منابرأهل الأثر
فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثاني 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثاني 829894
ادارة المنتدي فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثاني 103798
منابرأهل الأثر
فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثاني 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثاني 829894
ادارة المنتدي فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثاني 103798
منابرأهل الأثر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى إسلامي للقرآن الكريم والمحاضرات والخطب الدينية الصوتية والمرئية والكتابات الإسلامية
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثاني _online.gif?rnd=0


 

 فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثاني

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
نور السلفية
العضو المتميز
العضو المتميز
نور السلفية


فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثاني E8s7dt
عدد المساهمات : 1050
نقاط : 1440
تاريخ التسجيل : 05/11/2009
العمر : 38
الموقع : اشتقت لجمعكم يا اخوة الخير حياكم ربي

فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثاني Empty
مُساهمةموضوع: فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثاني   فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثاني I_icon_minitimeالخميس 12 نوفمبر 2009, 5:52 pm

[right]الحديث:
حدثنا ‏ ‏عبد الله بن يوسف ‏ ‏قال أخبرنا ‏ ‏مالك ‏ ‏عن ‏ ‏هشام بن عروة ‏ ‏عن ‏ ‏أبيه ‏ ‏عن ‏ ‏عائشة أم المؤمنين ‏ ‏رضي الله عنها ‏
‏أن ‏ ‏الحارث بن هشام ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏سأل رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقال يا رسول الله كيف يأتيك الوحي فقال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏أحيانا يأتيني مثل ‏ ‏صلصلة ‏ ‏الجرس وهو أشده علي ‏ ‏فيفصم ‏ ‏عني وقد وعيت عنه ما قال وأحيانا يتمثل لي ‏ ‏الملك ‏ ‏رجلا فيكلمني فأعي ما يقول قالت ‏ ‏عائشة ‏ ‏رضي الله عنها ‏ ‏ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد ‏ ‏فيفصم ‏ ‏عنه وإن جبينه ‏ ‏ليتفصد ‏ ‏عرقا ‏

‏قَوْله : ( حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن يُوسُف ) ‏
‏هُوَ التِّنِّيسِيُّ , كَانَ نَزَلَ تِنِّيس مِنْ عَمَل مِصْر , وَأَصْله دِمَشْقِيّ , وَهُوَ مِنْ أَتْقَن النَّاس فِي الْمُوَطَّأ , كَذَا وَصَفَهُ يَحْيَى بْن مَعِين . ‏

‏قَوْله : ( أُمّ الْمُؤْمِنِينَ ) ‏
‏هُوَ مَأْخُوذ مِنْ قَوْله تَعَالَى ( وَأَزْوَاجه أُمَّهَاتهمْ ) أَيْ : فِي الِاحْتِرَام وَتَحْرِيم نِكَاحهنَّ لَا فِي غَيْر ذَلِكَ مِمَّا اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى الرَّاجِح , وَإِنَّمَا قِيلَ لِلْوَاحِدَةِ مِنْهُنَّ أُمّ الْمُؤْمِنِينَ لِلتَّغْلِيبِ , وَإِلَّا فَلَا مَانِع مِنْ أَنْ يُقَال لَهَا أُمّ الْمُؤْمِنَات عَلَى الرَّاجِح . ‏

‏قَوْله : ( أَنَّ الْحَارِث بْن هِشَام ) ‏
‏هُوَ الْمَخْزُومِيّ , أَخُو أَبِي جَهْل شَقِيقه , أَسْلَمَ يَوْم الْفَتْح , وَكَانَ مِنْ فُضَلَاء الصَّحَابَة , وَاسْتُشْهِدَ فِي فُتُوح الشَّام . ‏

‏قَوْله ( سَأَلَ ) ‏
‏هَكَذَا رَوَاهُ أَكْثَر الرُّوَاة عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , فَيُحْتَمَل أَنْ تَكُون عَائِشَة حَضَرَتْ ذَلِكَ , وَعَلَى هَذَا اِعْتَمَدَ أَصْحَاب الْأَطْرَاف فَأَخْرَجُوهُ فِي مُسْنَد عَائِشَة . وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون الْحَارِث أَخْبَرَهَا بِذَلِكَ بَعْد فَيَكُون مِنْ مُرْسَل الصَّحَابَة , وَهُوَ مَحْكُوم بِوَصْلِهِ عِنْد الْجُمْهُور . وَقَدْ جَاءَ مَا يُؤَيِّد الثَّانِي , فَفِي مُسْنَد أَحْمَد وَمُعْجَم الْبَغَوِيِّ وَغَيْرهمَا مِنْ طَرِيق عَامِر بْن صَالِح الزُّبَيْرِيّ عَنْ هِشَام عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَة عَنْ الْحَارِث بْنِ هِشَام قَالَ : سَأَلْت . وَعَامِر فِيهِ ضَعْف , لَكِنْ وَجَدْت لَهُ مُتَابِعًا عِنْد اِبْن مَنْدَهْ , وَالْمَشْهُور الْأَوَّل . ‏

‏قَوْله : ( كَيْفَ يَأْتِيك الْوَحْي ) ‏
‏يُحْتَمَل أَنْ يَكُون الْمَسْئُول عَنْهُ صِفَة الْوَحْي نَفْسه , وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون صِفَة حَامِله أَوْ مَا هُوَ أَعَمّ مِنْ ذَلِكَ , وَعَلَى كُلّ تَقْدِير فَإِسْنَاد الْإِتْيَان إِلَى الْوَحْي مَجَاز ; لِأَنَّ الْإِتْيَان حَقِيقَة مِنْ وَصْف حَامِله . وَاعْتَرَضَ الْإِسْمَاعِيلِيّ فَقَالَ : هَذَا الْحَدِيث لَا يَصْلُح لِهَذِهِ التَّرْجَمَة , وَإِنَّمَا الْمُنَاسِب لِكَيْفِيَّةِ بَدْء الْوَحْي الْحَدِيث الَّذِي بَعْده , وَأَمَّا هَذَا فَهُوَ لِكَيْفِيَّةِ إِتْيَان الْوَحْي لَا لِبَدْءِ الْوَحْي ا ه . قَالَ الْكَرْمَانِيُّ : لَعَلَّ الْمُرَاد مِنْهُ السُّؤَال عَنْ كَيْفِيَّة اِبْتِدَاء الْوَحْي , أَوْ عَنْ كَيْفِيَّة ظُهُور الْوَحْي , فَيُوَافِق تَرْجَمَة الْبَاب . قُلْت : سِيَاقه يُشْعِر بِخِلَافِ ذَلِكَ لِإِتْيَانِهِ بِصِيغَةِ الْمُسْتَقْبَل دُون الْمَاضِي , لَكِنْ يُمْكِن أَنْ يُقَال : إِنَّ الْمُنَاسَبَة تَظْهَر مِنْ الْجَوَاب ; لِأَنَّ فِيهِ إِشَارَة إِلَى اِنْحِصَار صِفَة الْوَحْي أَوْ صِفَة حَامِله فِي الْأَمْرَيْنِ فَيَشْمَل حَالَة الِابْتِدَاء , وَأَيْضًا فَلَا أَثَر لِلتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِير هُنَا وَلَوْ لَمْ تَظْهَر الْمُنَاسَبَة , فَضْلًا عَنْ أَنَّا قَدَّمْنَا أَنَّهُ أَرَادَ الْبُدَاءَة بِالتَّحْدِيثِ عَنْ إِمَامَيْ الْحِجَاز فَبَدَأَ بِمَكَّة ثُمَّ ثَنَّى بِالْمَدِينَةِ . وَأَيْضًا فَلَا يَلْزَم أَنْ تَتَعَلَّقَ جَمِيع أَحَادِيث الْبَاب بِبَدْءِ الْوَحْي , بَلْ يَكْفِي أَنْ يَتَعَلَّقَ بِذَلِكَ وَبِمَا يَتَعَلَّقَ بِهِ وَبِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْآيَةِ أَيْضًا , وَذَلِكَ أَنَّ أَحَادِيث الْبَاب تَتَعَلَّق بِلَفْظِ التَّرْجَمَة وَبِمَا اِشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ , وَلَمَّا كَانَ فِي الْآيَة أَنَّ الْوَحْي إِلَيْهِ نَظِير الْوَحْي إِلَى الْأَنْبِيَاء قَبْله نَاسَبَ تَقْدِيم مَا يَتَعَلَّق بِهَا وَهُوَ صِفَة الْوَحْي وَصِفَة حَامِله إِشَارَة إِلَى أَنَّ الْوَحْي إِلَى الْأَنْبِيَاء لَا تَبَايُن فِيهِ , فَحَسُنَ إِيرَاد هَذَا الْحَدِيث عَقِبَ حَدِيث الْأَعْمَال الَّذِي تَقَدَّمَ التَّقْدِير بِأَنَّ تَعَلُّقه بِالْآيَةِ الْكَرِيمَة أَقْوَى تَعَلُّق , وَاَللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَم . ‏

‏قَوْله : ( أَحْيَانًا ) ‏
‏جَمْع حِين يُطْلَق عَلَى كَثِير الْوَقْت وَقَلِيله , وَالْمُرَاد بِهِ هُنَا مُجَرَّد الْوَقْت , فَكَأَنَّهُ قَالَ : أَوْقَاتًا يَأْتِينِي , وَانْتَصَبَ عَلَى الظَّرْفِيَّة وَعَامِله " يَأْتِينِي " مُؤَخَّر عَنْهُ , وَلِلْمُصَنِّفِ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ هِشَام فِي بَدْء الْخَلْق قَالَ : كُلّ ذَلِكَ يَأْتِي الْمَلَك , أَيْ : كُلّ ذَلِكَ حَالَتَانِ فَذَكَرَهُمَا . وَرَوَى اِبْن سَعْد مِنْ طَرِيق أَبِي سَلَمَة الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُول " كَانَ الْوَحْي يَأْتِينِي عَلَى نَحْوَيْنِ : يَأْتِينِي بِهِ جِبْرِيل فَيُلْقِيه عَلَيَّ كَمَا يُلْقِي الرَّجُل عَلَى الرَّجُل , فَذَاكَ يَنْفَلِت مِنِّي . وَيَأْتِينِي فِي بَيْتِي مِثْل صَوْت الْجَرَس حَتَّى يُخَالِط قَلْبِي , فَذَاكَ الَّذِي لَا يَنْفَلِت مِنِّي " وَهَذَا مُرْسَل مَعَ ثِقَة رِجَاله , فَإِنْ صَحَّ فَهُوَ مَحْمُول عَلَى مَا كَانَ قَبْل نُزُول قَوْله تَعَالَى ( لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانك ) كَمَا سَيَأْتِي , فَإِنَّ الْمَلَك قَدْ تَمَثَّلَ رَجُلًا فِي صُوَر كَثِيرَة وَلَمْ يَنْفَلِت مِنْهُ مَا أَتَاهُ بِهِ كَمَا فِي قِصَّة مَجِيئِهِ فِي صُورَة دِحْيَة وَفِي صُورَة أَعْرَابِيّ وَغَيْر ذَلِكَ وَكُلّهَا فِي الصَّحِيح . وَأُورِدَ عَلَى مَا اِقْتَضَاهُ الْحَدِيث - وَهُوَ أَنَّ الْوَحْي مُنْحَصِر فِي الْحَالَتَيْنِ - حَالَات أُخْرَى : إِمَّا مِنْ صِفَة الْوَحْي كَمَجِيئِهِ كَدَوِيِّ النَّحْل , وَالنَّفْث فِي الرَّوْع , وَالْإِلْهَام , وَالرُّؤْيَا الصَّالِحَة , وَالتَّكْلِيم لَيْلَة الْإِسْرَاء بِلَا وَاسِطَة . وَإِمَّا مِنْ صِفَة حَامِل الْوَحْي كَمَجِيئِهِ فِي صُورَته الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا لَهُ سِتّمِائَةِ جَنَاح , وَرُؤْيَته عَلَى كُرْسِيّ بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض وَقَدْ سَدَّ الْأُفُق . وَالْجَوَاب مَنْع الْحَصْر فِي الْحَالَتَيْنِ الْمُقَدَّم ذِكْرهمَا وَحَمْلهمَا عَلَى الْغَالِب , أَوْ حَمْل مَا يُغَايِرهُمَا عَلَى أَنَّهُ وَقَعَ بَعْد السُّؤَال , أَوْ لَمْ يَتَعَرَّض لِصِفَتَيْ الْمَلَك الْمَذْكُورَتَيْنِ لِنُدُورِهِمَا , فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عَائِشَة أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ كَذَلِكَ إِلَّا مَرَّتَيْنِ أَوْ لَمْ يَأْتِهِ فِي تِلْكَ الْحَالَة بِوَحْيٍ أَوْ أَتَاهُ بِهِ فَكَانَ عَلَى مِثْل صَلْصَلَة الْجَرَس , فَإِنَّهُ بَيَّنَ بِهَا صِفَة الْوَحْي لَا صِفَة حَامِله . وَأَمَّا فُنُون الْوَحْي فَدَوِيّ النَّحْل لَا يُعَارِض صَلْصَلَة الْجَرَس ; لِأَنَّ سَمَاع الدَّوِيّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحَاضِرِينَ - كَمَا فِي حَدِيث عُمَر - يُسْمَع عِنْده كَدَوِيِّ النَّحْل وَالصَّلْصَلَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَشَبَّهَهُ عُمَر بَدْوِيّ النَّحْل بِالنِّسْبَةِ إِلَى السَّامِعِينَ , وَشَبَّهَهُ هُوَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَلْصَلَةِ الْجَرَس بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَقَامه . وَأَمَّا النَّفْث فِي الرَّوْع فَيُحْتَمَل أَنْ يَرْجِع إِلَى إِحْدَى الْحَالَتَيْنِ , فَإِذَا أَتَاهُ الْمَلَك فِي مِثْل صَلْصَلَة الْجَرَس نَفَثَ حِينَئِذٍ فِي رَوْعه . وَأَمَّا الْإِلْهَام فَلَمْ يَقَع السُّؤَال عَنْهُ ; لِأَنَّ السُّؤَال وَقَعَ عَنْ صِفَة الْوَحْي الَّذِي يَأْتِي بِحَامِلٍ , وَكَذَا التَّكْلِيم لَيْلَة الْإِسْرَاء . وَأَمَّا الرُّؤْيَة الصَّالِحَة فَقَالَ اِبْن بَطَّال : لَا تَرِدُ ; لِأَنَّ السُّؤَال وَقَعَ عَمَّا يَنْفَرِد بِهِ عَنْ النَّاس ; لِأَنَّ الرُّؤْيَا قَدْ يُشْرِكهُ فِيهَا غَيْره ا ه . وَالرُّؤْيَا الصَّادِقَة وَإِنْ كَانَتْ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّة فَهِيَ بِاعْتِبَارِ صِدْقهَا لَا غَيْر , وَإِلَّا لَسَاغَ لِصَاحِبِهَا أَنْ يُسَمَّى نَبِيًّا وَلَيْسَ كَذَلِكَ , وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون السُّؤَال وَقَعَ عَمَّا فِي الْيَقَظَة , أَوْ لِكَوْنِ حَال الْمَنَام لَا يَخْفَى عَلَى السَّائِل فَاقْتَصَرَ عَلَى مَا يَخْفَى عَلَيْهِ , أَوْ كَانَ ظُهُور ذَلِكَ لَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَام أَيْضًا عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لَا غَيْر , قَالَهُ الْكَرْمَانِيُّ : وَفِيهِ نَظَر . وَقَدْ ذَكَرَ الْحَلِيمِيّ أَنَّ الْوَحْي كَانَ يَأْتِيه عَلَى سِتَّة وَأَرْبَعِينَ نَوْعًا - فَذَكَرَهَا - وَغَالِبهَا مِنْ صِفَات حَامِل الْوَحْي , وَمَجْمُوعهَا يَدْخُل فِيمَا ذُكِرَ , وَحَدِيث " إِنَّ رُوح الْقُدُس نَفَثَ فِي رُوعِي , أَخْرَجَهُ اِبْن أَبِي الدُّنْيَا فِي الْقَنَاعَة , وَصَحَّحَهُ الْحَاكِم مِنْ طَرِيق اِبْن مَسْعُود . ‏

‏قَوْله : ( مِثْل صَلْصَلَة الْجَرَس ) ‏
‏فِي رِوَايَة مُسْلِم " فِي مِثْل صَلْصَلَة الْجَرَس " وَالصَّلْصَلَة بِمُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ بَيْنهمَا لَام سَاكِنَة : فِي الْأَصْل صَوْت وُقُوع الْحَدِيد بَعْضه عَلَى بَعْض , ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى كُلّ صَوْت لَهُ طَنِين , وَقِيلَ : هُوَ صَوْت مُتَدَارَك لَا يُدْرَك فِي أَوَّل وَهْلَة , وَالْجَرَس الْجُلْجُل الَّذِي يُعَلَّق فِي رُءُوس الدَّوَابّ , وَاشْتِقَاقه مِنْ الْجَرْس بِإِسْكَانِ الرَّاء وَهُوَ الْحِسّ , وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ : الْجَرَس نَاقُوس صَغِير أَوْ سَطْل فِي دَاخِله قِطْعَة نُحَاس يُعَلَّق مَنْكُوسًا عَلَى الْبَعِير , فَإِذَا تَحَرَّكَ تَحَرَّكَتْ النُّحَاسَة فَأَصَابَتْ السَّطْل فَحَصَلَتْ الصَّلْصَلَة ا ه . وَهُوَ تَطْوِيل لِلتَّعْرِيفِ بِمَا لَا طَائِل تَحْته . وَقَوْله قِطْعَة نُحَاس مُعْتَرِض لَا يَخْتَصّ بِهِ وَكَذَا الْبَعِير وَكَذَا قَوْله مَنْكُوسًا ; لِأَنَّ تَعْلِيقه عَلَى تِلْكَ الصُّورَة هُوَ وَضْعه الْمُسْتَقِيم لَهُ . فَإِنْ قِيلَ : الْمَحْمُود لَا يُشَبَّه بِالْمَذْمُومِ , إِذْ حَقِيقَة التَّشْبِيه إِلْحَاق نَاقِص بِكَامِلٍ , وَالْمُشَبَّه الْوَحْي وَهُوَ مَحْمُود , وَالْمُشَبَّه بِهِ صَوْت الْجَرَس وَهُوَ مَذْمُوم لِصِحَّةِ النَّهْي عَنْهُ وَالتَّنْفِير مِنْ مُرَافَقَة مَا هُوَ مُعَلَّق فِيهِ وَالْإِعْلَام بِأَنَّهُ لَا تَصْحَبهُمْ الْمَلَائِكَة كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرهمَا , فَكَيْفَ يُشَبَّه مَا فَعَلَهُ الْمَلَك بِأَمْر تَنْفِر مِنْهُ الْمَلَائِكَة ؟ وَالْجَوَاب أَنَّهُ لَا يَلْزَم فِي التَّشْبِيه تَسَاوِي الْمُشَبَّه بِالْمُشَبَّهِ بِهِ فِي الصِّفَات كُلّهَا , بَلْ وَلَا فِي أَخَصّ وَصْف لَهُ , بَلْ يَكْفِي اِشْتِرَاكهمَا فِي صِفَة مَا , فَالْمَقْصُود هُنَا بَيَان الْجِنْس , فَذَكَرَ مَا أَلِفَ السَّامِعُونَ سَمَاعه تَقْرِيبًا لِأَفْهَامِهِمْ . وَالْحَاصِل أَنَّ الصَّوْت لَهُ جِهَتَانِ : جِهَة قُوَّة وَجِهَة طَنِين , فَمِنْ حَيْثُ الْقُوَّة وَقَعَ التَّشْبِيه بِهِ , وَمِنْ حَيْثُ الطَّرَب وَقَعَ التَّنْفِير عَنْهُ وَعُلِّلَ بِكَوْنِهِ مِزْمَار الشَّيْطَان , وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون النَّهْي عَنْهُ وَقَعَ بَعْد السُّؤَال الْمَذْكُور وَفِيهِ نَظَر . قِيلَ : وَالصَّلْصَلَة الْمَذْكُورَة صَوْت الْمَلَك بِالْوَحْيِ , قَالَ الْخَطَّابِيُّ : يُرِيد أَنَّهُ صَوْت مُتَدَارَك يَسْمَعهُ وَلَا يَتَبَيَّنهُ أَوَّل مَا يَسْمَعهُ حَتَّى يَفْهَمهُ بَعْد , وَقِيلَ : بَلْ هُوَ صَوْت حَفِيف أَجْنِحَة الْمَلَك 0 وَالْحِكْمَة فِي تَقَدُّمه أَنْ يَقْرَع سَمْعه الْوَحْي فَلَا يَبْقَى فِيهِ مَكَان لِغَيْرِهِ , وَلَمَّا كَانَ الْجَرَس لَا تَحْصُل صَلْصَلَته إِلَّا مُتَدَارِكَة وَقَعَ التَّشْبِيه بِهِ دُون غَيْره مِنْ الْآلَات , وَسَيَأْتِي كَلَام اِبْن بَطَّال فِي هَذَا الْمَقَام فِي الْكَلَام عَلَى حَدِيث اِبْن عَبَّاس " إِذَا قَضَى اللَّه الْأَمْر فِي السَّمَاء ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَة بِأَجْنِحَتِهَا " الْحَدِيث عِنْد تَفْسِير قَوْله : ( حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبهمْ ) فِي تَفْسِير سُورَة سَبَأ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى . ‏

‏قَوْله : ( وَهُوَ أَشَدّه عَلَيَّ ) ‏
‏يُفْهَم مِنْهُ أَنَّ الْوَحْي كُلّه شَدِيد , وَلَكِنَّ هَذِهِ الصِّفَة أَشَدّهَا , وَهُوَ وَاضِح ; لِأَنَّ الْفَهْم مِنْ كَلَام مِثْل الصَّلْصَلَة أَشْكَل مِنْ الْفَهْم مِنْ كَلَام الرَّجُل بِالتَّخَاطُبِ الْمَعْهُود , وَالْحِكْمَة فِيهِ أَنَّ الْعَادَة جَرَتْ بِالْمُنَاسَبَةِ بَيْن الْقَائِل وَالسَّامِع , وَهِيَ هُنَا إِمَّا بِاتِّصَافِ السَّامِع بِوَصْفِ الْقَائِل بِغَلَبَةِ الرُّوحَانِيَّة وَهُوَ النَّوْع الْأَوَّل , وَإِمَّا بِاتِّصَافِ الْقَائِل بِوَصْفِ السَّامِع وَهُوَ الْبَشَرِيَّة وَهُوَ النَّوْع الثَّانِي , وَالْأَوَّل أَشَدّ بِلَا شَكّ . وَقَالَ شَيْخنَا شَيْخ الْإِسْلَام الْبُلْقِينِيّ : سَبَب ذَلِكَ أَنَّ الْكَلَام الْعَظِيم لَهُ مُقَدِّمَات تُؤْذِن بِتَعْظِيمِهِ لِلِاهْتِمَامِ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس " كَانَ يُعَالِج مِنْ التَّنْزِيل شِدَّة " قَالَ وَقَالَ بَعْضهمْ : وَإِنَّمَا كَانَ شَدِيدًا عَلَيْهِ لِيَسْتَجْمِع قَلْبه فَيَكُون أَوْعَى لِمَا سَمِعَ ا ه . وَقِيلَ إِنَّهُ إِنَّمَا كَانَ يَنْزِل هَكَذَا إِذَا نَزَلَتْ آيَة وَعِيد أَوْ تَهْدِيد , وَهَذَا فِيهِ نَظَر , وَالظَّاهِر أَنَّهُ لَا يَخْتَصّ بِالْقُرْآنِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانه فِي حَدِيث يَعْلَى بْن أُمَيَّة فِي قِصَّة لَابِس الْجُبَّة الْمُتَضَمِّخ بِالطِّيبِ فِي الْحَجّ , فَإِنَّ فِيهِ أَنَّهُ " رَآهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَال نُزُول الْوَحْي عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَيَغِطّ " , وَفَائِدَة هَذِهِ الشِّدَّة مَا يَتَرَتَّب عَلَى الْمَشَقَّة مِنْ زِيَادَة الزُّلْفَى , وَالدَّرَجَات . ‏

‏قَوْله : ( فَيَفْصِم ) ‏
‏فَتْح أَوَّله وَسُكُون الْفَاء وَكَسْر الْمُهْمَلَة أَيْ : يُقْلِع وَيَتَجَلَّى مَا يَغْشَانِي , وَيُرْوَى بِضَمِّ أَوَّله مِنْ الرُّبَاعِيّ , وَفِي رِوَايَة لِأَبِي ذَرّ بِضَمِّ أَوَّله وَفَتْح الصَّاد عَلَى الْبِنَاء لِلْمَجْهُولِ , وَأَصْل الْفَصْم الْقَطْع , وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى ( لَا اِنْفِصَام لَهَا ) , وَقِيلَ الْفَصْم بِالْفَاءِ الْقَطْع بِلَا إِبَانَة وَبِالْقَافِ الْقَطْع بِإِبَانَةٍ , فَذَكَرَ بِالْفَصْمِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ الْمَلَك فَارَقَهُ لِيَعُودَ , وَالْجَامِع بَيْنهمَا بَقَاء الْعُلْقَة . ‏

‏قَوْله : ( وَقَدْ وَعَيْت عَنْهُ مَا قَالَ ) ‏
‏أَيْ : الْقَوْل الَّذِي جَاءَ بِهِ , وَفِيهِ إِسْنَاد الْوَحْي إِلَى قَوْل الْمَلَك , وَلَا مُعَارَضَة بَيْنه وَبَيْن قَوْله تَعَالَى حِكَايَة عَمَّنْ قَالَ مِنْ الْكُفَّار ( إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْل الْبَشَر ) لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُنْكِرُونَ الْوَحْي , وَيُنْكِرُونَ مَجِيء الْمَلَك بِهِ . ‏

‏قَوْله : ( يَتَمَثَّل لِيَ الْمَلَك رَجُلًا ) ‏
‏التَّمَثُّل مُشْتَقّ مِنْ الْمِثْل , أَيْ : يَتَصَوَّر . وَاللَّام فِي الْمَلَك لِلْعَهْدِ وَهُوَ جِبْرِيل , وَقَدْ وَقَعَ التَّصْرِيح بِهِ فِي رِوَايَة اِبْن سَعْد الْمُقَدَّم ذِكْرهَا . وَفِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الْمَلَك يَتَشَكَّل بِشَكْلِ الْبَشَر . ‏
‏قَالَ الْمُتَكَلِّمُونَ : الْمَلَائِكَة أَجْسَام عُلْوِيَّة لَطِيفَة تَتَشَكَّل أَيّ شَكْل أَرَادُوا , وَزَعَمَ بَعْض الْفَلَاسِفَة أَنَّهَا جَوَاهِر رُوحَانِيَّة , وَ " رَجُلًا " مَنْصُوب بِالْمَصْدَرِيَّةِ , أَيْ : يَتَمَثَّل مِثْل رَجُل , أَوْ بِالتَّمْيِيزِ , أَوْ بِالْحَالِ وَالتَّقْدِير هَيْئَة رَجُل . قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ : تَمَثُّل جِبْرِيل مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّه أَفْنَى الزَّائِد مِنْ خَلْقه أَوْ أَزَالَهُ عَنْهُ , ثُمَّ يُعِيدهُ إِلَيْهِ بَعْد . وَجَزَمَ اِبْن عَبْد السَّلَام بِالْإِزَالَةِ دُون الْفَنَاء , وَقَرَّرَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَم أَنْ يَكُون اِنْتِقَالهَا مُوجِبًا لِمَوْتِهِ , بَلْ يَجُوز أَنْ يَبْقَى الْجَسَد حَيًّا ; لِأَنَّ مَوْت الْجَسَد بِمُفَارَقَةِ الرُّوح لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَقْلًا بَلْ بِعَادَةٍ أَجْرَاهَا اللَّه تَعَالَى فِي بَعْض خَلْقه . ‏
‏وَنَظِيره اِنْتِقَال أَرْوَاح الشُّهَدَاء إِلَى أَجْوَاف طُيُور خُضْر تَسْرَح فِي الْجَنَّة . وَقَالَ شَيْخنَا شَيْخ الْإِسْلَام : مَا ذَكَرَهُ إِمَام الْحَرَمَيْنِ لَا يَنْحَصِر الْحَال فِيهِ , بَلْ يَجُوز أَنْ يَكُون الثَّانِي هُوَ جِبْرِيل بِشَكْلِهِ الْأَصْلِيّ , إِلَّا أَنَّهُ اِنْضَمَّ فَصَارَ عَلَى قَدْر هَيْئَة الرَّجُل , وَإِذَا تَرَكَ ذَلِكَ عَادَ إِلَى هَيْئَته , وَمِثَال ذَلِكَ الْقُطْن إِذَا جُمِعَ بَعْد أَنْ كَانَ مُنْتَفِشًا فَإِنَّهُ بِالنَّفْشِ يَحْصُل لَهُ صُورَة كَبِيرَة وَذَاته لَمْ تَتَغَيَّر . وَهَذَا عَلَى سَبِيل التَّقْرِيب , وَالْحَقّ أَنَّ تَمَثُّل الْمَلَك رَجُلًا لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ ذَاته اِنْقَلَبَتْ رَجُلًا , بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ ظَهَرَ بِتِلْكَ الصُّورَة تَأْنِيسًا لِمَنْ يُخَاطِبهُ . وَالظَّاهِر أَيْضًا أَنَّ الْقَدْر الزَّائِد لَا يَزُول وَلَا يَفْنَى , بَلْ يَخْفَى عَلَى الرَّائِي فَقَطْ . وَاَللَّه أَعْلَم . ‏

‏قَوْله : ( فَيُكَلِّمنِي ) ‏
‏كَذَا لِلْأَكْثَرِ , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيق الْقَعْنَبِيّ عَنْ مَالِك " فَيُعَلِّمنِي " بِالْعَيْنِ بَدَل الْكَاف , وَالظَّاهِر أَنَّهُ تَصْحِيف , فَقَدْ وَقَعَ فِي الْمُوَطَّأ رِوَايَة الْقَعْنَبِيّ بِالْكَافِ , وَكَذَا لِلدَّارَقُطْنِيّ فِي حَدِيث مَالِك مِنْ طَرِيق الْقَعْنَبِيّ وَغَيْره . ‏

‏قَوْله : ( فَأَعِي مَا يَقُول ) ‏
‏زَادَ أَبُو عَوَانَة فِي صَحِيحه " وَهُوَ أَهْوَنه عَلَيَّ " . وَقَدْ وَقَعَ التَّغَايُر فِي الْحَالَتَيْنِ حَيْثُ قَالَ فِي الْأُولَى " وَقَدْ وَعَيْت " بِلَفْظِ الْمَاضِي , وَهُنَا " فَأَعِي " بِلَفْظِ الِاسْتِقْبَال ; لِأَنَّ الْوَعْي حَصَلَ فِي الْأَوَّل قَبْل الْفَصْم , وَفِي الثَّانِي حَصَلَ حَال الْمُكَالَمَة , أَوْ أَنَّهُ كَانَ فِي الْأَوَّل قَدْ تَلَبَّسَ بِالصِّفَاتِ الْمَلَكِيَّة فَإِذَا عَادَ إِلَى حَالَته الْجِبِلِّيَّة كَانَ حَافِظًا لِمَا قِيلَ لَهُ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْمَاضِي , بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّهُ عَلَى حَالَته الْمَعْهُودَة . ‏

‏قَوْله : ( قَالَتْ عَائِشَة ) ‏
‏هُوَ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي قَبْله , وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ حَرْف الْعَطْف كَمَا يَسْتَعْمِل الْمُصَنِّف وَغَيْره كَثِيرًا , وَحَيْثُ يُرِيد التَّعْلِيق يَأْتِي بِحَرْفِ الْعَطْف . وَقَدْ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي حَدِيث مَالِك مِنْ طَرِيق عَتِيق بْن يَعْقُوب عَنْ مَالِك مَفْصُولًا عَنْ الْحَدِيث الْأَوَّل , وَكَذَا فَصَلَهُمَا مُسْلِم مِنْ طَرِيق أَبِي أُسَامَة عَنْ هِشَام وَنُكْتَة هَذَا الِاقْتِطَاع هُنَا اِخْتِلَاف التَّحَمُّل ; لِأَنَّهَا فِي الْأَوَّل أَخْبَرَتْ عَنْ مَسْأَلَة الْحَارِث , وَفِي الثَّانِي أَخْبَرَتْ عَمَّا شَاهَدَتْ تَأْيِيدًا لِلْخَبَرِ الْأَوَّل . ‏

‏قَوْله : ( لَيَتَفَصَّد ) ‏
‏بِالْفَاءِ وَتَشْدِيد الْمُهْمَلَة , مَأْخُوذ مِنْ الْفَصْد وَهُوَ قَطْع الْعِرْق لِإِسَالَةِ الدَّم , شُبِّهَ جَبِينه بِالْعِرْقِ الْمَفْصُود مُبَالَغَة فِي كَثْرَة الْعَرَق . وَفِي قَوْلهَا " فِي الْيَوْم الشَّدِيد الْبَرْد " دِلَالَة عَلَى كَثْرَة مُعَانَاة التَّعَب وَالْكَرْب عِنْد نُزُول الْوَحْي , لِمَا فِيهِ مِنْ مُخَالَفَة الْعَادَة , وَهُوَ كَثْرَة الْعَرَق فِي شِدَّة الْبَرْد , فَإِنَّهُ يُشْعِر بِوُجُودِ أَمْر طَارِئ زَائِد عَلَى الطِّبَاع الْبَشَرِيَّة . ‏
‏وَقَوْله " عَرَقًا " ‏
‏بِالنَّصْبِ عَلَى التَّمْيِيز , زَادَ اِبْن أَبِي الزِّنَاد عَنْ هِشَام بِهَذَا الْإِسْنَاد عِنْد الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل " وَإِنْ كَانَ لَيُوحَى إِلَيْهِ وَهُوَ عَلَى نَاقَته فَيَضْرِب حِزَامهَا مِنْ ثِقَل مَا يُوحَى إِلَيْهِ " . ‏
‏( تَنْبِيه ) : ‏
‏حَكَى الْعَسْكَرِيّ فِي التَّصْحِيف عَنْ بَعْض شُيُوخه أَنَّهُ قَرَأَ " لَيَتَقَصَّد " بِالْقَافِ , ثُمَّ قَالَ الْعَسْكَرِيّ : إِنْ ثَبَتَ فَهُوَ مِنْ قَوْلهمْ تَقَصَّدَ الشَّيْء إِذَا تَكَسَّرَ وَتَقَطَّعَ , وَلَا يَخْفَى بُعْده اِنْتَهَى . وَقَدْ وَقَعَ فِي هَذَا التَّصْحِيف أَبُو الْفَضْل بْن طَاهِر , فَرَدَّهُ عَلَيْهِ الْمُؤْتَمِن السَّاجِيُّ بِالْفَاءِ , قَالَ : فَأَصَرَّ عَلَى الْقَاف , وَذَكَرَ الذَّهَبِيّ فِي تَرْجَمَة اِبْن طَاهِر عَنْ اِبْن نَاصِر أَنَّهُ رَدَّ عَلَى اِبْن طَاهِر لَمَّا قَرَأَهَا بِالْقَافِ , قَالَ : فَكَابَرَنِي . قُلْت : وَلَعَلَّ اِبْن طَاهِر وَجَّهَهَا بِمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْعَسْكَرِيّ . وَاَللَّه أَعْلَم . وَفِي حَدِيث الْبَاب مِنْ الْفَوَائِد - غَيْر مَا تَقَدَّمَ - أَنَّ السُّؤَال عَنْ الْكَيْفِيَّة لِطَلَبِ الطُّمَأْنِينَة لَا يَقْدَح فِي الْيَقِين , وَجَوَاز السُّؤَال عَنْ أَحْوَال الْأَنْبِيَاء مِنْ الْوَحْي وَغَيْره , وَأَنَّ الْمَسْئُول عَنْهُ إِذَا كَانَ ذَا أَقْسَام يَذْكُر الْمُجِيب فِي أَوَّل جَوَابه مَا يَقْتَضِي التَّفْصِيل . وَاَللَّه أَعْلَم . ‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو عمار الأثري
المدير العام
المدير العام
أبو عمار الأثري


عدد المساهمات : 2064
نقاط : 2347
تاريخ التسجيل : 18/10/2009
الموقع : منابر الهدى الأثرية

فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثاني   فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثاني I_icon_minitimeالجمعة 13 نوفمبر 2009, 1:41 am

جزاك الله كل الخير أختي بارك الله بك على النشاط
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://abuamar.ahlamontada.net
نور السلفية
العضو المتميز
العضو المتميز
نور السلفية


فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثاني E8s7dt
عدد المساهمات : 1050
نقاط : 1440
تاريخ التسجيل : 05/11/2009
العمر : 38
الموقع : اشتقت لجمعكم يا اخوة الخير حياكم ربي

فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثاني Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثاني   فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثاني I_icon_minitimeالجمعة 13 نوفمبر 2009, 2:07 am

امين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فتح الباري بشرح صحيح البخاري الحديث الثاني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منابرأهل الأثر :: المنبر الإسلامي الحر :: منبر علم الحديث-
انتقل الى: