منابرأهل الأثر
الهِمَمُ الخَسِيسَةُ لا تَصْنَعُ الأُمَمَ 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا الهِمَمُ الخَسِيسَةُ لا تَصْنَعُ الأُمَمَ 829894
ادارة المنتدي الهِمَمُ الخَسِيسَةُ لا تَصْنَعُ الأُمَمَ 103798
منابرأهل الأثر
الهِمَمُ الخَسِيسَةُ لا تَصْنَعُ الأُمَمَ 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا الهِمَمُ الخَسِيسَةُ لا تَصْنَعُ الأُمَمَ 829894
ادارة المنتدي الهِمَمُ الخَسِيسَةُ لا تَصْنَعُ الأُمَمَ 103798
منابرأهل الأثر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى إسلامي للقرآن الكريم والمحاضرات والخطب الدينية الصوتية والمرئية والكتابات الإسلامية
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
الهِمَمُ الخَسِيسَةُ لا تَصْنَعُ الأُمَمَ _online.gif?rnd=0


 

 الهِمَمُ الخَسِيسَةُ لا تَصْنَعُ الأُمَمَ

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
الأثرية
إدارية
إدارية
الأثرية


الهِمَمُ الخَسِيسَةُ لا تَصْنَعُ الأُمَمَ E8s7dt
عدد المساهمات : 1792
نقاط : 2188
تاريخ التسجيل : 20/10/2009
الموقع : موقع الشيخ رسلان

الهِمَمُ الخَسِيسَةُ لا تَصْنَعُ الأُمَمَ Empty
مُساهمةموضوع: الهِمَمُ الخَسِيسَةُ لا تَصْنَعُ الأُمَمَ   الهِمَمُ الخَسِيسَةُ لا تَصْنَعُ الأُمَمَ I_icon_minitimeالأحد 18 يوليو 2010, 7:32 pm











الهِمَمُ الخَسِيسَةُ لا تَصْنَعُ الأُمَمَ



لقد ابْتُليتْ الأمةُ بهممٍ خَسِيسَةٍ وطِبَاعٍ دَنِيَّةٍ مما أقعدها عنْ أنْ تَربُطَ حاضرَها بماضيها، ونبغتْ فيهم نابغةٌ؛ لا بالدنيا أجادوا ولا بالآخرةِ شُغِلُوا، انْشَغلوا بالتافهِ من القولِ والعملِ حتى صارتْ أمةً غُثَائِيةً لا تَعرفُ من الآخرةِ إلا الاسمِ ولا من الدنيا إلا الرَّسْمِ، فتداعى عليها عدُوُها من كلِّ حَدَبٍ وصَوبٍ حتى شَبِعَ مما أكلَ وأكفأها حتى لا يُبْقِي لغيرِهِ فَضْلَهُ، بل كَثُرَ فيها التافهُ من الرجالِ مع الرَجِلَةِ من النِّسَاءِ، وقد تأملتُ حديثينِ أخْشَى أنْ يكونَ آنَ أوانُهما وحلَّ بالأمةِ مَضْمُونُهما، أولهما: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: " إِنَّهَا سَتَأْتِي عَلَى النَّاسِ سِنُونَ خَدَّاعَةٌ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ" قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: "السَّفِيهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ"حديث حسن رواه أحمد.
والآخر: عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الْأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا". قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: "أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنْ تَكُونُونَ غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ، تُنْتَزَعُ الْمَهَابَةُ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ، وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ".
قَالَ: قُلْنَا: وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: "حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ"حديثٌ حسنٌ رواهُ أحمدُ.
فالمُحَرِّكُ للخيرِ والشرِ القلبُ وما جَبُلَ عليه، فالهمةُ عملٌ قلبي، والقلبُ لا سُلْطَانَ عليه لغيرِ صاحبِهِ، وكما أنَّ الطائرَ يَطيرُ بجَنَاحيه، كذلك المرءُ يَطيرُ بهمتِهِ، فَتُحَلِّقُ به إلى أعلى الآفاقِ، طليقةًً من القُيُودِ التي تُكَبِلُ الأجسادَ..
ولذلك فلا عَودَ ولا رُجُوعَ لِعزِ هذهِ الأمةِ إلا بهمَمٍ تُنَاطِحُ السحابَ ورجالٍ ما عرفوا غَيرَ اللهِ.
نقل ابْنُ قُتَيبَةَ عن بعضِ كُتُبِ الحكمةِ: "ذو الهِمَّةِ إنْ حُطَّ، فنفسُهُ تأبى إلا عُلُوًا، كالشُعْلَةِ من النَّارِ يُصَوِّبُها صاحبُها، وتأبى إلا ارتفاعًا".
ولا ينبغي أنْ يكونَ الفَاضِلُ من الرجالِ إلا مع الملُوكِ مُكرّمًا أو مع النُّسَّاكِ مُتَبَتِلًا، كالفيلِ لا يُحْسِنُ أنْ يُرى إلا في موضعين: في البريَّةِ وحشيّا، أو للملوك مَرْكَبَا.
ويَندرُ أنْ تَجدَ إنسانًا استطاعَ أنْ يعلوَ بهمتِهِ، ويجمعَ شملَهُ ويُقْصِرَ من الاعتذاراتِ والشِّكَاياتِ, فتُصْبِحُ حياتُه مثلًا أعلى يُحتَذي به, ولكنِ القليلُ هم الذين يَستثمِرُونَ هِمَمَهم حقَّ الاستثمارِ, ويُحاولونَ أنْ يَرْتَقُوا بأنفسِهِم حقَّ الارتِقَاءِ.
إنَّ تحقيقَ كثيرٍ مِن الأمورِ، مما يَعُدُّهُ الناسُ خيالًا لا يُتحقَقُ, يستطيعُ أصحابُ الهممِ بتوفيقِ اللهِ لهم أولا، وبهمتِهم ثانيًا, إنجازَ الكثيرِ من الأعمالِ التي يَستعظِمُ بعضَها مَنْ قعدتْ به همتُهُ وظنَّها خَيالًا, وأعظمُ مثالٍ على هذا سيرةُ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ المعروفُ عندَ أهلِ التَواريخِ أنَّ بناءَ الأُمَمِ يحتاجُ إلى أجيالٍ لتحقيقِهِ, لكنَّهُ عليه الصلاةُ والسلامُ استطاعَ بِناءَ خيرِ أُمةٍ أُخْرِجَتْ للنَّاسِ في أقلَ من رُبُعِ قرنٍ من الزمانِ, واستطاعتْ هذِهِ الأمَّةُ أنْ تُنيرَ بالإسلامِ غالبَ الأجزاءِ المعروفةِ آنذاكَ, وجِهَادُهُ عليه الصلاةُ والسلامُ وعملُهُ وهمتُهُ العاليةُ في بناءِ الأُمَّةِ أمرٌ معروفٌ.
والصديقُ -رضي الله عنه- استطاعَ في أقلَ من سنتين أنْ يَخرُجَ من دائرةِ حِصَارِ المُرْتَدينَ, ولم يَمُتْ -رضي الله عنه- إلا وجيوشُهُ تُحَاصِرُ أعظمَ إمْبِرَاطُورِيتين في ذلك الوقتِ, هذا وقد نهاه كبارُ الصحابةِ عن حربِ المُرْتَدينَ، وظنَّوا أنَّه لا يستطيعُ أنْ يَقُومَ في وَجهِ العربِ كلِّهم, ولكنِ همَّتُهُ العاليةُ أبتْ عليه ذلك، واستطاعَ أنْ يَنْجِزَ ما ظنَّه الناسُ خيالًا لا يُنْجَزُ.
أصحابُ الهممِ يُعْتمدُ عليهم، وتُناطُ بهم الأمورُ الصعبةُ، وهذا أمرٌ مُشَاهَدٌ معروفٌ, كما سمِعنا وقرأنا عمن سَبَقَ من أهلِ الفضلِ ومَنْ أنَارَ اللهُ بهمُ الدنيا ورفعَ اللهُ بهم شأنَ الأمةِ.
نُدْرَةُ أَصحابِ الهممِ في النَّاسِ
يَصْدُقُ عليهم قولُ الرسولِ -صلى الله عليه وسلم- : «تَجِدُونَ النَّاسَ كَإِبِلٍ مِائَةٍ لاَ يَجِدُ الرَّجُلُ فِيهَا رَاحِلَةً »رواه مسلمٌ.
وهم في النَّاسِ ثُلَّةٌ من الأولين، وقليلٌ من الآخرين.
وقدْ كانوا إذا عُدُّوا قليلا ... فقد صاروا أعزَّ من القليلِ
همَّةُ المؤمنِ تُبَلِّغُهُ الجنَّةَ
قال -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً، وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَعَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ، وَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ» رواه البخاريُّ.
وقال -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ ». رواه مسلمٌ وغيرُهُ.
وقال -صلى الله عليه وسلم- فيمن تَجَهَزَ للجهادِ، ثم أدرَكَهُ الموتُ: "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَوْقَعَ أَجْرَهُ عَلَى قَدْرِ نِيَّتِهِ" رواه الإمامُ أحمدُ وغيرُهُ.
وقال -صلى الله عليه وسلم-: «مَا مِنِ امْرِئٍ تَكُونُ لَهُ صَلاَةٌ بِلَيْلٍ فَغَلَبَهُ عَلَيْهَا نَوْمٌ إِلاَّ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَجْرَ صَلاَتِهِ وَكَانَ نَوْمُهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ». رواه النسائيُّ وأبو داودَ.
وقد يَتَفَوّقُ المؤمنُ بهمتِهِ العاليةِ على غيرِهِ مع قلةِ ذاتِ اليدِ كما بيَّن ذلك الصادقُ المَصْدُوقُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «سَبَقَ دِرْهَمٌ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ». قَالُوا وَكَيْفَ؟ قَالَ: «كَانَ لِرَجُلٍ دِرْهَمَانِ تَصَدَّقَ بِأَحَدِهِمَا، وَانْطَلَقَ رَجُلٌ إِلَى عُرْضِ مَالِهِ فَأَخَذَ مِنْهُ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَتَصَدَّقَ بِهَا ». رواه النسائيُّ وأحمدُ وغيرُهُ.
يا عاليَ الهمَّةِ.. بقَدْرِ ما تَتَعنَّى، تَنالُ ما تتمنَّى
إن عاليَ الهمةِ يجودُ بالنَّفسِ والنَّفِيسِ في سبيلِ تحصيلِ غايتِهِ، وتحقيقِ بُغيتِهِ، لأنَّه يَعْلمُ أنَّ المكارمَ مَنُوطَةٌ بالمكارِهِ، وأنَّ المصالحَ والخيراتِ واللذاتِ والكَمَالاتِ كلَّها لا تُنَالُ إلا بحظٍ من المَشقةِ، ولا يُعْبَرُ إليها إلا على جِسْرٍ منِ التَعَبِ.
كما أنشدَ
أبو تمامٍ في مدحِ المُعْتَصِمِ بعد فتحِ عَمُّوْرِيَّةَ:
كَمْ أَحْرَزَتْ قُضُبُ الهنْدِي مُصْلَتَة ***تهتزُّ منْ قُضُبٍ تهتزُّ في كُثُبِ
بيضٌ، إذا انتُضيتْ من حُجبها، رجعتْ***أحقُّ بالبيض أتراباً منَ الحُجُبِ
خَلِيفَة َ اللَّهِ جازَى اللَّهُ سَعْيَكَ عَنْ***جُرْثُومَة ِ الديْنِ والإِسْلاَمِ والحَسَبِ
بصُرْتَ بالرَّاحة ِ الكُبرى فلمْ ترها***تُنالُ إلاَّ على جسرٍ منَ التَّعبِ
إن كان بينَ صُرُوفِ الدَّهرِ من رحمٍ***موصولة ٍ أوْ ذمامٍ غيرِ مُنقضبِ
فبَيْنَ أيَّامِكَ اللاَّتي نُصِرْتَ بِهَا***وبَيْنَ أيَّامِ بَدْر أَقْرَبُ النَّسَبِ
أَبْقَتْ بَني الأصْفَر المِمْرَاضِ كاسِمِهمُ***صُفْرَ الوجُوهِ وجلَّتْ أَوْجُهَ العَرَبِ
عالي الهمةِ يُرى منطلقاً بثقةٍ وقوةٍ وإقدامٍ نحوَ غايتِهِ التي حدَّدَها على بصيرةٍ وعلمٍ، فيَقْتَحِمُ الأهوالَ، ويَسْتَهِينُ الصِّعَابَ.
ذَرِيني أنلْ ما لا يُنالُ من العُلا *** فصعبُ العُلا في الصَّعَبِ والسَّهلُ في السَّهلِ
تُرِيدينَ إدراكَ المعالي رخيصةً *** ولابُدَّ دونَ الشَّهْدِ من إبَرِ النَّحْلِ
مَن أرادَ الجنَّةَ سلعةَ اللهِ الغاليةَ لم يَلتفتْ إلى لؤمِ لائمٍ، ولا عَذلِ عَاذل،ٍ ومضى يَكدحُ في السعي لها
قال تعالى: {وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا}[سُورَةُ الإِسْرَاءِ : 19].
وقال -صلى الله عليه وسلم- : "مَنْ خَافَ أَدْلَجَ، وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ، أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللهِ غَالِيَةٌ، أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللهِ الجَنَّةُ".رواه الترمذيُّ وأحمدُ.
كبيرُ الهِمَّةِ لا يَنقُضُ عَزْمَهُ
قال تعالى: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}[ سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ:159]
قال جعفرٌ الخُلْديُّ البغداديُّ: "ما عقدتُ لله على نفسي عقدًا، فنَكَثْتُهُ".
يا كبيرَ الهِمَّةِ: لا يَضُرُّك التفردُ، فإنَّ طُرُقَ العُلا قَلِيلةُ الإينَاسِ
فعالي الهمَّةِ تَرَقَّى في مدارجِ الكمالِ بحيثُ صارَ لا يَأبَهُ بقلةِ السالكينَ، ووحشةِ الطريقِ لأنَّه يُحَصِّلُ مع كلِّ مرتبةٍ يَرتَقِي إليها من الأُنْسِ باللهِ ما يَزيلُ هذِهِ الوحشةَ، وإلا انقطعَ به السَّبِيلُ.
عالي الهِمَّةِ لا يَرضى بالدُّونِ ولا يُرْضِيهِ إلا معاليَ الأُمُورِ
إنَّ عاليَ الهمةِ يَعلمُ أنَّه إذا لم يَزِدْ شيئًا في الدنيا فسوف يكونُ زائدًا عليها، ومِنْ ثَمَّ فهو لا يَرضى بأنْ يحتلَّ هامشَ الحياةِ، بل لابُّد أنْ يكونَ في صُلبِها ومَتْنِها عُضوًا مُؤثِرًا.
إذا ما مضى يومٌ ولم أصْطَنِعْ يدا * ولم أقتبِسْ علما فما هو من عُمري
إنَّ كبيرَ الهمةِ نَوعٌ من البشرِ تتحدى همتُهُ ما يَراهُ مُستَحِيلا، ويُنْجِزُ ما يَنْوءُ به العُصْبَةُ أُولُو القُوةِ، ويَقْتَحِمُ الصِّعَابَ والأهوالَ لا يَلْوي على شيء.
له هِمَمٌ لا مُنْتَهى لكبارها ... وهمتُهُ الصُّغرى أجلُّ من الدهرِ
فعالي الهمةِ لا يَرضى بما دُونَ الجَنَّةِ.
إنَّ كبيرَ الهمةِ لا يَعْتَدُّ بما له فَناءٌ، ولا يَرضى بحياةٍ مُسْتَعَارَةٍ، ولا بقُنيةٍ مُسْتَرَدةٍ، بل هَمُّهُ قُنيةٍ مُؤبَدَةٍ، وحياةٍ مُخَلَّدةٍ، فهو لا يزالُ يُحَلِّقُ في سماءِ المعالي، و لا يَنتهي تَحْلِيقُهُ دُونَ عِلِّيينَ، فهي غايتُهُ العُظْمَى، وهمُّهُ الأسمى.
عالي الهمَّةِ شريفُ النّفسِ يَعرف قدرَ نفسِهِ ، في غَيرِ كِبْرٍ، ولا عُجْبٍ ، ولا غُرُورٍ ، وإذا عرفَ المرءُ قَدْرَ نفسِهِ، فصانَها عن الرذائلِ، وحفظَها من أنْ تُهَانَ، ونزَّهَها عن دَنَايا الأُمُورِ وسفاسِفِها في السِّرِ والعلنِ، وجنَّبَها مواطنَ الذُّلِ بأنْ يُحَمِّلَها ما لا تَطيقُ أو يَضعَها فيما لا يَليقُ بِقدرِها، فتبقى نفسُهُ في حِصْنٍ حَصِينٍ، وعِزٍّ مَنِيعٍ لا تُعْطَى الدَّنِيَّةَ، و لا تَرضى بالنَّقصِ، ولا تَقْنعُ بالدُّونِ .
إنَّ سُقُوطَ الهممِ وخَسَاسَتَها حَلِيفُ الهَوانِ، وقَرِينُ الذُّلِ والصَّغَارِ، وهو أصلُ الأمراضِ التي تَفَشَّتْ في أُمَّتِنَا، فأَورَثَتْها قَحْطَا في الرِّجالِ، وجَفَافَا في القرائحِ، وتقليدًا أعمى، وتَوَاكُلا وكَسَلا، واستسلاما لما يُسَمَّى الأمرَ الواقعَ.
كُلُّ ذُلٍّ يُصيبُ الإنسانَ من غيرِهِ، وينالُهُ من ظاهرِهِ: قريبٌ شِفَاؤُهُ، ويَسيرٌ إزالتُهُ، فإذا نَبعَ الذُّلُّ من النفسِ، وانْبَثَقَ من القلبِ، فهو الدَّاءُ الدَّويُّ، والموتُ الخَفِيُّ.
قال الفاروقُ عمرُ -رضي الله عنه-:
"لا تُصغرنَّ هِمتَكَ، فإنّي لم أرَ اقعدَ بالرجلِ من سُقُوطِ همتِهِ".
وقد قيل: المرءُ حيثُ يجعلُ نفسَهَ، إنْ رفعَهَا ارتفعتْ، وإنْ قَصَرَ بها اتْضَعَتْ.
قال ابنُ الجوزيِّ -رحمه الله-: "وقد عرفتُ بالدليلِ أنَّ الهمَّةَ مولودةٌ مع الآدمي، وإنَّما تَقْصُرُ بعضُ الهممِ في بعضِ الأوقاتِ، فإذا حُثَّتْ ثَارتْ، ومتى رأيتَ في نفسِكَ عجزا فَسَلِ المُنْعِمَ، أو كسلا فالجأْ إلى المُوَفِّقِ، فلن تنالَ خيرا إلا بطاعتِه، ولن يَفُوتَكَ خيرٌ إلا بمعصيتِهِ".
وقال أيضا -رحمه الله- في (صيد خاطره): "قالَ الكلبُ للأسدِ يوما: يا سيِّدَ السباعِ غَيِّرْ اسمي فإنَّه قبيحٌ، فقال له: أنتَ خائنٌ لا يَصلحُ لك غيرُ هذا الاسمِ، قال: جَرِّبْني, فأعطاه قطعةَ لحمٍ، وقال له: احفظْ هذِهِ إلى الغَدِ وأنا أُغَيِّرُ اسمَكَ؛ أخذَ الكلبُ قِطْعةَ اللحمِ، وبعد زمنٍ جعلَ الكلبُ يَنظرُ إلى اللحمِ ويصبرُ، فلمَّا غلبتْهُ نفسُهُ، قال: وأيُّ شيءٍ في اسمي، وما كلبٌ إلا اسمٌ حسنٌ، وأكلَ اللحمَ.
يقول ابنُ الجو زىِّ: "وهكذا خَسيسُ الهمةِ القنوعُ بأقلِ المنازلِ، المختَّارُ لعاجلِ الهوى على آجلِ الفضائلِ، فاللهَ اللهَ في حريقِ الهوى إذا ثارَ فانظرْ كيفَ تُطْفِئُهُ".
المشكلةُ هي قناعةُ الشخصِ بالمستوى الذي هو فيه، فإذا اقتنعَ بذلِكَ فاعلمْ أنَّ هذِهِ هي أولُ خُطوةٍ في الانحدارِ.
فهذا عبدُ الله بنُ مسعودٍ -رضي الله عنه- يقولُ عنه شَقِيقُ بنُ عبدِ الله: مَرِضَ عبدُ الله بنُ مسعودٍ فعُدْنَاه، فجعلَ يَبْكِى، فَعُوتِبَ، فقال: إنَّي لا أبكى لأجْلِ المرضِ فإنَّي سمعتُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يقول:المرضُ كَفَّارةٌ، وإنَّما أبكى أنَّه أصَابَني على حالِ فَتْرَةٍ، ولم يُصِبْني في حالِ اجتهادٍ، فإنَّه يُكْتَبُ للعبدِ مِنْ الأجرِ إذا مَرِضَ ما كانَ يُكْتَبُ له قَبْلَ أنْ يَمْرَضَ فمَنَعَه مِنْهُ المَرَضُ.
والإمامُ الطبريُّ جَلَسَ أربعين سنةً، وهو يَكْتُبُ كُلَّ يومٍ أربعين ورقةً في التأليفِ.
وابنُ الأَثِيرِ أَلَّفَ كُتُبَهُ الرائعةَ كـ (جامع الأصول)، و(النهاية في غريب الحديث) بسبَبِ أنَّهُ مُقْعَدٌ.
وابنُ القَيِّمِ كَتَبَ زَادَ المَعَادِ وهو مُسافرٌ.
والقُرْطُبيُّ شَرَحَ صَحِيحَ مُسْلِمٍ وهو على ظَهْرِ سَفِينَةٍ.
وشيخُ الإسلامِ ابنُ تَيمِيَةَ -رحمه الله- جُلُّ فتَاويه كتبَها وهو في السِّجْنِ.
وابنُ الجَوزىِّ يَتحدثُ عن نفسِهِ ويقول: "نظرتُ إلى عُلُو الهمَّةِ فرأيتُها عجبًا، وذلك أنَّني أَرُومُ الليلَ كُلَّ العُلُومِ، وهذا أمرٌ يَعْجَزُ العُمُرُ عَنْ بعضِهِ، وأرومُ نهايةَ العملَ بالعلمِ، مع مُطَالَعَةِ التَّصَانيفِ وإفادةِ الخَلْقِ، وأرومُ الغِنى عَنْ الخَلْقِ، والاشتغالِ بالعلمِ مانِعٌ من الكَسْبِ، وها أنا ذا احفظُ أنفاسي منْ أنْ يَضيعَ منِّها نَفَسٌ في غيرِ فائدةٍ".
والإمامُ النوويُّ -رحمه الله- وصفَ حياتَهُ لتلميذِهِ ابنِ العَطَّارِ، فذكرَ لَهُ أنَّه كانَ يَقرأُ كُلَّ يومٍ اثنا عَشَرَ درسًا على مشايخِهِ شرحًا وتصحيحًا: درسين في (الوسيط), ودرسًا في (المهذب), ودرسا في صحيحِ مُسلمٍ ,ودرسا في (اللمع), ودرسا في (إصلاح المنطق), ودرسا في التصريف, ودرسا في أصول الفقه, ودرسا في أسماء الرجال, ودرسا في أصول الدين, قالَ وكنتُ اعلِّقُ على جميعِ ما يَتعلقُ بها من شرحٍ مُشْكَلٍ، ووُضُوحِ عِبَارةٍ، وضَبْطِ لُغَةٍ، وبارك الله تعالى في وقتي.
وهذا عبدُ الله بنُ المُبَارَك نورُ مروٍ وجمالهُا، ونجمُها وهلالهُا, يقول عنه محمدُ بنُ أَعينَ -وكانَ صاحبَهَ في أسفارِهِ-: "كانَ ذاتُ لَيلةٍ ونحنُ في غَزَاةِ الرُومِ ذهبَ لِيَضَعَ رأسَهُ لِيُرِيَني أنَّه يَنامُ، فقمتُ أنا برُمْحِي في يدي قَبضتُ عليه ووضعتُ رأسي على الرُّمْحِ كأنِّي أنامُ كذلك, قالَ فَظَنَّ أنِّى قدْ نِمْتُ فقامَ فأخذَ في صلاتِهِ، فلم يَزلْ كذلك حتى طَلَعَ الفَجْرُ وأنا ارْمُقُهُ, فلمَّا طلعَ الفجُر أَيقَظَنِي وظنَّ أنِّى نائمٌ، فقالَ يا محمدُ, فقلتُ إنِّي لم أنمْ، قال: فلمَّا سمعها منى ما رأيتُهُ بعدَ ذلك يُكلِّمُني، ولا يَنْبَسِطُ إليَّ في شيء من غَزَاتِهِ كلِّها كأنَّه لم يُعْجِبْهُ ذلك منى لَمَّا فَطنتُ له العَمَلَ، فلم أزلْ أعرفُها فيِهِ حتى ماتَ، ولم أرَ رجلا أَسَرُّ بالخيرِ مِنْهُ.
وعن القاسمِ بنِ مُحمدٌ، قال: كُنَّا نُسَافِرُ مع ابنِ المُبَارَكِ فكثيرًا ما كانَ يَخْطُرُ بِبَالي فأقولُ في نفسي: بأيِّ شيءٍ فُضِّلَ هذا الرجلُ علينا، حتى اشْتَهَرَ في النَّاسِ هذِهِ الشُّهْرةَ؟ إنْ كانَ يُصَلى إنَّا لَنُصَلي, وإنْ كانَ يَصُومُ إنَّا لَنَصُومُ, وإنْ كانَ يَغزُو فإنَّا لَنَغْزُو ,وإنْ كانَ يَحُجُّ إنَّا لَنَحُجُّ، قالَ فكنَّا في بعضِ مَسِيرِنا في طريقِ الشَّامِ، فتعشى ليلةً في بيتٍ إذ طُفِىء السِّرَاجُ، فقامَ بعضُنا فأخذَ السِّراجَ وأخذَ يَستطلِعُ، فمكثَ هُنَيَّةً ثُمِّ جاءَ بالسِّراجِ، فنظرتُ إلى وجهِ ابنِ المُباركِ ولحيَتُهُ قدْ ابْتَلَّتْ من الدُّموعِ، فقلتُ في نفسي بهذِهِ الخشَّيةِ فُضِّلَ هذا الرجلُ علينا, ولعله حين فُقِدَ السِّراجُ وصارَ إلى ظلمةٍ ذكرَ القِيَّامةَ".
وكانَ عَلى بنُ الحُسين يَحملُ جِرابَ الخُبزِ على ظهرِهِ بالليل ويتصدقُ به ويقولُ: "إنَّ صدقةَ السِّرِ تُطفىء غضبَ الربِّ".
قال عمرو بنُ ثابتٍ: "لما ماتَ علىُ بنُ الحسين فغسلوه جعلوا ينظرون إلى آثارِ سوادٍ بظهرِهِ، فقالوا: ما هذا، فقيل: كانَ يحملُ جِرابَ الدقيقِ ليلًا على ظهرِهِ، فيُعْطِيهِ فُقراءَ أهلِ المدينةِ.
هذا الذي تَعرفُ البَطْحَاءُ وطأتَهَ *** والبيتُ يَعرفُهُ والحلُّ والحرمُ
إذا رأتْهُ قريشٌ قال قائلُها *** إلى مكارمِ هذا يَنْتَهِي الكَرَمُ
وداودُ ابنُ أبى هندٍ صامَ أربعين سنةً لا يعلمُ به أهلُهُ ولا أحدٌ من النَّاس, وكانَ خَبَّازًا فيَحملُ مَعَهُ طعامَهُ من عندِ أهلِهِ فيَتصدقُ به في الطريقِ ويرجِعُ عَشِيَّا فيَفْطِرُ معهم, فيَظنُّ أهلُ السُّوقِ أنَّه قدْ أكلَ في البيتِ ويَظنُّ أهلُهُ أنَّه قدْ أكلَ في السوق.
فكيفَ تَرتقي الهِمَمُ إنْ وَجَدَتْ بعد إيمانٍ باللهِ!!!!!!!!!!!!!
* (العلمُ والبصيرةُ) العلمُ يَصعدُ بالهمَّةِ، ويَرفعُ طَالِبَه عَنْ حَضِيضِ التَّقْلِيدِ، ويُصفِّي النِّيَّةَ.
* (إرادةُ الآخرةِ، وجَعْلُ الهُمُومِ همَّا واحداً)، قالَ تعالى: {وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا }[ سُورَةُ الإِسْرَاءِ :19].
وقال -صلى اللهُ عليه وسلَمَ-: "مَنْ كَانَ هَمُّهُ الْآخِرَةَ، جَمَعَ اللهُ شَمْلَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ الدُّنْيَا، فَرَّقَ اللهُ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ" رواهُ أحمدُ.
* (كَثْرَةُ ذِكْرِ الموتِ) رُوي عَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللَّهَ اذْكُرُوا اللَّهَ جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ، قَالَ أُبَيٌّ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلاَةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلاَتِي؟ فَقَالَ: مَا شِئْتَ. قَالَ: قُلْتُ: الرُّبُعَ، قَالَ: مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ، قُلْتُ: النِّصْفَ، قَالَ: مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ، قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ، قَالَ: مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ، قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلاَتِي كُلَّهَا قَالَ: إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ.رواهُ التِّرمِذِيُّ وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
مُصَاحَبَةُ أهلُ الهِمَمِ مِنْ العُلماءِ ومَنْ على شَاكِلَتِهِم
إنَّ الأمةَ التي تَهتمُ بالنابغين، تَصْنَعُ بهم مُسْتقبلَها المشرقَ، لأنَّهم يُصْلِحون أمرَها، ويُسهمون في ازدهارِها، والأمةُ التي تُهْمِلُ رعايةَ نابغِيها سوف تَشْقَى حين يتولى أمورُها جَهلةٌ قاصرون يُورِدُونَها المَهَالِكَ، أو مرضى نَفْسِيونَ مُعَقَّدُونَ يَسُومونَها سُوءَ العذابِ، أو سَفَلَةٌ أصحابُ نفوسٍ دَنِيَّئةٍ وهِمَمٍ خسيسةٍ يَبِيعُونَها لأعدائِها بثمنٍ بَخْسٍ.
كيفَ يكونُ الإنسانُ إيجابيًا في نفعِ المسلمين، وفي نفعِ إخوانه في القِيامِ بما أَوجَبَ اللهُ من الدعوةِ، والأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المنكرِ، كيف يكونُ إيمانيًا، فيتألمُ ويَتحرقُ لما يَراهُ مِن حالِ المسلمين، فيكونُ عِنْدَهُ من الهمِّ ما يَبعثُ لديه هَمُهُ فيَجعلُهُ يَنْطلقُ نحوَ عَمَلِ الخيرِ بجميعِ وسائلِهِ وطُرُقِهِ، لا يَحول دون ذلك حائلٌ، ونحن بحاجةٍ مَاسَّةٍ لهذا، خصوصًا في هذا الزمنِ الذي كَثُرَتْ فيه الفِتَنُ، ونَشَطَ فيه أهلُ الباطلِ نشاطًا لم يُسبقْ، ولهم من الإمكانيات ما لا يَخفى حتى استطاعوا بهذه الإمكانيات أنْ يَغزُوا المسلمينَ في بُيُوتهم.
وهذا أمرٌ لا شكَ أنَّ ظاهرَهُ ونتائجَهُ جليةٌ واضحةٌ، وهم واللهِ يعملون على مدارِ الساعةِ، والأهدافُ معروفةٌ ومرسومةٌ.
لكنْ يَنبغي أنْ تَنظرَ إلى هذا بأنَّه الزُبَدُ الذي يَذْهَبُ جُفَاءً لكنْ بشرطِ أنْ يُوجَدَ الحَقُّ، وأنْ يُوضَّحَ، واللهُ سبحانَه قَضَى أنَّ الحقَّ لابدَّ له من رجالٍ يَحملونَهُ مُؤَهَلُونَ لذلك.
وانظروا لما بُعِثَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلمَ- فإنَّه قدْ قامَ وحيدًا يُنَادي الناسَ: قولوا لا إله إلا اللهُ تُفْلِحُوا، أَنقِذُوا أنفسَكم من النَّارِ، ولم يكنْ معه أحدٌ، فقامَ عليه الصلاةُ والسلامُ على تَربِيَةِ جِيلٍ ورجالٍ يَحملون معه هذه المسئوليةَ التي حَمَلَّهُ اللهُ إياها، فأخذَ يدعو اللهَ، وجاءَ مِنْ حولِهِ أصحابُهُ وأتباعُهُ، ولما أقبلوا إلى الإسلامِ راغبينَ نالَهم مِنْ الأذى والمَشَقَّةِ، ومِنْ التَّعَدي والظُّلْمِ، ومِنْ الضَّربِ والبَطْشِ الشيءَ الكثيرَ ولكنْ مَعَ الصَّبْرِ واليَقِينِ نَالوا الإمامةَ في الدِّينِ.
اللهُمَّ أَبْرِمْ لهذه الأمَّةِ أمرَ رُشْدٍ يُعَزُّ فيه أهلُ الطاعةِ ويُذَلُّ فيه أهلُ المعصيةِ، وتُرفَعُ فيها رَايَةُ التَّوحِيدِ، ويُأمرُ فيها بالمعروفِ ويُنْهى فيها عَن المنكرِ..اللهم آمين.
للشيخ

صلاح الدين بن علي بن عبد الموجود


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
جنى
عضو مثابر
عضو مثابر



الهِمَمُ الخَسِيسَةُ لا تَصْنَعُ الأُمَمَ 47482548
عدد المساهمات : 237
نقاط : 311
تاريخ التسجيل : 18/03/2010

الهِمَمُ الخَسِيسَةُ لا تَصْنَعُ الأُمَمَ Empty
مُساهمةموضوع: رد: الهِمَمُ الخَسِيسَةُ لا تَصْنَعُ الأُمَمَ   الهِمَمُ الخَسِيسَةُ لا تَصْنَعُ الأُمَمَ I_icon_minitimeالإثنين 19 يوليو 2010, 6:24 pm

ماشاء الله طرح مبارك ان شاء الله
جزاك الله الفردوس الاعلى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأثرية
إدارية
إدارية
الأثرية


الهِمَمُ الخَسِيسَةُ لا تَصْنَعُ الأُمَمَ E8s7dt
عدد المساهمات : 1792
نقاط : 2188
تاريخ التسجيل : 20/10/2009
الموقع : موقع الشيخ رسلان

الهِمَمُ الخَسِيسَةُ لا تَصْنَعُ الأُمَمَ Empty
مُساهمةموضوع: رد: الهِمَمُ الخَسِيسَةُ لا تَصْنَعُ الأُمَمَ   الهِمَمُ الخَسِيسَةُ لا تَصْنَعُ الأُمَمَ I_icon_minitimeالثلاثاء 20 يوليو 2010, 12:32 am

وإياكِ بارك الله بكِ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الهِمَمُ الخَسِيسَةُ لا تَصْنَعُ الأُمَمَ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منابرأهل الأثر :: المنبر الإسلامي الحر :: المنبر الإسلامي الحر-
انتقل الى: