِك فِيهِ اِسْتِعْمَال " إِذْ " فِي الْمُسْتَقْبَل كَإِذَا , وَهُوَ صَحِيح , وَغَفَلَ عَنْهُ أَكْثَر النُّحَاة , وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَأَنْذِرْهُمْ يَوْم الْحَسْرَة إِذْ قُضِيَ الْأَمْر ) هَكَذَا ذَكَرَهُ اِبْن مَالِك وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ غَيْر وَاحِد . وَتَعَقَّبَهُ شَيْخنَا شَيْخ الْإِسْلَام بِأَنَّ النُّحَاة لَمْ يَغْفُلُوهُ بَلْ مَنَعُوا وُرُوده , وَأَوَّلُوا مَا ظَاهِره ذَلِكَ وَقَالُوا فِي مِثْل هَذَا : اِسْتَعْمَلَ الصِّيغَة الدَّالَّة عَلَى الْمُضِيّ لِتَحَقُّقِ وُقُوعه فَأَنْزَلُوهُ مَنْزِلَته , وَيُقَوِّي ذَلِكَ هُنَا أَنَّ فِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ فِي التَّعْبِير " حِين يُخْرِجك قَوْمك " وَعِنْد التَّحْقِيق مَا اِدَّعَاهُ اِبْن مَالِك فِيهِ اِرْتِكَاب مَجَاز , وَمَا ذَكَرَهُ غَيْره فِيهِ اِرْتِكَاب مَجَاز , وَمَجَازهمْ أَوْلَى , لِمَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ إِيقَاع الْمُسْتَقْبَل فِي صُورَة الْمُضِيّ تَحْقِيقًا لِوُقُوعِهِ أَوْ اِسْتِحْضَارًا لِلصُّورَةِ الْآتِيَة فِي هَذِهِ دُون تِلْكَ مَعَ وُجُوده فِي أَفْصَح الْكَلَام , وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِمَنْعِ الْوُرُود وُرُودًا مَحْمُولًا عَلَى حَقِيقَة الْحَال لَا عَلَى تَأْوِيل الِاسْتِقْبَال , وَفِيهِ دَلِيل عَلَى جَوَاز تَمَنِّي الْمُسْتَحِيل إِذَا كَانَ فِي فِعْل خَيْر ; لِأَنَّ وَرَقَة تَمَنَّى أَنْ يَعُود شَابًّا , وَهُوَ مُسْتَحِيل عَادَة . وَيَظْهَر لِي أَنَّ التَّمَنِّي لَيْسَ مَقْصُودًا عَلَى بَابه , بَلْ الْمُرَاد مِنْ هَذَا التَّنْبِيه عَلَى صِحَّة مَا أَخْبَرَهُ بِهِ , وَالتَّنْوِيه بِقُوَّةِ تَصْدِيقه فِيمَا يَجِيء بِهِ . ‏

‏قَوْله : ( أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ ) ‏
‏بِفَتْحِ الْوَاو وَتَشْدِيد الْيَاء وَفَتْحهَا جَمْع مُخْرِج , فَهُمْ مُبْتَدَأ مُؤَخَّر وَمُخْرِجِيَّ خَبَر مُقَدَّم قَالَهُ اِبْن مَالِك وَاسْتَبْعَدَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُخْرِجُوهُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ سَبَب يَقْتَضِي الْإِخْرَاج , لِمَا اِشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ مَكَارِم الْأَخْلَاق الَّتِي تَقَدَّمَ مِنْ خَدِيجَة وَصْفهَا . وَقَدْ اِسْتَدَلَّ اِبْن الدُّغُنَّة بِمِثْلِ تِلْكَ الْأَوْصَاف عَلَى أَنَّ أَبَا بَكْر لَا يَخْرُج . ‏

‏قَوْله : ( إِلَّا عُودِيَ ) ‏
‏وَفِي رِوَايَة يُونُس فِي التَّفْسِير " إِلَّا أُوذِيَ " فَذَكَرَ وَرَقَة أَنَّ الْعِلَّة فِي ذَلِكَ مَجِيئُهُ لَهُمْ بِالِانْتِقَالِ عَنْ مَأْلُوفهمْ ; وَلِأَنَّهُ عَلِمَ مِنْ الْكُتُب أَنَّهُمْ لَا يُجِيبُونَهُ إِلَى ذَلِكَ , وَأَنَّهُ يَلْزَمهُ لِذَلِكَ مُنَابَذَتهمْ وَمُعَانَدَتهمْ فَتَنْشَأ الْعَدَاوَة مِنْ ثَمَّ , وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الْمُجِيب يُقِيم الدَّلِيل عَلَى مَا يُجِيب بِهِ إِذَا اِقْتَضَاهُ الْمَقَام . ‏

‏قَوْله : ( إِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمك ) ‏
‏إِنْ شَرْطِيَّة وَاَلَّذِي بَعْدهَا مَجْزُوم . زَادَ فِي رِوَايَة يُونُس فِي التَّفْسِير " حَيًّا " وَلِابْنِ إِسْحَاق " إِنْ أَدْرَكْت ذَلِكَ الْيَوْم " يَعْنِي يَوْم الْإِخْرَاج . ‏

‏قَوْله : ( مُؤَزَّرًا ) ‏
‏بِهَمْزَةٍ أَيْ : قَوِيًّا مَأْخُوذ مِنْ الْأَزْر وَهُوَ الْقُوَّة وَأَنْكَرَ الْقَزَّاز أَنْ يَكُون فِي اللُّغَة مُؤَزَّر مِنْ الْأَزْر . وَقَالَ أَبُو شَامَة : يُحْتَمَل أَنْ يَكُون مِنْ الْإِزَار , أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى تَشْمِيره فِي نُصْرَته , قَالَ الْأَخْطَل : " قَوْم إِذَا حَارَبُوا شَدُّوا مَآزِرهمْ " الْبَيْت . ‏

‏قَوْله : ( ثُمَّ لَمْ يَنْشَب ) ‏
‏بِفَتْحِ الشِّين الْمُعْجَمَة أَيْ لَمْ يَلْبَث . وَأَصْل النُّشُوب التَّعَلُّق , أَيْ : لَمْ يَتَعَلَّق بِشَيْءٍ مِنْ الْأُمُور حَتَّى مَاتَ . وَهَذَا بِخِلَافِ مَا فِي السِّيرَة لِابْنِ إِسْحَاق أَنَّ وَرَقَة كَانَ يَمُرّ بِبِلَالٍ وَهُوَ يُعَذَّب , وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُ تَأَخَّرَ إِلَى زَمَن الدَّعْوَة , وَإِلَى أَنْ دَخَلَ بَعْض النَّاس فِي الْإِسْلَام . فَإِنْ تَمَسَّكْنَا بِالتَّرْجِيحِ فَمَا فِي الصَّحِيح أَصَحّ , وَإِنْ لَحَظْنَا الْجَمْع أَمْكَنَ أَنْ يُقَال : الْوَاو فِي قَوْله : وَفَتَرَ الْوَحْي . لَيْسَتْ لِلتَّرْتِيبِ , فَلَعَلَّ الرَّاوِيَ لَمْ يَحْفَظ لِوَرَقَة ذِكْرًا بَعْد ذَلِكَ فِي أَمْر مِنْ الْأُمُور فَجَعَلَ هَذِهِ الْقِصَّة اِنْتِهَاء أَمْره بِالنِّسْبَةِ إِلَى عِلْمه لَا إِلَى مَا هُوَ الْوَاقِع . وَفُتُور الْوَحْي عِبَارَة عَنْ تَأَخُّره مُدَّة مِنْ الزَّمَان , وَكَانَ ذَلِكَ لِيَذْهَب مَا كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَهُ مِنْ الرَّوْع , وَلِيَحْصُل لَهُ التَّشَوُّف إِلَى الْعَوْد , فَقَدْ رَوَى الْمُؤَلِّف فِي التَّعْبِير مِنْ طَرِيق مَعْمَر مَا يَدُلّ عَلَى ذَلِكَ . ‏
‏( فَائِدَة ) : ‏
‏وَقَعَ فِي تَارِيخ أَحْمَد بْن حَنْبَل عَنْ الشَّعْبِيّ أَنَّ مُدَّة فَتْرَة الْوَحْي كَانَتْ ثَلَاث سِنِينَ , وَبِهِ جَزَمَ اِبْن إِسْحَاق , وَحَكَى الْبَيْهَقِيّ أَنَّ مُدَّة الرُّؤْيَا كَانَتْ سِتَّة أَشْهُر , وَعَلَى هَذَا فَابْتِدَاء النُّبُوَّة بِالرُّؤْيَا وَقَعَ مِنْ شَهْر مَوْلِده وَهُوَ رَبِيع الْأَوَّل بَعْد إِكْمَاله أَرْبَعِينَ سَنَة , وَابْتِدَاء وَحْي الْيَقَظَة وَقَعَ فِي رَمَضَان . وَلَيْسَ الْمُرَاد بِفَتْرَةِ الْوَحْي الْمُقَدَّرَة بِثَلَاثِ سِنِينَ وَهِيَ مَا بَيْن نُزُول " اِقْرَأْ " وَ " يَا أَيّهَا الْمُدَّثِّر " عَدَم مَجِيء جِبْرِيل إِلَيْهِ , بَلْ تَأَخُّر نُزُول الْقُرْآن فَقَطْ . ثُمَّ رَاجَعْت الْمَنْقُول عَنْ الشَّعْبِيّ مِنْ تَارِيخ الْإِمَام أَحْمَد , وَلَفْظه مِنْ طَرِيق دَاوُدَ بْن أَبِي هِنْد عَنْ الشَّعْبِيّ : أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ النُّبُوَّة وَهُوَ اِبْن أَرْبَعِينَ سَنَة فَقُرِنَ بِنُبُوَّتِهِ إِسْرَافِيل ثَلَاث سِنِينَ فَكَانَ يُعَلِّمهُ الْكَلِمَة وَالشَّيْء , وَلَمْ يَنْزِل عَلَيْهِ الْقُرْآن عَلَى لِسَانه فَلَمَّا مَضَتْ ثَلَاث سِنِينَ قُرِنَ بِنُبُوَّتِهِ جِبْرِيل , فَنَزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآن عَلَى لِسَانه عِشْرِينَ سَنَة . وَأَخْرَجَهُ اِبْن أَبِي خَيْثَمَةَ مِنْ وَحْي آخَر مُخْتَصَرًا عَنْ دَاوُدَ بِلَفْظِ : بُعِثَ لِأَرْبَعِينَ , وَوُكِّلَ بِهِ إِسْرَافِيل ثَلَاث سِنِينَ , ثُمَّ وُكِّلَ بِهِ جِبْرِيل فَعَلَى هَذَا فَيَحْسُن - بِهَذَا الْمُرْسَل إِنْ ثَبَتَ - الْجَمْع بَيْن الْقَوْلَيْنِ فِي قَدْر إِقَامَته بِمَكَّةَ بَعْد الْبَعْثَة , فَقَدْ قِيلَ ثَلَاث عَشْرَة , وَقِيلَ عَشْر , وَلَا يَتَعَلَّق ذَلِكَ بِقَدْرِ مُدَّة الْفَتْرَة , وَاَللَّه أَعْلَم . وَقَدْ حَكَى اِبْن التِّين هَذِهِ الْقِصَّة , لَكِنْ وَقَعَ عِنْده مِيكَائِيل بَدَل إِسْرَافِيل , وَأَنْكَرَ الْوَاقِدِيّ هَذِهِ الرِّوَايَة الْمُرْسَلَة وَقَالَ : لَمْ يُقْرَن بِهِ مِنْ الْمَلَائِكَة إِلَّا جِبْرِيل , اِنْتَهَى . وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ , فَإِنَّ الْمُثْبِت مُقَدَّم عَلَى النَّافِي إِلَّا إِنْ صَحِبَ النَّافِيَ دَلِيل نَفْيه فَيُقَدَّم وَاَللَّه أَعْلَم . وَأَخَذَ السُّهَيْلِيّ هَذِهِ الرِّوَايَة فَجَمَعَ بِهَا الْمُخْتَلِف فِي مُكْثه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّة , فَإِنَّهُ قَالَ : جَاءَ فِي بَعْض الرِّوَايَات الْمُسْنَدَة أَنَّ مُدَّة الْفَتْرَة سَنَتَانِ وَنِصْف , وَفِي رِوَايَة أُخْرَى أَنَّ مُدَّة الرُّؤْيَا سِتَّة أَشْهُر , فَمَنْ قَالَ مَكَثَ عَشْر سِنِينَ حَذَفَ مُدَّة الرُّؤْيَا وَالْفَتْرَة , وَمَنْ قَالَ ثَلَاث عَشْرَة أَضَافَهُمَا . وَهَذَا الَّذِي اِعْتَمَدَهُ السُّهَيْلِيّ مِنْ الِاحْتِجَاج بِمُرْسَلِ الشَّعْبِيّ لَا يَثْبُت , وَقَدْ عَارَضَهُ مَا جَاءَ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّ مُدَّة الْفَتْرَة الْمَذْكُورَة كَانَتْ أَيَّامًا , وَسَيَأْتِي مَزِيد لِذَلِكَ فِي كِتَاب التَّعْبِير إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى . ‏
‏قَوْله : ( قَالَ اِبْن شِهَاب : أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَة ) ‏
‏إِنَّمَا أَتَى بِحَرْفِ الْعَطْف لِيُعْلَم أَنَّهُ مَعْطُوف عَلَى مَا سَبَقَ , كَأَنَّهُ قَالَ : أَخْبَرَنِي عُرْوَة بِكَذَا , وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَة بِكَذَا , وَأَبُو سَلَمَة هُوَ اِبْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف , وَأَخْطَأَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا مُعَلَّق وَإِنْ كَانَتْ صُورَته صُورَة التَّعْلِيق , وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ إِلَّا ثُبُوت الْوَاو الْعَاطِفَة فَإِنَّهَا دَالَّة عَلَى تَقَدُّم شَيْء عَطَفْته , وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْله : عَنْ اِبْن شِهَاب عَنْ عُرْوَة فَسَاقَ الْحَدِيث إِلَى آخِره ثُمَّ قَالَ : قَالَ اِبْن شِهَاب - أَيْ : بِالسَّنَدِ الْمَذْكُور - وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَة بِخَبَرٍ آخَر وَهُوَ كَذَا , وَدَلَّ قَوْله عَنْ فَتْرَة الْوَحْي وَقَوْله الْمَلَك الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءَ عَلَى تَأَخُّر نُزُول سُورَة الْمُدَّثِّر عَنْ اِقْرَأْ , وَلَمَّا خَلَتْ رِوَايَة يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير الْآتِيَة فِي التَّفْسِير عَنْ أَبِي سَلَمَة عَنْ جَابِر عَنْ هَاتَيْنِ الْجُمْلَتَيْنِ أَشْكَلَ الْأَمْر , فَجَزَمَ مَنْ جَزَمَ بِأَنَّ ( يَا أَيّهَا الْمُدَّثِّر ) أَوَّل مَا نَزَلَ , وَرِوَايَة الزُّهْرِيّ هَذِهِ الصَّحِيحَة تَرْفَع هَذَا الْإِشْكَال , وَسِيَاق بَسْط الْقَوْل فِي ذَلِكَ فِي تَفْسِير سُورَة اِقْرَأْ . ‏

‏قَوْله : ( فَرُعِبْت مِنْهُ ) ‏
‏بِضَمِّ الرَّاء وَكَسْر الْعَيْن , وَلِلْأَصِيلِيِّ بِفَتْحِ الرَّاء وَضَمّ الْعَيْن أَيْ : فَزِعْت , دَلَّ عَلَى بَقِيَّة بَقِيَتْ مَعَهُ مِنْ الْفَزَع الْأَوَّل ثُمَّ زَالَتْ بِالتَّدْرِيجِ . ‏

‏قَوْله : ( فَقُلْت زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي ) ‏
‏وَفِي رِوَايَة الْأَصِيلِيّ وَكَرِيمَة زَمِّلُونِي مَرَّة وَاحِدَة , وَفِي رِوَايَة يُونُس فِي التَّفْسِير فَقُلْت دَثِّرُونِي فَنَزَلَتْ ( يَا أَيّهَا الْمُدَّثِّر قُمْ فَأَنْذِرْ ) أَيْ : حَذِّرْ مِنْ الْعَذَاب مَنْ لَمْ يُؤْمِن بِك ( وَرَبّك فَكَبِّرْ ) أَيْ عَظِّمْ ( وَثِيَابك فَطَهِّرْ ) أَيْ : مِنْ النَّجَاسَة , وَقِيلَ الثِّيَاب النَّفْس , وَتَطْهِيرهَا اِجْتِنَاب النَّقَائِص , وَالرُّجْز هُنَا الْأَوْثَان كَمَا سَيَأْتِي مِنْ تَفْسِير الرَّاوِي عِنْد الْمُؤَلِّف فِي التَّفْسِير , وَالرُّجْز فِي اللُّغَة : الْعَذَاب , وَسَمَّى الْأَوْثَان هُنَا رُجْزًا ; لِأَنَّهَا سَبَبه . ‏

‏قَوْله : ( فَحَمِيَ الْوَحْي ) ‏
‏أَيْ جَاءَ كَثِيرًا , وَفِيهِ مُطَابَقَة لِتَعْبِيرِهِ عَنْ تَأَخُّره بِالْفُتُورِ , إِذْ لَمْ يَنْتَهِ إِلَى اِنْقِطَاع كُلِّيّ فَيُوصَف بِالضِّدِّ وَهُوَ الْبَرَد . ‏

‏قَوْله : ( وَتَتَابَعَ ) ‏
‏تَأْكِيد مَعْنَوِيّ , وَيُحْتَمَل أَنْ يُرَاد بِحَمِيَ : قَوِيَ , وَتَتَابَعَ : تَكَاثَرَ , وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيّ وَأَبِي الْوَقْت " وَتَوَاتَرَ " , وَالتَّوَاتُر مَجِيء الشَّيْء يَتْلُو بَعْضه بَعْضًا مِنْ غَيْر تَخَلُّل . ‏
‏( تَنْبِيه ) ‏
‏خَرَّجَ الْمُصَنِّف بِالْإِسْنَادِ فِي التَّارِيخ حَدِيث الْبَاب عَنْ عَائِشَة , ثُمَّ عَنْ جَابِر بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور هُنَا فَزَادَ فِيهِ بَعْد قَوْله " تَتَابَعَ " : قَالَ عُرْوَة - يَعْنِي بِالسَّنَدِ الْمَذْكُور إِلَيْهِ - وَمَاتَتْ خَدِيجَة قَبْل أَنْ تُفْرَض الصَّلَاة , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " رَأَيْت لِخَدِيجَة بَيْتًا مِنْ قَصَب , لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَب " قَالَ الْبُخَارِيّ : يَعْنِي قَصَب اللُّؤْلُؤ . قُلْت : وَسَيَأْتِي مَزِيد لِهَذَا فِي مَنَاقِب خَدِيجَة إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى . ‏

‏قَوْله : ( تَابَعَهُ ) ‏
‏الضَّمِير يَعُود عَلَى يَحْيَى بْن بُكَيْر , وَمُتَابَعَة عَبْد اللَّه بْن يُوسُف عَنْ اللَّيْث هَذِهِ عِنْد الْمُؤَلِّف فِي قِصَّة مُوسَى . وَفِيهِ مِنْ اللَّطَائِف قَوْله عَنْ الزُّهْرِيّ : سَمِعْت عُرْوَة . ‏

‏قَوْله : ( وَأَبُو صَالِح ) ‏
‏هُوَ عَبْد اللَّه بْن صَالِح كَاتِب اللَّيْث , وَقَدْ أَكْثَرَ الْبُخَارِيّ عَنْهُ مِنْ الْمُعَلَّقَات , وَعَلَّقَ عَنْ اللَّيْث جُمْلَة كَثِيرَة مِنْ أَفْرَاد أَبِي صَالِح عَنْهُ . وَرِوَايَة عَبْد اللَّه بْن صَالِح عَنْ اللَّيْث لِهَذَا الْحَدِيث أَخْرَجَهَا يَعْقُوب بْن سُفْيَان فِي تَارِيخه عَنْهُ مَقْرُونًا بِيَحْيَى بْن بُكَيْر , وَوَهَمَ مَنْ زَعَمَ - كَالدِّمْيَاطِيِّ - أَنَّهُ أَبُو صَالِح عَبْد الْغَفَّار بْن دَاوُدَ الْحَرَّانِيّ , فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُر مَنْ أَسْنَدَهُ عَنْ عَبْد الْغَفَّار وَقَدْ وُجِدَ فِي مُسْنَده عَنْ كَاتِب اللَّيْث . ‏

‏قَوْله : ( وَتَابَعَهُ هِلَال بْن رَدَّادٍ ) ‏
‏بِدَالَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ الْأُولَى مُثَقَّلَة , وَحَدِيثه فِي الزُّهْرِيَّات لِلذُّهْلِيّ . ‏

‏قَوْله : ( وَقَالَ يُونُس ) ‏
‏يَعْنِي اِبْن يَزِيد الْأَيْلِيّ , وَمَعْمَر هُوَ اِبْن رَاشِد . ‏
‏( بَوَادِره ) ‏
‏يَعْنِي أَنَّ يُونُس وَمَعْمَرًا رَوَيَا هَذَا الْحَدِيث عَنْ الزُّهْرِيّ فَوَافَقَا عُقَيْلًا عَلَيْهِ , إِلَّا أَنَّهُمَا قَالَا بَدَل قَوْله يَرْجُف فُؤَاده تَرْجُف بَوَادِره , وَالْبَوَادِر جَمْع بَادِرَة وَهِيَ اللَّحْمَة الَّتِي بَيْن الْمَنْكِب وَالْعُنُق تَضْطَرِب عِنْد فَزَع الْإِنْسَان , فَالرِّوَايَتَانِ مُسْتَوِيَتَانِ فِي أَصْل الْمَعْنَى ; لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا دَالّ عَلَى الْفَزَع , وَقَدْ بَيَّنَّا مَا فِي رِوَايَة يُونُس وَمَعْمَر مِنْ الْمُخَالَفَة لِرِوَايَةِ عُقَيْل غَيْر هَذَا فِي أَثْنَاء السِّيَاق , وَاَللَّه الْمُوَفِّق . وَسَيَأْتِي بَقِيَّة شَرْح هَذَا الْحَدِيث فِي تَفْسِير سُورَة ( اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبّك ) إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى . ‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو عمار الأثري
المدير العام
المدير العام
أبو عمار الأثري


عدد المساهمات : 2064
نقاط : 2347
تاريخ التسجيل : 18/10/2009
الموقع : منابر الهدى الأثرية

فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثالث Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثالث   فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثالث I_icon_minitimeالسبت 14 نوفمبر 2009, 4:26 am

بارك الله بك أختي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abuamar.ahlamontada.net
نور السلفية
العضو المتميز
العضو المتميز
نور السلفية


فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثالث E8s7dt
عدد المساهمات : 1050
نقاط : 1440
تاريخ التسجيل : 05/11/2009
العمر : 38
الموقع : اشتقت لجمعكم يا اخوة الخير حياكم ربي

فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثالث Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثالث   فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثالث I_icon_minitimeالسبت 14 نوفمبر 2009, 6:51 pm

وفيك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثالث
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منابرأهل الأثر :: المنبر الإسلامي الحر :: منبر علم الحديث-
انتقل الى: